«الميزانيات»: سيولة مالية جيدة في الاحتياطيين «العام» و«الأجيال»

الأجدى التريث في مناقشة رفع سقف الاقتراض إلى حين إعداد تقرير الحالة المالية للدولة

نشر في 21-01-2018
آخر تحديث 21-01-2018 | 00:05
عدنان عبدالصمد
عدنان عبدالصمد
أفادت "لجنة الميزانيات" بأن تقرير الحالة المالية للدولة يشير بوضوح إلى وجود سيولة مالية جيدة في الاحتياطي العام للدولة، واحتياطي الأجيال القادمة، في ظل ارتفاع أسعار النفط مؤخرا.
ذكر رئيس لجنة الميزانيات والحساب الختامي عدنان عبدالصمد أن اللجنة اجتمعت مع ديوان المحاسبة، لمناقشة تقريره عن الحالة المالية للدولة للسنة المالية 2016-2017، والذي يعده الديوان دوريا بناء على تكليف مجلس الأمة له منذ 1996.

واضاف عبدالصمد ان البيانات الواردة في التقرير سرية، لكنه سيتم استعراض أهم ملامحه العامة، في ظل تقدم الحكومة بمشروع قانون لرفع سقف الاقتراض إلى 25 مليار دينار، خلال 20 سنة، مع فترة سماح لسداد تلك القروض تصل إلى 30 عاما لمعرفة مدى الحاجة الحقيقية لمثل هذا المشروع.

أولا: الاحتياطي العام للدولة

رغم تحول أداء الاحتياطي العام للدولة إلى الربحية في هذه السنة المالية، بعدما شهد خسارة في السنة التي سبقتها فإن جملة الاحتياطيات المالية فيه تراجعت عن السنة المالية السابقة نتيجة تمويل عجز الميزانية والمستمر للسنة الرابعة على التوالي، بسبب انخفاض أسعار النفط، إضافة إلى السحوبات المالية الكبيرة التي قامت بها الحكومة مؤخرا كقانون التسلح وتمويل محفظة البنك الصناعي وغيرها، والتي أخذت مبالغها من الاحتياطي العام للدولة؛ الذي يشهد تناقصا في احتياطياته المالية منذ 5 سنوات.

كما أن السيولة المتوفرة لدى الاحتياطي العام، والتي يتم استثمارها في الحسابات الجارية والودائع، والتي تستخدم أموالها كنقدية جاهزة لتغدية الميزانية العامة للدولة لاتزال عند مستويات جيدة؛ ويفترض أن تقل الحاجة إلى استخدام هذه الأموال في ظل الارتفاع النسبي الجيد لأسعار النفط مؤخرا، والتي تجاوزت 60 دولارا، خاصة أن الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2017-2018 مبينة على أساس 45 دولارا للبرميل.

ولابد من إعادة النظر في كيفية إدارة الاحتياطي العام للدولة، لاسيما أن الديوان أشار في عرضه إلى أن الملاءة المالية لهذا الاحتياطي ليست كافية، خاصة فيما يتعلق بنمو أرباح العقارات والاستثمارات التي يتكون منها الاحتياطي العام، والتي لا تواكب نموها عمليات السحب الكبيرة التي يتعرض لها الاحتياطي العام للدولة، مما يجعل الحسابات الجارية والودائع معرضة للهبوط بشكل كبير نتيجة تمويل الميزانية.

وبين التقرير ارتفاع قيمة الالتزامات الحكومية بنسبة كبيرة خلال سنة مالية واحدة، نتيجة التوسع في إصدار أذونات وسندات الخزينة المحلية والدولية؛ حيث اصبحت قيمة هذه الالتزامات قريبة جدا من إجمالي قيمة الأصول الحكومية في الاحتياطي العام للدولة؛ والتي لو تجاوزتها فستكون هذه بداية العجز للاحتياطي العام للدولة وفق رأي ديوان المحاسبة.

ثانيا: احتياطي الأجيال القادمة

رغم نمو احتياطي الأجيال القادمة بنسبة معقولة عن السنة المالية السابقة، وتوزيع أصوله جغرافيا في الأسواق العالمية، وفقا للنسب المستهدفة من مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار، فإن السياسة الاستثمارية لاحتياطي الأجيال القادمة لم تحدد فيها نسب المخاطر المقبولة في الملكيات المؤثرة، وعدم وجود سياسة واضحة للتخارج من تلك الملكيات؛ وما زال الديوان يعتبر أن قياس فعالية السياسة الاستثمارية المعتمدة على النجاح الاستثماري السابق قياس قاصر، ولابد من وجود معايير مهنية أخرى.

كما تبين للجنة أن النقد والودائع في احتياطي الأجيال القادمة يبلغان نسبة كبيرة جدا من مكونات هذا الاحتياطي، وشهدت ارتفاعا عن السنة المالية السابقة؛ وهو أمر يثير الاستغراب، لاسيما أن مبالغ احتياطي الأجيال القادمة لا يمكن السحب منها إلا بقانون على عكس الاحتياطي العام للدولة، والذي يتطلب أن تتوفر فيه سيولة عالية لأغراض تمويل الميزانية؛ مما يتطلب تشغيل هذه الأموال في احتياطي الأجيال القادمة وفق القواعد الاستثمارية الرشيدة لزيادة عائداته، خاصة أن عائدات الودائع والحسابات الجارية قليلة جدا مقارنة بالأدوات الاستثمارية الأخرى.

ثالثا: توجه اللجنة فيما يخص رفع سقف الاقتراض

سبق أن بينت اللجنة، استنادا إلى ما أبداه ديوان المحاسبة من عدم الحاجة إلى اللجوء للاقتراض على المديين القصير والمتوسط، في ظل وجود وفرة مالية ملائمة في الاحتياطيات المالية للدولة، خاصة أن تقرير الحالة المالية للدولة، الذي ناقشته اللجنة يشير بوضوح إلى وجود سيولة مالية جيدة في الاحتياطي العام للدولة، واحتياطي الأجيال القادمة، في ظل ارتفاع أسعار النفط مؤخرا، وقد يكون من الأجدى التريث في مناقشة مشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة لرفع سقف الاقتراض إلى حين إعداد اللجنة تقريرها حول الحالة المالية للدولة، في ظل ما أبداه ديوان المحاسبة من ملاحظات لاتخاذ القرار الأمثل بعدها، والوقوف على الموضوع من كل جوانبه واستحقاقاته.

back to top