هل بلعنا الطعم؟

نشر في 23-01-2018
آخر تحديث 23-01-2018 | 00:09
 يوسف عبدالله العنيزي في الفترة بين 2007 و2010 توليت رئاسة البعثة الدبلوماسية في هولندا، حيث مقر السفارة والسكن في مدينة لاهاي العاصمة السياسية لمملكة هولندا الصديقة، وهي مقر العديد من المنظمات الدولية منها محكمة العدل الدولية ومنظمة حظر الأسلحة الكيمائية، حيث كنت أتولى بالإضافة لرئاستي للبعثة الدبلوماسية مسؤولية مندوب دولة الكويت فيها.

في تلك الفترة التقيت بأحد كبار الدبلوماسيين الإيرانيين، وكان يشغل أيضا منصب أستاذ في جامعة طهران، استمر اللقاء أكثر من ساعة، وكان حديثا شيقا يتميز بالصراحة والودية، وكان الموضوع الذي يشغل الساحة في ذلك الوقت قرب قيام أميركا أو إسرائيل بضرب وتدمير المفاعلات النووية الإيرانية، وبناء عليه فقد طرحت على الصديق العزيز سؤالا مفاده: "متى ستقوم أميركا أو إسرائيل بضرب المفاعلات النووية الإيرانية؟"، وقد فوجئت بجواب زاد من حيرتي فقد رد عليّ قائلا: "وهل تعتقد أنت أن أميركا أو إسرائيل ستقوم بضرب إيران؟"، وأضاف "إن ما يدور فوق الطاولة يختلف تماما عما يدور تحتها"، وعبر عن اعتقاده بوجود تحالف ثلاثي مقدس بين هذه القوى، جرى هذا الحوار في عام 2008 وها نحن الآن في عام 2018 فهل مازال القرار تحت الدراسة؟

من ناحية أخرى وفي موضوع لا يختلف كثيرا عن السابق، فقد التقيت في الكويت قبل ما يقارب خمس سنوات بأحد الدبلوماسيين الغربيين العاملين في دمشق، وكان حديث الساعة في ذلك الوقت، وخصوصاً في بعض أجهزة الإعلام العربي عن قرب سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، وبناء عليه فقد طرحت على صاحبي سؤالا مفاده: "متى سيسقط نظام بشار الأسد؟" فرد صاحبي قائلا: "وهل سيسقط نظام الرئيس بشار الأسد؟". مضى على هذا الحوار أكثر من خمس سنوات، وما نراه الآن أن هناك سيطرة شبه كاملة لنظام بشار الأسد مع تلاشي ما كان يعرف بالجيش الحر أو قوات المعارضة وكذلك المنظمات والجماعات الإسلامية.

من ناحية أخرى فقد شهدت العديد من المدن الإيرانية مظاهرات "حقيقية"، وقام المتظاهرون بتمزيق صور بعض القيادات العليا في إيران، ثم تلاشت تلك المظاهرات فجأة كما بدأت، وبعدها بأيام شهدنا وفي الشوارع والمدن نفسها مظاهرات "حقيقية"، لكنها مؤيدة للنظام، وقامت برفع صور القيادات العليا في إيران، والأسئلة البريئة التي تطرح هنا: لماذا قامت تلك المظاهرات سواء الأولى أو الثانية؟ ولماذا في هذا الوقت بالذات؟ وهل هناك ارتباط بينها وبين قرار الرئيس الأميركي نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى مدينة القدس، والاعتراف بالمدينة المقدسة عاصمة أبدية لإسرائيل، والذي تجاوزته الأخبار على مساحة العالم، وحلت مكانه أخبار المظاهرات الإيرانية؟

وإن أخبار جيش القدس الإيراني الذي تلاشى من الوجود قد اختفت، كما تناقلت الأخبار الاجتماعات الودية التي عقدت بين إيران والدول الغربية، وتسابقت الشركات الغربية للدخول إلى الأسواق الإيرانية، والتساؤلات البريئة: أما كان الأولى بذلك الشركات الخليجية؟ أما كان الأولى أن يسود الأمن والأمان المنطقة، والدخول في علاقات طيبة بين دول المنطقة، وإقامة مشاريع مشتركة ستؤدي بالضرورة إلى رفع مستوى المعيشة في دول المنطقة؟ ثم إن كانت أغلبية الشعوب العربية قد وصلت إلى قناعة بوجود عداء متأصل بين إيران وأميركا وإسرائيل، فهل وصلت الأنظمة العربية إلى تلك القناعة، أم أن هناك استغلالا لهذه القناعة؟

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top