نظام الغذاء الغربي... كيف يضرّ جهازنا المناعي؟

نشر في 03-02-2018
آخر تحديث 03-02-2018 | 00:00
No Image Caption
لا تختلف استجابة جهازنا المناعي لنظام الغذاء الغربي عن كيفية تصديه لعدوى ناتجة عن بكتيريا خطيرة، بحسب بحث حديث قادته جامعة «بونّ» الألمانيّة ونشرته في مجلّة Cell (الخليّة).
كذلك توصلت الدراسة إلى نتيجة أخرى مثيرة للقلق، وهي استجابة جهازنا المناعي بشكلٍ مفرط لمحفّزات الالتهاب نتيجة لاتباع نظام الغذاء الغربي مدة طويلة. وللأسف في هذه المرحلة، لا يُصلح الانتقال إلى حمية صحية هذا الضرر.
كجزءٍ من الدراسة، أطعم الباحثون فئراناً معرّضة للإصابة بتصلّب الشرايين أطعمة مدرجة على لائحة نظام الغذاء الغربيّ، وهي عالية السعرات الحراريّة وغنيّة بالدهون وقليلة الألياف.

بعد شهرٍ فقط، أظهرت الفئران تغيّرات في أجسامها تشبه تفاعلات التهابيّة قويّة تحدث جرّاء عدوى بكتيريّة. تقول أنيت كريست، مؤلّفة رئيسة للدراسة وزميلة ما بعد الدكتوراه في جامعة "بونّ": "أدّى نظام الغذاء غير الصحّي إلى تزايدٍ غير متوقّع في عدد بعض الخلايا المناعيّة في دم الفئران، خصوصاً الخلايا المحبّبة والوحيدة".

ساعد ذلك الباحثين في معرفة ما الذي يمرّ به نخاع العظم، حيث توجد السلائف أو هذه الأنواع المحدّدة من الخلايا المناعيّة. قارنوا سلائف الخلايا النخاعيّة العظميّة المناعيّة الرئيسة بين الفئران التي اتّبعت نظام الغذاء الغربيّ، والفئران التي أطعمت طعاماً صحّيّاً يرتكز على الحبوب.

وجد الباحثون أنّ نظام الغذاء الغربي شغّل جينات عدة في خلايا السلائف، بما فيها ما يزيد الانتشار ويعزّز تفاعلات الجهاز المناعي الفطري. والأخير جزء من الجهاز المناعي، يتفاعل باستجاباتٍ سريعة وواسعة مع العدوى، ويتبعه في وقتٍ لاحق ردّ فعل محدّد أكثر من الجهاز المناعي التكيّفي.

تبين أن في بعض الحالات، تسهم التغيرات غير الصحية الطويلة الأمد في النظام الغذائي في الإصابة بالسكّري من النوع الثاني، وتصلّب الشرايين، بالإضافة إلى حالات أخرى عدة يُعتقد أنّ للالتهاب دوراً فيها، وارتبطت باتّباع الحمية الغربية.

العودة لا تجدي نفعاً

هدأ الالتهاب الحادّ لدى الفئران التي اتبعت نظام غذاء غربيّاً بعدما أعادها الباحثون إلى نظامها الغذائي الطبيعي المرتكز على الحبوب لأربعة أسابيع. لكنّ هذا التحوّل لم يعكس التغيّرات الأساسيّة التي أصابت الجهاز المناعي الفطري، فبقيت جينات عدة نشّطتها الحمية الغربية على حالها.

يقول البروفسور إيك لاتز، كبير مؤلّفي الدراسة ومدير معهد الجهاز المناعي الفطري في جامعة "بونّ": "في الفترة الأخيرة، تبيّن أنّ لدى الجهاز المناعي الفطري نوعاً من الذاكرة". ويشرح أنّ ثمّة عمليّة تدعى "تدريب المناعة الفطريّة" تحفّزها عادةً عدوى بكتيريّة، ولكن في حالة الفئران المشاركة في الدراسة، حفّزها نظام الغذاء الغربي. ويضيف: "يضمن تدريب المناعة الفطريّة أنّ بعد العدوى، يبقى الجسم في حالة تأهّب ليدافع عن ذاته بردٍّ سريع على هجومٍ جديد".

بروتين NLR

وجد فريق الباحثين أيضاً أنّ بروتيناً يُدعى NLR (مستقبلات النوكليوتيد الأشبه بمجال التماثل قليل الحدود) من أسرة بروتين البيرين، يحتوي على 3 (NLRP3)، وهو "وسيلة استشعار" للجهاز المناعي تميّز نظام الغذاء الغربي على أنّه مسبّب للأمراض، من ثم تحفّز الاستجابة الالتهابيّة.

فضلاً عن تحفيز الاستجابات المناعيّة من خلال بروتين NLRP3، يسبّب نظام الغذاء الغربي أيضاً تغيّرات جينيّة على المدى البعيد، فتسهل قراءة أجزاء الحمض النووي التي يصعب الوصول إليها عادةً.

يشرح البروفسور لاتز: "نتيجة لذلك، يتفاعل الجهاز المناعي تجاه المحفّزات كافة حتى أصغرها، باستجاباتٍ التهابيّة أقوى".

في المرحلة الأخيرة من الاختبارات، أكّد الفريق دور بروتين NLRP3 من خلال إظهار أنّ الفئران التي تفتقر إليه لم تطوّر التهاباً منهجيّاً من نظام الغذاء الغربي، ولم تظهر أيّاً من التغييرات طويلة الأمد الأخرى التي تشمله.

يقول البروفسور لاتز إنّ هذه النتائج تسلّط الضوء على التأثير الهائل لأنواع الأكل الخاطئة، بالإضافة إلى تأثيرها المهم في المجتمع. ويضيف: "علينا أن نمكّن أطفالنا من اتّخاذ قرارت واعية بشأن عاداتهم الغذائيّة".

back to top