الأصدقاء

نشر في 20-01-2018
آخر تحديث 20-01-2018 | 00:05
 بشاير يعقوب الحمادي تمر بنا الأيام والسنون دون أن نحس بها أو نحسب حسابها، فلا نلاحظ إلا أرقام أعمارنا تزداد وأشكالنا تتغير ومن رحلوا عن هذه الدنيا وآلمنا فراقهم، نعم هكذا هي الحياة، فالباقي معنا في حياتنا لا يفارقنا حتى لو أشغلته الحياة بهموما ومشاكلها وظروفها وحتى باختلافنا معه، هو الصديق الذي لا تغيره الأيام ولا يغيره الزمن بتغير ظروفه.

وهو الذي يجب أن نحافظ على وجوده إلى آخر لحظة نستطيع، أو كما يقال لآخر رمق في الحياة، فبعد مرور السنين لا يبقى إلا المحب والمخلص لك في حياتك، والذي يتحمل جميع عيوبك وأخطائك أو حتى حماقات ترتكبها بحق نفسك أو حقه أحيانا، وهو الذي يبقى معنا باختياره وإحساسه بأن هذه العلاقة هي جزء من حياته لا يمكن استئصالها أبداً مهما كان فيها من تنازلات. (هنا لا أقصد الإهانة أو الخيانة أو الأمور الجارحة التي لا تحتمل بل المقصد بعض الهفوات والأخطاء).

فالصديق الحقيقي لا يتعمد إيذاء صديقه أو الشخص الذي يحبه، قد تحصل أحياناً أمور يساء فهمها من الطرفين أو يحصل عدم تقدير منهما، وهي أمور تحصل كثيرا في العلاقات بين البشر خصوصا مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي أرى أنها تحدث الكثير من المشاكل بين الأشخاص، فتقلل المقابلات المباشرة، لذلك أصبحت الكثير من علاقاتنا لا تتعدى هذا الجهاز الذي يعتبر نعمة ونقمة في الوقت نفسه.

سابقا كان الأصدقاء يتبادلون الكلام في لقاء مباشر بما فيه من انفعالات الود الواضحة على الأعين والوجوه، أما اليوم فأصبحوا يلتقون على "غروبات الواتساب" وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي لتبادل الأخبار والنميمة والغيبة أحيانا. ومع أنني لست ضد التكنولوجيا إلا أنها جافة قاسية خالية من المشاعر الجميلة القديمة التي أحبها، ربما لأن تربيتي كانت على يد جدتيّ الاثنتين وحديثي معهما الطويل جدا، والذي انتهى بمجرد مفارقتهما هذه الحياة، رحمهما الله.

كما أن هناك صداقات تدخل حياتنا متأخرة أو تعتبر جديدة بالنسبة إلى ما سبقها من (أصدقاء الطفولة أو المراهقة والدراسة فهؤلاء هم البصمة في حياتنا لا يفارقوننا أبدا) إلا أن العلاقات الجديدة تكون ذات أثر واضح في حياتنا ويصبح أصحابها أحيانا البلسم لجراحنا من هذا الزمن ومن أشراره، فأهلا بكن يا صديقاتي الجديدات في حياتي البسيطة المتواضعة، فأنتن أضفتن لها رائحة جميلة منعشة كرائحة المسك الأبيض وهو الأحب إلى قلبي.

وهناك صداقات عائلية تكون قريبة كقرب الوريد من القلب، وتتدفق المشاعر فيها كتدفق الدماء في الشرايين، فأتمنى أن تكون قلوبنا صافية جميلة كجمال خلقنا الذي خلقنا الله تعالى عليه، وأنشأنا في أجمل صورة، والتمسك بجميع علاقاتنا الحقيقية الصادقة الجميلة القديمة بأيامها والجديدة الرائعة بمواقفها معنا.

back to top