خاص

اندريه ناكوزي: أختار الأدوار التي تستفزني وتدفعني للأمام

• ترى أن المسرح ركيزة الممثل الناجح

نشر في 08-02-2018
آخر تحديث 08-02-2018 | 00:00
No Image Caption
بعد سنين طويلة في العمل المسرحي نجحت الممثلة اللبنانية أندريه ناكوزي في لفت نظر الجمهور الدرامي منذ مشاركتها الأولى في «وأشرقت الشمس»، مروراً بـ«قلبي دق» و«مش أنا»، وصولاً إلى «الحب الحقيقي»، بفضل أدائها المتقن والعفوي الذي حوّل كل دور تؤديه إلى حديث الجمهور التلفزيوني.
عن خبرتها المسرحية ومسيرتها التلفزيونية ودورها المرتقب في الجزء الثاني من «الحب الحقيقي»، تحدثت إلى «الجريدة».
حققّت مسيرتك بتدرّج لافت وثابت من المسرح إلى التلفزيون. أخبرينا عنها.

شاركت منذ سني الدراسة في 10 مسرحيات على الأقلّ مع مخرجين مهميّن أمثال الراحل الكبير منصور الرحباني، وميشال جبر، وكميل سلامة، وبيتي توتل، وآخر أعمالي كان إلى جانب الأستاذ زياد الرحباني مسرحية «مجنون يحكي». فضلاً عن مشاركتي في مسارح للأطفال وورش عمل ومشاريع كثيرة أكسبتني كلها خبرة واسعة. إلا أنني حينها تملّصت من الدراما التلفزيونية التي كانت متراجعة آنذاك، مركّزة على المسرح، شغفي الأكبر وحلمي الطفولي الذي سعيت بجديّة إلى تحقيقه ونجحت. إلى أن عُرض عليّ دور الشيخة ناهية في مسلسل «وأشرقت الشمس» فتعرّف الجمهور إليّ ونلت بفضله جائزة «موركس دور» عن أفضل ممثلة واعدة.

أليس إجحافاً أن ينتظر الممثل المسرحي ذو الخبرة الواسعة دوراً تلفزيونياً ثانوياً لتحقيق الانتشار؟

رفضت بقرار شخصي عدداً من العروض الدرامية قبل المشاركة في «وأشرقت الشمس» الذي مهّد أمام انتشاري والإضاءة على أدائي، ومذّاك أظهر في الأعمال الدرامية بأدوار مؤثرة بتركيبتها وصعوبة أدائها.

يعني ذلك أن الخبرة المسرحية هي التي مهّدت لنجاحك في أداء الشخصيات الصعبة؟

طبعاً. أي ممثل لا يسعى إلى اكتساب الخبرة وتطوير نفسه وتطبيق ما اكتسبه أكاديمياً في العمل الميداني سيبقى ضعيفاً. المسرح ركيزته ليتمكّن من أدائه كونه مخزوناً مهماً للخبرة، فهو يصقل الجسد والصوت في المواجهة المباشرة مع الجمهور، فيصبح الممثل قادراً على انتقاء الأدوار النوعية وتقديم أداء مميّز، والدليل على ذلك اختياري الأدوار الصعبة التي تحتاج إلى تركيز كبير.

كأن المسرح سيبقى المحطة الأساس والأهم لديك.

المسرح شغفي، لذا لن أهمله من أجل الدراما التلفزيونية التي لن ألغي دورها أيضاً من أجله. هما متكاملان لديّ، ورغم أن التلفزيون وسيلة الانتشار الأوسع وجمهوره من الفئات العمرية والاجتماعية كافة، فإنني لن أرفض أي عرض مسرحي متكامل العناصر وجميل، خصوصاً أن الخشبة آلية تعبئة متجددة لنشاطنا، نعود بعدها بقوّة إلى الدراما التلفزيونية.

حالفك الحظّ بالعمل مع الرحابنة في بداية مسيرتك المهنية.

