أرجوحة: نحن نريد وهي تريد!

نشر في 02-02-2018
آخر تحديث 02-02-2018 | 00:08
 د. مناور بيان الراجحي دائماً نتغنى بحبها، ونعلن مراراً وتكراراً أن كل ما نفعله هو من أجل عينيها، وعشقاً لكل جزء فيها؛ لكن الحقيقة في كثير من الأحيان هي عكس ما نقول ونعلن، ونجد الكثير يفعلون ما يريدون ويشتهون مما يحقق مصالحهم، رافعين شعارات "من أجلها، في حبها، تنفيذاً لإرادتها، في عشقها" وغيرها من الشعارات الرنانة التي لا تتعدى الحناجر، وتملأ الجيوب وتنعش أرصدة البنوك، وتجعل التدرج في المناصب العليا أمراً سهل المنال.

والسؤال الآن هو: هل حقاً نحبها، ونفعل ما نفعله من أجل عينيها، وفي عشقها، أم أن الأمر لا يزيد على كونه نوعاً من أنواع المتاجرة والنصب التي انتشرت في هذه الأيام؟ ولكيلا أزيدك حيرة سيدي القارئ فالمحبوبة التي أتكلم عنها هي الكويت، بترابها وحبات رمالها، وبكل ذرةً على أرضها، بحلوها ومرها، هي كما هي لا نزيد عليها ولا ننقص، لأن الحب لا يتعلق بالزيادة والنقصان، بقدر ما يتعلق بما وقر في القلب وصدقه العمل الصادق والمخلص من أجل هذه الأرض الطيبة وشعبها العظيم.

قد يرى البعض أن الوطن جماد لا نبض فيه ولا حياة؛ لكنهم لا يدركون كيف يعيش فينا هذا الوطن، وكيف يحمل ويحفظ ذكرياتنا وأيامنا وأعمالنا الجميلة والجليلة على أرضه، فالوطن ليس جماداً يا سادة، الوطن هو الكائن الحي الذي يحملنا بداخله ونحفظه في قلوبنا.

نقطةٌ مهمة أخرى أن البعض قد لا يرى تعارضاً بين مصلحته الشخصية ومصلحة الوطن، وأنه لا عيب في أن يتم تحقيق المصالح الشخصية وفي الوقت ذاته المصالح العليا للوطن، وهو كلام من حيث المبدأ لا اعتراض عليه؛ لكن الشيطان يكمن دائماً في التفاصيل، فمن الذي يحدد ما الذي يريده الوطن، ومن الذي يحدد مفهوم المصلحة للوطن، ومن الذي يحدد مدى تحقق المصلحة ومدى فائدتها للوطن، فالكلام المعسول مؤثر جداً في البداية يا سادة وكله يحمل لافتات من أجل الكويت وفي حبها؛ لكن في الكثير من الأحيان والأمور- إلا من رحم ربي– تكون المصالح الشخصية الضيقة وقصيرة الأجل وذات النفع الأناني الشخصي هي الهدف الحقيقي والدافع الأساسي من أجل العمل.

إنها أكبر عمليات النصب والاحتيال والتزوير التي تتم على أرضنا يا سادة، النصب والاحتيال باسم الوطن، والاستيلاء على أموال الفقراء ومختلف المواطنين باسم حب الكويت، وما تريده الكويت، ومصلحة الكويت والحبل على الجرار، والكويت منهم براء، فلا هذا ما تريده الكويت، ولا هذا ما تستحقه الكويت من هؤلاء المنتفعين الذين أعطتهم وتعطيهم بلادهم كل غالٍ ونفيس، وهم يبيعونها في أسواق النخاسة بثمن بخس ورخيص.

فاتقوا الله في أوطانكم، واحفظوا أرضكم، وكفاكم تجارة البوار باسم الوطن ومحبته وتحقيق تطلعات شعبه وإرادته، فالوطن قد شبع من هذا الهراء، والشعب ملّ من الشعارات الرنانة التي تملأ جيوب المنتفعين، وتزيد الأعباء والمسؤوليات على عاتق المواطنين، فمتى يُسأل هؤلاء الأفاقون عن جرائمهم في حق الوطن، وعن تجارتهم الباطلة بأحلام البسطاء والحالمين؟ ومتى تتوقف مسلسلات التزلف باسم حب الوطن، ليظهر على السطح المخلصون والعاملون من أجل رفعة الكويت وأهلها؟

بمناسبة بدء الاحتفالات في أعيادها الوطنية ورئاستها لمجلس الأمن سطرنا ما سبق، ونختم، اللهم وفقنا الى ما تحبه وترضاه، ويسر لنا أمورنا، واحفظ كويتنا من شر الأشرار، وعافنا واعف عنا، وسلم أميرنا وولي عهده وحكومتنا الرشيدة وشعبنا الأبي من كل سوء. آمين.

أرجوحة "تويترية":

غرد الغالي صديق النضال نواف عبيسان ورددت عليه بهذا البيت:

يا كثر ما أخذنا من الدنيا تجاريب

لا شك ربع اللاش ما تنظر حذانا.

back to top