«هجوم عفرين»: الأولوية للقرى العربية و«منطقة آمنة» 30 كلم

• «وحدات الحماية» تؤكد صد هجوم بري
• أنقرة أطلعت واشنطن على «غصن الزيتون»
• الأكراد رفضوا مقترحاً روسياً بتسليم مناطقهم للأسد... ودمشق تفتح لهم ممراً من حلب

نشر في 22-01-2018
آخر تحديث 22-01-2018 | 00:03
في اليوم الثاني من عملية «غصن الزيتون»، لاقى الجيش التركي مقاومة شديدة من وحدات حماية الشعب الكردية لدى محاولته دخول منطقة عفرين الواقعة في ريف حلب، في إطار هجوم واسع يستهدف إقامة منطقة آمنة تمتد نحو 30 كلم داخل سورية.
على وقع هجوم بري وجوي استهدف مواقع وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سورية، أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم دخول قوات تركية إلى منطقة عفرين ظهر أمس انطلاقاً من بلدة غول بابا الحدودية.

وفي أول تأكيد رسمي لتدخل الجيش التركي برياً للمرة الثانية في سورية، أكد يلدريم أن عملية «غصن الزيتون» ستكون سريعة وستتم على أربع مراحل، وتهدف إلى إقامة منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً في الأراضي السورية لضمان أمن تركيا.

وأوضح رئيس الوزراء التركي أنه تم الاتفاق مع روسيا في جميع المواضيع والولايات المتحدة لم تصدر موقفاً معارضاً للعملية حتى الآن، مجدداً أن دمشق أبلغت بالحملة بواسطة روسيا وإيران، وأنها لن تؤثر على مفاوضات أستانة وسوتشي.

احتجاجات في شمال العراق

تظاهر العشرات في العديد من المدن بإقليم كردستان بشمال العراق، أمس، احتجاجا على العملية التركية على مدينة عفرين، شمال غربي سورية، والواقعة تحت سيطرة المسلحين الأكراد.

ورفع متظاهرون في مدن اربيل والسليمانية وقضاء كويه لافتات وشعارات منددة بالعملية التركية، مطالبين المجتمع الدولي بالتدخل وإيقاف «الهجمات التركية على الأكراد».

وحمل المتظاهرون لافتات باللغات العربية والتركية والإنكليزية جاء فيها «لا للعدوان التركي على مدينة الزيتون»، و«أوقفوا الهجمات التركية على الأبرياء».

وهدد يلدريم باستهداف أي دعم يمكن أن يقدم للوحدات الكردية، المدعومة عسكرياً من الجيش الأميركي، بقوله: «أي دعم سيقدم للإرهابيين في عفرين هو هدف لهذه العملية».

ووفق وكالة «دوغان»، فإن القوات التركية، التي لم تحدد عددها، تقدمت إلى جانب قوات من الجيش السوري الحر إلى نحو 5 كلم داخل عفرين، ونشرت صور دبابات ومدرعات تتقدم على أرض عشبية.

أهداف وتعزيزات

ومع تقدم القوات التركية وحلفائها إلى نحو 5 كلم داخل عفرين، أعلنت الفصائل السورية الممولة من تركيا والموالية لها المشاركة في العملية، والتي أفادت التقارير بأنها تضم 25 ألف مقاتل، أنها لن تقتحم عفرين بل ستحاصرها حتى خروج القوات الكردية منها.

وقال أحد قادتها، إن الأولوية هي لاستعادة السيطرة على تل رفعت وسلسلة من القرى العربية جنوب شرقي عفرين كان الأكراد سيطروا عليها قبل عامين.وراجت على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام صور وتقارير تسجل إرسال الجيش الحر تعزيزات إلى محيط عفرين من مناطق بعيدة عن ساحات الاشتباك مع قوات الرئيس بشار الأسد، التي قامت بدورها بفتح الطريق أمام الوحدات الكردية في حي الشيخ مقصود بمدينة حلب للتوجه إلى مدينة عفرين وإرسال تعزيزات إليها عبر المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.

وأكد المتحدث باسم وحدات الحماية في عفرين بروسك حسكة والقيادي الكردي نوري محمودي أن القوات التركية حاولت عبور الحدود إلى عفرين، ولكن تم صدها وإرغامها على التراجع بعد اشتباكات ضارية مع فصائل المعارضة السورية.

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان إخفاق القوات التركية في التقدم داخل أراضي عفرين، مشيراً إلى اشتباكات عنيفة مع الوحدات الكردية في محور قرية كردو في محاولة منها للتقدم مع الفصائل السورية المدعومة منها، وتحقيق أول تقدم بالمنطقة.

محور الأسد

وبينما توقع الرئيس رجب طيب إردوغان إنهاء الهجوم «في وقت قريب»، محذراً المعارضة التركية الموالية للأكراد وعلى رأسها حزب «الشعوب الديمقراطي» من الاحتجاج أو التظاهر، دعت فرنسا إلى جلسة لمجلس الأمن لمناقشة التوغل التركي، كما أعلنت مصر رفضها انتهاك تركيا لسيادة الأراضي السورية.

في المقابل، أطلقت موسكو موافق متناقضة، إذ أدانت الخطوة التركية لكنها بررتها ملقية باللوم على سلوك واشنطن الاستفزازي. وجاء ذلك بينما كشف الأكراد أنهم رفضوا عرضاً روسياً لتسليم مناطقهم لدمشق للحؤول دون هجوم تركي.

