ترامب يواجه النخب بواقعية

نشر في 06-02-2018
آخر تحديث 06-02-2018 | 00:06
 واشنطن تايمز يوجّه الرئيس ترامب رسالة قويّة إلى النخب العالمية كالمنتدى الاقتصادي العالمي، وتتمثل سياسة أميركا أولاً في كشف قناع الخداع الساخر عن الأثرياء الأوفر حظاً الذين استغلّوا العاملين العاديين من الناس.

استفاد القياديون التقليديون ورؤساء الحكومات المحافظون والمديرون التنفيذيون وقادة المنظمات غير الحكومية والمشاهير كثيراً من النظام الدولي الليبرالي الذي دعمته الولايات المتحدة على مدى أجيال، وقد جعل نظام الاتفاقات الأمنية والاقتصادية والبيئية العالمية جى. بي. مورغان وشركة أبل (Apple) أكثر ثراءً، وأعطى الشرعية لأوكسفام وغرينبيس إضافة إلى توفير شهرةٍ أكبر للشخصيات الإعلامية.

بالنسبة إلى كثير من الناس العاديين تنشئ التجارة الحرة والشركات المتعددة الجنسيات المنتشرة في جميع أنحاء العالم، والحدود السهلة الاختراق من المهاجرين موجةً من الرخاء للجميع، ولكن بلادنا المسالمة المتعددة الثقافات أضحت كابوساً على الصعيد المحلّي.

ولهذا السبب أساساً تم انتخاب دونالد ترامب رئيساً، وسعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكسيت)، واضطرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الى تشيكل حكومة أقلية بمشاركة المهاجرين والمتشكّكين في أوروبا، وشكّلت الانتفاضات الشعبية ضغطاً كبيراً على السياسيين في أماكن أخرى.

فاحشو الثراء مخيفون في قوتهم وثروتهم وهيبتهم، هؤلاء هم النخبة وقد تقبلوا الأمر حين ألزمهم ترامب بمزيد من الاستثمار في الولايات المتحدة وحذّرهم بأنّ أميركا مهتمة فقط بالصفقات التجارية التي تعامل الناس العاديين بإنصاف. أميركا أولاً، لا تعني أن أميركا تعلو فوق كل الآخرين، بل إنّ على السياسيين في كلّ مكان الاهتمام بأمن ناخبيهم ومصالحهم الاقتصادية، وقد خدع القياديون التقليديون قادة الرأي في الجامعات ووسائل الإعلام والبيروقراطيات الوطنية حين اعتبروا أنّ مجرّد التوقيع على اتفاقات جديدة ودعم الاتفاقات القائمة يُعتبر نجاحاً كافياً.

أخفقت الدبلوماسية الأميركية على أكثر من صعيد كرفع مستوى التزامات الدول الغربية الأخرى المالية في مسألة الدفاع المشترك، وكذلك في حلّ مشاكلنا الأمنية المشتركة مع روسيا، وإلا لما كانت الأخيرة موجودة اليوم في شرق أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، وتشكّل خطراً رهيباً على بقية دول أوروبا بدعمها لطغاة الحرب المتسبّبن في أمواج من اللاجئين في سورية وغيرها.

وأخفقت الدبلوماسية في تبديد خطر التسلّح النووي في كوريا الشمالية أو التسلّح السريع للصين في منطقة المحيط الهادئ، وأخفقت في معالجة الضرر الاقتصادي أو مواجهة التحدّي المناهض للديمقراطية الذي تفرضه النزعة الصينية وما يصحب ذلك من انتهاكٍ لنظم وقواعد منظمة التجارة العالمية. وفي خضم كلّ ذلك، هناك المؤسسات الدبلوماسية الفاشلة، أي الأمم المتحدة، ومنظمة التجارة العالمية، واتفاق باريس للمناخ، وما شابه ذلك.

وفي الواقع لن تمارس الصين أو غيرها الضغط اللازم لإجبار كوريا الشمالية على الطاعة، ولذلك أرسلت الولايات المتحدة، في إجراء لم يسبق له مثيل، ثلاث حاملات طائرات وهي مستعدة لاتخاذ إجراء عسكري لإنهاء تهديد بيونغ يانغ بتدمير سياتل.

إن آليات تسوية النزاعات في منظمة التجارة العالمية غير كافية لوقف الغش الصيني في قوانين التجارة والملكية الفكرية، لذلك تتخذ الولايات المتحدة إجراءات أحادية الجانب للدفاع عن الصناعات الأميركية.

أما اتفاق باريس للمناخ فهو خدعة ليس إلا لأنه يطلق يد الصين في البيئة والصين أسرع ملوّث ينمو في العالم، وهذا الاتفاق إنما يسمح لها بإلحاق مزيد من الأضرار في الغلاف الجوي، في حين تخفّض الولايات المتحدة من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون لديها بشتى الطرق.

أما عن تقصير ترامب، فهو لا شكّ مقصر في عدم تقديم مجموعة من البدائل المدروسة لإصلاح منظمة التجارة العالمية، واتفاق باريس، ولكن لا ينبغي أن ينتقد لفشله عبر مواصلة دفاعه عمّا لا يمكن الدفاع عنه، ويحاول ترامب ببساطة أن يقول للقياديين التقليديين إنّ الإمبراطور ليس لديه ملابس!

* بيتر موريتشي

* خبير اقتصادي وأستاذ إدارة الأعمال في جامعة ميريلاند.

* «واشنطن تايمز»

back to top