روائي مبدع من السعودية!

نشر في 03-02-2018
آخر تحديث 03-02-2018 | 00:19
 د.نجم عبدالكريم جيل قُراء قصص وروايات الخمسينيات والستينيات كان يتلقف "الوسادة الخالية" و"النظارة السوداء" وغير ذلك من روايات إحسان عبدالقدوس، و"قنديل أم هاشم" ليحيى حقي، ونادية ليوسف السباعي، وثلاثية نجيب محفوظ، والقصص القصيرة ليوسف إدريس، وهناك محمد عبدالحليم عبدالله، وغير ذلك من مئات العناوين من الروايات والنماذج التي جئت عليها لعشرات من الكُتاب المصريين.

***

• ثم حدثت انعطافات خففت من وهج الإقبال على قراءة الروايات المصرية، بعد أن نشطت الحياة الثقافية في العديد من البلدان العربية، وأبرزها المملكة العربية السعودية، حيث ظهرت روايات لافتة برز فيها عدد من الروائيين والروائيات الذين أثبتوا إمكاناتهم الأدبية في مضمار القصة والرواية بجدارة.

لا أريد الوقوف أمام ظاهرة غازي القصيبي الذي كان الأكثر تنوعاً في هذا المجال، ولا يتسع المقال هنا لإبداعات عبده خال وغيره بعدما تملكني الانبهار برواية "سقف الكفاية" لمحمد حسن علوان، فهو يكتب رواية بلغة شعرية وبمفردات منحوتة نحتاً، ولكني أضرب لكم مثلاً عملياً ببعض نماذجه:

• لم تكوني أنتِ امرأة عادية حتى يكون حبي لك عادياً. كنتِ طوفاناً يجرف أمامه كل أشجار القلق وجلاميد الترقب والتروي. كنتِ قادمة كوجه الفجر الذي يُسقط رهبانية الليل الطويلة. كنتِ نازلة على جبين الكوكب المهجور وبين يديك ماءٌ وحياة ومخلوقات ودورة شمسية جديدة.

كنتِ حبيبتي، ذلك الإتيان الأنثوي العاصف الذي لا يمنح الأشياء تفسيراتها بينما يكوّن اتجاهات جديدة على خريطة الحياة، يخلق أمماً وحضارات. يغير تواريخ الميلاد وعادات الليل والأحلام المعلقة على جدار النهار، وقوانين الصمت والكلام، والنظام الأزلي لنبضات القلب.

نوعك هذا من النساء لا يرفق بي، أنا عاشق المرة الأولى. إنه يسحقني حتى آخر خليةٍ تزورها الدماء، ثم يجمع فُتاتي ويلملم ذراتي ويعجنني من جديد، رجلاً آخر، كما يريدني الحب.

• ثم يخاطب حبيبته في مكان آخر من روايته:

قالت لي أمي ذات مساء: "السماء مليئةٌ بالنجوم يا ولدي. وكلها أساطير، هناك نجمة واحدة لك فقط، لا تلمع إلا ليلةً واحدةً في العمر".

وكنتِ أنتِ نجمتي التي تعلم، قبل ليلة اللمعان، أي رجال الأرض سيتبعها إذا نزلت، ويموت إذا أَفلت.

لم أكن أعلم أن عشق النجوم صعبٌ، لأنها لا تبقى، ولكنه قدري.

• وتكاد مفرداته هنا تتساوى بالشعر عندما يأتي على عنوان روايته "سقف الكفاية" في السطور التالية:

• حتى وإن فعلت، أي امرأة تلك التي ستكفيني بعد أن رفعتِ أنتِ سقف الكفاية إلى حد تعجز عنه النساء؟!

هذا السقف الشاهق، بمعجزاتك معي، ومأساتي معك.

عندما تنجح امرأة في الوصول بسقف الأنوثة إلى حدٍ تتساوى تحته النساء، وتستحيل فوقه النساء أيضاً.

لأني أتصنّمُ أمام قدراتكِ الأنثوية الهادرة. أتكسر على أرضية المعبد الحجرية. أترمد حفناً حفناً وأتناثر بين أخشاب التوابيت وخيوط المومياءات التي تصنمت وتكسرت وترمدت وتناثرت قبلي. فالأسئلة التي تتركينها ورائكِ تُشبه لغز النقوش الغامضة على جدران القبور لها حرقة الجرح المفتوح لقرون دهشةً وعويلاً لأنها لا تستطيع فهم الأسئلة المحنطة.

back to top