ودعت طهران أنقرة إلى وقف الهجوم فوراً، محذرة من أن يكون باباً لعودة المتشددين.

النظام يطوق شرق إدلب

أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن وحدات من الجيش السوري تحاصر مجموعة كبيرة من مسلحي «جبهة النصرة» شرقي محافظة إدلب شمال غربي سورية، مؤكدة أن النظام استعاد مطار أبوالضهور بالكامل.

وأوضحت الوزارة أن «قوات تابعة للجيش بقيادة العميد سهيل الحسن، التقت على طريق حماة- حلب بوحدات أخرى من الجيش في منطقة خربة الغجر ورسم الحرمل، وأطبقت بذلك الحصار على مجموعة كبيرة من عناصر التنظيم الإرهابي في الجزء الشرقي من محافظة إدلب».

وذكرت أنه «نتيجة للعمليات الهجومية، أجبرت القوات السورية مسلحي النصرة على الفرار من أراضي مطار أبوالضهور، الذي كان تحت سيطرة المسلحين منذ سبتمبر 2015».

ولمطار أبوالضهور أهمية استراتيجية كنقطة ارتكاز متقدمة في ريف إدلب الجنوبي الشرقي.

وفي دمشق، اعتبر الرئيس بشار الأسد خلال استقباله وفداً إيرانياً برئاسة رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية كمال خرازي، أن «العدوان التركي الغاشم على مدينة عفرين السورية لا يمكن فصله عن السياسة، التي انتهجها النظام التركي منذ اليوم الأول للأزمة في سورية والتي بنيت أساساً على دعم الإرهاب والتنظيمات الإرهابية على اختلاف تسمياتها».

وبينما حملت وحدات حماية الشعب روسيا المسؤولية عما تتعرض له عفرين من قصف وهجمات من تركيا، كشف القيادي في حركة «المجتمع الديمقراطي» آلدار خليل أن أكراد عفرين رفضوا اقتراحاً روسياً بتسليم مناطق لدمشق لتفادي التدخل التركي في المنطقة، وأكدوا عزمها على إفشال «المخطط التركي» والدفاع عن مناطقهم.

وبحسب الجانب الكردي، فإن الغارات التركية شاركت فيها 72 طائرة حربية واستهدفت 100 نقطة على الأقل، بينها مواقع مدنية ومواقع لوحدات حماية الشعب في مدينة عفرين وريفها وأسفرت عن إصابة 13 مدنياً على الأقل، إضافة إلى مقتل 6 مدنيين و3 مقاتلين أكراد.

موقف أميركي

وفي تطور لافت، أكد قائد القيادة المركزية بالجيش الأميركي الجنرال جوزيف فوتيل أن تركيا أطلعت «البنتاغون» على عملية «غصن الزيتون»، موضحاً أن واشنطن لا تولي اهتماماً خاصاً لعفرين لأنها لا تقع بنطاق العمليات العسكرية الأميركية.

ووفق وكالة «الأناضول»، أكد فوتيل، في تصريح أدلى به على متن طائرته فجر أمس أثناء تنقله بين مناطق مهامه بالشرق الأوسط، أنه لا يعلم نوايا تركيا من العملية، إلا أنه يشعر بالقلق من تأثيرها على مكافحة تنظيم «داعش»، مشيراً إلى أن المسؤولين الأتراك لم يحدثوهم حول عملية عسكرية تستهدف مدينة منبج بريف محافظة حلب.

بدوره، دعا المتحدث باسم «البنتاغون» أدريان رانكين- غالواي إلى «عدم تصعيد التوتر» في عفرين، مشيراً إلى تفهم مخاوف تركيا الأمنية من مخاطر حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه الولايات المتحدة أيضاً على قائمة الإرهاب.

وفي وقت سابق نفى، رانكين نقل بلاده الجمعة الماضي نحو ألف مسلح من الوحدات الكردية من بلدة عين العرب، بريف حلب الشمالي، إلى بلدة تل أبيض بريف محافظة الرقة الشمالي، المحاذية للحدود الجنوبية لتركيا.

وعشية انطلاق عملية «غصن الزيتون»، أوضح زميله إريك باهون أن تركيا دولة حليفة، وعملية عفرين لن تتسبب في الفوضى أو انهيار علاقات الولايات المتحدة وأنقرة، كما أنها لن تؤدي إلى صراع إقليمي.

تحركات دبلوماسية

دبلوماسياً، بحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مكالمة هاتفية أمس الأول مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون الوضع في عفرين، وأكدا ضرورة دفع التسوية السورية تحت إشراف الأمم المتحدة، وأهمية مؤتمر سوتشي في 30 يناير الجاري.

في السياق، نقلت «أناضول» عن مصادر دبلوماسية أن نائب مستشار وزير الخارجية التركي سادات أونال أبلغ أمس سفراء دول الجوار السوري الأردن والعراق ولبنان، إضافة إلى الكويت وقطر والسعودية بمعلومات حول عملية «غصن الزيتون».

وقبلهم، استدعت الخارجية التركية أمس الأول سفراء دول أعضاء مجلس الأمن الدائمين وإيران لإطلاعهم على العملية العسكرية.

محور الأسد يناور وأنقرة تطلع سفراء عرب على تحركها
back to top