القلوب النهمة!

نشر في 25-01-2018
آخر تحديث 25-01-2018 | 00:00
 مسفر الدوسري خلصوا قلوبكم سريعاً من الارتباط بالقلوب النهمة، تلك التي لا يُشبع جوعها وليمة حب، ولا يطفئ ظمأها كروم من حقول العنب!

القلوب نوعان، قلوب تبصر القليل كثيراً، وأخرى ترى الكثير قليلاً مهما كثر، قلوب ترتّل نبضها صلوات عذراء احتفاء بقطرة ماء كأنما امتلكت غيمة مدرارة، وأخرى لا تكف تحاول تجفيف السيل بالمحارم الورقية!

قلوب تعرف كيف تستثمر في داخلها بسيط العطاء لتجني كنزاً من الفرح، وأخرى ترى أن كنز الفرح لا يستحق إخراج زكاة عنه حتى بعد مرور الحول عليه!

قلوب إن أهديتها حلم حبة قمح وضعت بين يديك رغيفاً يكفيك أنت وكل الطيور التي تتفيأك، وأخرى إن أهديتها قوافل حنطة أحالتها إلى حبة رمل لا تسمن ولا تغني من جوع!

قلوب أشبه بحاضنات لتفريخ بيض السعادة، وأخرى أشبه بمقصلة لعنق الفضاء!

قلوب كالموشور أو المنشور الزجاجي، الذي أدهشنا صغاراً على مقاعد الدراسة، يمر به الضوء شفافاً فيخرج مرتدياً ألون قوس قزح، وأخرى تمر بها الشموس فتخرج من جهتها الأخرى فاتحة ظلام!

حاذروا أن تصبحوا فاتحة ظلام، أنتم إن وقعتم في قبضة القلوب الأخرى فإن مآلكم الظلام لا محالة، تلك القلوب الأخرى "حمالة حطب" ستلقي بكل ما على ظهرها من حمل عاجلاً آو آجلاً في النار، وسيكون ضمن حمولة الحطب تلك قلوب وقعت لسوء حظها في شِراك حبُها، هذه القلوب الأخرى ستأخذ قلوبكم لحماً، وترمي بها عظماً لكلب الإحباط، لهاثكم المستمر لإرضائها سيصيبكم بضيق التنفس وتصلّب الشرايين، هذه القلوب لن تشارككم الاحتفال بلحظاتكم الصغيرة المبهجة، فهي تستخفّ بمثل هذه اللحظات بانتظار فرحة أكبر تستحق أن تفوز بها، ولن تأخذ هداياكم البسيطة على محمل الورد، وأنتم لن تفوا حاجتها، وإن آثرتم حاجتها على حاجة قلوبكم، ولن تلبوا كفايتها حتى لو وضعتم أعماركم على صحن من فضة الرجاء بالقبول، ستبحثون عن الاكتمال بتلك القلوب، وستبحث هي عن النقص فيكُم، اعتذاراتكم عن التقصير والمورقة بالأسف لن تكون شافعاً لكم لديها، وهي لن ترى أيّاً مما تفعلون ولكن ما لم تفعلوا، لن ترحم هذه القلوب ضعفكم، ولن تنظر بعين الواقعية لقدراتكم وطاقاتكم البشرية المحدودة، ولن يرف لها جفن عندما ترى خواطركم تتساقط قطعاً على الأرض أمام أعينها، في هذه القلوب موقد العتب و"التشرّه" لا ينطفئ أبداً ولا يملّ الاشتعال، ستكونون مجبورين على تصديق أن استصغارها لفيضكم هو تحريض الكفاية للطموح بالمزيد من العطاء داخلكم، أو أن إظهارها الامتنان لكم خطر يهدد حماسكم بالفتور، وان إطفاء قناديلكم فخ لاجتذاب الأقمار المكتملة النمو والمختبئة في أعماقكم، ستكونون ملزمين بالإيمان بنبل مثل تلك التبريرات الرخيصة وسمو غايتها!

حاذروا تلك القلوب الأخرى التي لا تعرف الاستمتاع بما تملك لشغفها بالحصول على ما لا تملك، هذه القلوب محرقة، حتى لو لم تكونوا فيها ستموتون اختناقاً بالدخان الأسود الكثيف بمجرد الاقتراب منها، هي لا تصلح ملجأ قلب ولا موطن حب، وحاولوا ما استطعتم الفوز بالقلوب الوارفة التي تسجد شكراً وامتناناً كلما دخلت فراشة صغيرة خضرتها الغنّاء، ذلك أسعد لكم!

back to top