بدأت مسيرتي المهنية من خلال مسرح الرحابنة بدور بدوية في «حكم الرعيان»، وكانت شخصية صعبة. اكتسبت خبرة واسعة حينذاك بالنسبة إلى ممثلة مبتدئة على مقاعد الدراسة، خصوصاً إن إنتاجات الرحابنة ضخمة تضمّ عدداً كبيراً من الممثلين، وتجول البلدان للمشاركة في مهرجانات دولية. أما بالنسبة إلى الوقوف على الخشبة مع الأستاذ زياد الرحباني، فكان شعوراً رائعاً لأنه كان غائباً مدّة طويلة عن المسرح ووجدتني أقف إلى جانبه مدّة ساعة ونصف الساعة على الخشبة.

أدوار درامية

قدّمت أدواراً درامية متشابهة نوعاً ما، عمادها الغيرة المرضية والحبّ من طرف واحد.

في رأيي، إنها أدوار مختلفة بعضها عن بعض شكلاً ومضموناً رغم أنها تلتقي ربما في الغيرة والحب من طرف واحد. شخصية «ليال» في «الحب الحقيقي» تصاعدية وفي تطوّر دائم وفق الأحداث، وهي التي أحبّت «ركان» منذ الطفولة ولم تعرف شاباً غيره صُدمت بزواجه من أخرى فحاولت عرقلة علاقته الزوجية. أما الشيخة ناهية المغرمة بخطيبها، فحاولت عن حقّ، الحفاظ على حبّها بعد دخول فتاة أخرى إلى الخطّ. بينما في «مش أنا»، فبلغت غيرة «نادين» من صديقتها حدّ المرض إلى أن انتصرت صداقتهما في النهاية.

هل اخترت بنفسك هذه الأدوار الصعبة أم أن ثمة من لمس لديك هذه الموهبة؟

الاثنان معاً صراحة. أسعى عند قراءتي النص إلى اختيار الدور الذي يستفزّني ويطوّرني ويدفعني إلى الأمام، ويكون حافزاً لديّ للتفكير والتحضير. من ناحية أخرى، عندما يرى الكاتب أو المخرج أو المنتج أنني قادرة على تقديم أدوار مماثلة عندها من الطبيعي أن يفكّر بي عند طرح شخصيات صعبة ومركّبة تحتاج إلى جهد كبير.

حفظ الجمهور أدوارك رغم أنها ليست بطولة أولى، فكيف حققت ذلك؟

عندما يضع الممثل جانباً تراتبية دوره في العمل ويؤديه كأنه دور البطولة الأولى عندها يؤثر في الناس. وعندما نعمل على ابتكار خطوط تصاعدية ومتشعبة للشخصية لئلا تكون سطحية بل ذات بُعد ما، عندها يستطيع الجمهور أن يراها شخصية حقيقية موجودة في مجتمعه. من جهة أخرى، نفور المشاهدين من شخصية «غير محبوبة» يعني أنني أديتها كما يجب.

هل استطعت شخصياً التعاطف مع هذه الشخصيات النافرة؟

لا يمكن أن أؤدي دوراً بصدق إن لم أحبّه بعمق وأتعاطف معه، حتى «ليال» وجدتها منجذبة نحو الخير بسبب «ركان» ووالدها، لكنها عندما خسرت الاثنين انحرفت نحو الشر بسبب أفكار عمها. كذلك أراها متميّزة عن شخصياتي السابقة لأنها تخطط بذكاء لا بانفعال.

الحب الحقيقي

أي خط تصاعدي سنشهد لشخصية «ليال» في الجزء الثاني من «الحب الحقيقي» (إخراج جوليان معلوف، وسيناريو وحوار باسكال حرفوش ولمى مرعشلي)؟

سنرى من جهة انكساراً أكبر لها، ومن جهة أخرى تحولاً في حياتها بسبب الأحداث والصدمات، فنشاهد تطوّرات إيجابية وأخرى سلبية في مسارها الدرامي.

لم تكن تجربة المسلسلات الطويلة ناجحة كثيراً، فكيف سيتلقف الجمهور في رأيك الجزء الثاني؟

لكل شخصية خطّها الدرامي المستقل والمتشعّب، من ثم لا يرتكز المسلسل على ثنائية وحيدة تدور حولها الأحداث إنما ثنائيات مختلفة لكل منها أحداثها وتطوراتها، ما يشوّق الجمهور على متابعة تطوّرات الشخصيات كافة.

