«ملتقى إنزاك» يثاقف مع مقام الخضر والحكايات الشعبية

نشر في 21-01-2018
آخر تحديث 21-01-2018 | 00:03
أقيمت في «ملتقى إنزاك الدلموني» الثلاثاء الماضي محاضرة أثرية في دار الآثار الإسلامية بمركز اليرموك الثقافي، حضرتها مجموعة من الأعضاء والمرتادين لقراءة بعض النصوص السومرية التي يرجع تاريخها إلى بداية الألف الثاني قبل الميلاد، أبرزها نص بعنوان «أنكي ينظم البلاد».
بدأت محاضرة "أنكي ينظم البلاد" في ملتقى "إنزاك" بعرض صورة قديمة لمقام الخضر في جزيرة فيلكا تعود إلى فترة الأربعينيات، تبعتها صور لبعض الأختام السومرية، قدّم الأستاذ محمد السعيد شرحاً وافياً للنقوش الظاهرة عليها. ومما تناول ختم يظهر فيه إنسان وهو يشرب كأساً من ماء الشعير احتفالاً بالقمر ابن الإله إنليل، كذلك تظهر جديلة في منتصف الختم تفصل ذلك الشارب عن الغزال الذي يرمز إلى مقدمة سفينة إنكي.

تطرّق السعيد لاحقاً إلى مقتطعات من النص السومري وقال: "أنكي" إله الأرض الذي أقام معبداً ذا تقسيمات بديعة في عرض البحر وشبه النص السومري تلك التقسيمات بتلافيف الجديلة"، وهو ما أشار إليه بالنقش على الأختام المعروضة. فبعد أن أتمّ "أنكي" بناء معبده الذي هو عبارة عن قصر مهيب يغلفه موج البحر وتلتمع فيه النجوم، قرر أن يقيم في معبده أو قصره ولم تجرؤ الإلهة الكبار "الأنونا" من مجرد الاقتراب من ذلك البناء العظيم، بل وقفت تبتهل لأنكي حيث أقامت له منصة عالية فابتهج "أنليل" إله الهواء وعمّ الفرح أرجاء مدينة "نفر".

«سيرارا»

وأشار الأستاذ محمد السعيد في النص السومري إلى "سيرارا" وهو الخليج العربي لدى السومريين، وإلى سيدته الحامية "نانشي"، أي سيدة الخليج العربي، والتي يصفها بالمبجلة التي من أجلها أناط "أنكي" البحر بكامل اتساعه، لذلك ترمز الجديلة في الختم إلى "نانشي" إلهة الأسماك. وهنا أوضح السعيد أن شكل هذه الإلهة يرمز إليه بسمكة وهي الأم الراعية للأرامل والأيتام وحامية العدالة وربة الأخلاق، وهي ذاتها "نانشا" الإلهة المحلية لمدينة (لچش) في العراق قارئة الطالع ومفسرة الأحلام وطاردة العفاريت، ابنة "أنكي" وزوجة "أورشنابي" المتكفل بإيصال الموتى إلى العالم الآخر".

 

نص سومري

ووصل السعيد إلى نص سومري آخر، وفيه يشتكي أحدهم إلى كبير الآلهة السومرية "آن" إله السماء من الفوضى العارمة التي أحدثها الإنسان، وبدوره يستشير "آن" ابنته نانشا التي قدمت لأبيها مشورتها قائلة له "إني أرى يا مولاي بأن الإنسان مقسوم بين الخير والشر وعلينا أن نعاقب كل من سلكت يده سبيل العدوان". وهنا أثار السعيد ملاحظة حول علاقة مقام الخضر والحكايات المرتبطة به كمكان ارتبطت به الاعتقادات والنذور والطقوس الشعبية وبين نانشا إلهة العدالة وراعية الأيتام والأرامل.

وتطرق محمد السعيد إلى الحكاية الشعبية المعروفة "يمة سميميكة" وعلاقتها بأسطورة الآلهة نانشا، خصوصاً أن بطلة تلك الحكاية سمكة كبيرة تساعد "نورة" اليتيمة ابنة الصياد في الانتصار على زوجة الأب الشريرة، في حكاية تشبه إلى حد كبير حكاية سندريلا.

وتساءل السعيد حول كيفية تسرب فكرة نانشا السمكة إلى تراثنا الشعبي ومدى قوة وتأثير المعتقدات السومرية على فكرنا وثقافتنا المجتمعية، وهنا استدرك قائلاً إنه لا يجزم بكون مقام الخضر امتداداً للإلهة نانشا، ولكن علينا أن نخرج بنتيجة مفادها أننا بحاجة إلى أن نتثاقف مع موروثنا المكاني والتاريخي والإنساني.

مداخلات

أعقب حديث الأستاذ محمد السعيد بعض المداخلات والتساؤلات التي أثارها موضوع النص السومري، بما فيها تساؤلات حول أهمية الموروث الإنساني وعلاقته بالمعتقدات الشعبية. كذلك دار نقاش حول الأبعاد الدينية لبعض الأساطير والنصوص القديمة. وقدّم السعيد إجابة حول ذلك مضمونها أن نظرية الأوتار الكونية يمكن أن تفسر السر وراء تشابه المعتقدات السماوية ببعض الأساطير والموروثات الإنسانية القديمة والحديثة أيضاً.

back to top