الأغلبية الصامتة: بغداد... لأول مرة

نشر في 01-02-2018
آخر تحديث 01-02-2018 | 00:09
بغداد عنيدة مع الموت وناسها يطلبون الحياة رغم قساوة الظروف الأمنية، وقد شعرت بذلك في اللحظات القليلة التي خرجنا فيها من المنطقة الخضراء، حيث كانت أغلب تحركاتنا، لقد نقل لي من عادوا لزيارة العراق أن أوضاع البصرة وهي قبلة الكويتيين الأولى تتجه بسرعة نحو الأمان.
 إبراهيم المليفي لم يتسن لجيل السبعينيات الكثير من الفرص لتكرار تجارب من سبقوهم في زيارة العراق، الجار الملاصق للكويت من جهة الحدود الشمالية، لقد عشنا السنوات العشر الأولى من أعمارنا لا نعرف أو نذكر الكثير من أسفارنا وهذا أمر طبيعي، وأتت السنوات العشر اللاحقة مخصوم منها ثماني سنوات هي عمر الحرب العبثية التي دخلها العراق مع إيران (1980-1988).

العشرية الثالثة التي بدأت بجريمة احتلال دولة الكويت أعادت رسم العلاقة بين الجارين وجعلت القطيعة هي الوضع الطبيعي بين دولة تم احتلالها ونظام عدواني انتهي بطريقة مدمرة له وللعراق في 2003، ورغم زوال الطاغية بقي الوضع الأمني المشتعل في العراق عقبة تمنع من يرغبون في زيارته للسياحة كما كانت الأوضاع في السبعينيات فيما عدا الزيارات العائلية والدينية والتجارية.

لقد تسنى لي خلال الفترة من 21 إلى 25 يناير الماضي زيارة العراق للمرة الأولى في حياتي ضمن الوفد الإعلامي الكويتي الذي زار بغداد للالتقاء بكبار المسؤولين قبيل انعقاد مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق منتصف الشهر الحالي، وأستطيع القول إن الكلمات وحدها لا تكفي لوصف حالة الترحيب والحفاوة التي أحاطت بالوفد الإعلامي من المطار إلى المطار، مما يعكس أهمية هذه الزيارة التي حملت وحُمّلت الكثير من الرسائل من أرفع المسؤولين العراقيين بما يخدم حاضر العلاقة بين الشعبين الشقيقين ومستقبلها.

لقد أدت نقابة الصحافيين العراقية وفريقها بقيادة الزميل مؤيد اللامي دورا محوريا في نجاح هذه الزيارة، وخير دليل هو برنامج زيارات لأرفع المسؤولين في الحكومة والبرلمان والقوى الفاعلة، بدءاً من رئيس الحكومة ووزراء الخارجية والدفاع والداخلية والثقافة والتخطيط ونائبي رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ونائبه الأول ومجموعة من المسؤولين في العديد من المؤسسات الحكومية المهمة.

وعودة على ذي بدء، ربما كان السؤال الذي تكرر معي هو ما انطباعاتك الأولى عن بغداد؟ وجوابي: هي عنيدة مع الموت وناسها يطلبون الحياة رغم قساوة الظروف الأمنية، وقد شعرت بذلك في اللحظات القليلة التي خرجنا فيها من المنطقة الخضراء، حيث كانت أغلب تحركاتنا، لقد نقل لي من عادوا لزيارة العراق أن أوضاع البصرة وهي قبلة الكويتيين الأولى تتجه بسرعة نحو الأمان، أما الشمال فهو رائق منذ فرض منطقة الحظر الجوي، أما الوسط فلا يزال الطريق أمامه طويلا حتى يتخلص من المؤثرات السلبية للإرهاب.

لقد مر الوقت سريعا في بغداد، ولا أذكر أكثر من حقيقة أن روابط الأخوة والجيرة لديها القدرة على خلق محطات التجدد في العلاقات مهما كانت الظروف والتحديات، وأختم متمنيا أن يكون مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق فرصة جديدة لتشجيع وجذب الفرص الاستثمارية الكفيلة بإنعاش الاقتصاد العراقي، وتعزيز شراكته مع جيرانه، وأولهم دولة الكويت.

back to top