إنها استراتيجية ذكية من المحطة بعرضه في شهر رمضان وسط المنافسة الدرامية.

حقّق المسلسل في جزئه الأول نسبة مشاهدة مرتفعة مقارنة بالمسلسلات الأخرى، لذا أظنّ أن الجمهور سينتظر الجزء الثاني سواء عُرض في رمضان أو أي شهر آخر.

دراما رمضانية

حققت أعمالك الدرامية التي عُرضت في شهر رمضان نجاحاً لافتاً، ما أسهم في انتشارٍ أوسع لك.

طبعاً. أحمد الله أنني شاركت بأعمال رمضانية ناجحة من خلال أدوار ذات مادة درامية مميّزة استطعت من خلالها لفت نظر الجمهور، وهذا أمر صعب تحقيقه دائماً لذا نفرح كثيراً إذا توافر . صحيح أن لا وجود لعمل مثالي متكامل، إنما من الجيّد توافر أمور إيجابية كثيرة.

لم تشاركي سوى في مسلسل عربي وحيد، هل ثمة مشاريع أخرى في هذا الإطار؟

عندما عُرض عليّ مسلسل «حلاوة الروح» تحمّست كثيراً لأنني أردت التعرّف إلى المخرج شوقي الماجري، وهو أحد أهم المخرجين العرب ويتميّز عمله بالجمالية والجديّة. فضلاً عن مشاركتي مع نخبة مهمّة من الممثلين العرب من بينهم الفنان المصري الراحل خالد صالح، ومكسيم خليل، وفرح بسيسو، ودانا المرديني. من الطبيعي أن أرغب في المشاركة بأعمال مماثلة لأن الخليط العربي غنى للعمل الدرامي، إنما أتمنى أيضاً أن تتمكن الدراما اللبنانية الصرف من خرق السوق العربية.

هل النجاح الذي حققته في أعمالك كافٍ بالنسبة إليك؟

أنا ناقدة متعبة لنفسي. أتابع أعمالي لأرى نقاط الضعف والقوة في أدائي بهدف التطوير والتحسين من عمل إلى آخر. لذا لا أكتفي بنجاحي بل على العكس أسعى إلى الحفاظ على ما حققت وتقديم الأفضل في العمل المقبل، خصوصاً أن التلفزيون فاضح لا يمكن خداع جمهوره الذي يلحظ الممثل الصادق بأدائه.

إطلالة وسينما

هل نجاح الدراما اللبنانية وتطوّر إنتاجها يكفيان الممثل مادياً ومعنوياً؟ تقول أندريه ناكوزي: «واقع الدراما في السنوات الأخيرة مشرّف ما يحمّسنا على المشاركة أكثر في الأعمال، خصوصاً أن العروض لم تعد محصورة بمنتج أو منتجين. لدينا طاقات ومواهب إنما نحتاج إلى صناعة فعلية ودعم رسمي من أجل تمكين وضع الدراما والمسرح والسينما مادياً».

الممثلة اللبنانية التي تطوّع إطلالتها وفق الدور حتى أنها تتخلى عن الماكياج، وهذا أمر لافت في ظلّ الأضواء وما تفرضه من اهتمام جمالي، تذكر في هذا المجال: «أنا ممثلة يعني أنني خاضعة لما يتطلّبه الدور وليس لرغباتي الشخصية، وهذا أمر أختلف فيه مع بعض الممثلين والفنانين. الدور الدرامي هو البطل وليس الممثل بحد ذاته، فإذا احتاج أن أبدو بشعة أو أن أظهر من دون ماكياج أو أن أبدو أنيقة فكان له ما يريد».

أما حول مشاركتها في مشاريع سينمائية مرتقبة بعدما ظهرت سابقاً في «زنار نار» و«تنورة ماكسي» فتوضح: «أتمنى ذلك لأنني أحب السينما التي تقع في المرتبة الثانية لدي بعد المسرح. شاركت العام الماضي في فيلم the other side of November للكاتبة والمخرجة اللبنانية الكندية «ماريان زاحل» التي صوّرته بين لبنان وكندا مع ممثلين من البلديْن».

لدينا طاقات ومواهب فيما ينقصنا الدعم المادي
back to top