هل تنجح الدبلوماسية بين مصر وإثيوبيا

نشر في 20-01-2018
آخر تحديث 20-01-2018 | 00:03
 عبداللطيف المناوي اللقاءات المصرية الإثيوبية في الفترة الأخيرة هي استمرار للجهد المصري لحصار محاولة حل الخلاف بين البلدين في الأطر الثنائية والدبلوماسية، وأيضا كبح جماح التوقعات التي تتحدث عن صدام يمكن أن يرقى إلى المستوى العسكري، وهو الأمر الذي حرصت مصر عبر رئيسها عبد الفتاح السيسي على نفيه قاطعاً بأن مصر لن تحارب أشقاء أو أصدقاء.

في هذا الإطار كان اللقاء الأخير بين الرئيس المصري ورئيس وزراء إثيوبيا ديسالين، ويبدو أنه تم الاتفاق بين الطرفين على عدم إدراج توجيه خطاب من ديسالين أمام البرلمان المصري، كما فعل السيسي أمام البرلمان الإثيوبي، وهذا في محاولة لتجنب أي تصعيد أو رد فعل غير متوقع داخل البرلمان، خصوصا أن عمليات "تسخين" إعلامية متبادلة ظلت قائمة خلال الأسابيع الأخيرة.

حتى وقت قريب، كانت العلاقة بين مصر وإثيوبيا محكومة باتفاق وقع تحت إشراف بريطانيا في عام 1929، ثم وعد حاكم إثيوبيا رسميا وقتها بأن بلاده لن تقوم بأي مشاريع تضر بمصالح مصر.

ولكن في حالة من السرية في عام 2011، وبعد حالة الانهيار المؤسسي للدولة المصرية بعد أحداث تلك الفترة وسقوط نظام مبارك، استغلت إثيوبيا هذا الوضع وبدأت بتنفيذ عمليات إنشاء سد النهضة وهي مطمئنة بأنه لا قلق من أي رد فعل مصري في ظل الحالة التي فيها مصر.

وفي عام 2013 صوّت البرلمان الإثيوبي على إلغاء الاتفاقات القديمة مع الدول المجاورة وإبرام اتفاقات جديدة، لكن محمد مرسي تولى السلطة في مصر ثم أطيح به، وبعد ذلك جاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذي اهتم بالقضية وعقد اتفاقا ثلاثيا مع إثيوبيا والسودان في عام 2015.

إلا أن شركاء مصر في الاتفاق لم يهتموا بالوعد الغامض "بمراعاة مصالح مصر" حيث لا يحمل ملامح محددة لطبيعة وحدود هذه المصالح.

الأمر الواقع يقول إن إثيوبيا الآن تبني السدّ في منابع النيل الذي سيحرم مصر من تدفق النهر كما اعتادت طول تاريخها، وهو الأمر الذي يهدد البلد، الذي يعتمد الجزء الأعظم من سكانه الذين تعدوا المئة مليون على مياه النيل، لمواجهة حالة فقر مائي حقيقي.

لذلك تستمر الجهود المصرية من أجل الحفاظ على قنوات التواصل، وتستمر في إيجاد مقترحات يمكن أن تكون بمثابة حل وسط يضمن لإثيوبيا الاستمرار في بناء السد، الذي أنهت نحو 60% منه، وفِي الوقت نفسه يضمن لمصر استمرار حصولها على حصتها من مياه النهر كما يحدث على مر العصور.

تعثّرت المفاوضات حول السد في نوفمبر الماضي، بعد أن أخفق وزراء الري في مصر والسودان وإثيوبيا في اتفاق بشأن تقرير الخبراء، حيث رفضه السودان وإثيوبيا، فيما وافقت مصر.

الرئيس السيسي وقع إعلان المبادئ في الخرطوم مع رئيس وزراء إثيوبيا ديسالين والرئيس السوداني البشير، ويؤكد الاتفاق عدم المساس بالاتفاقيات التاريخية لمياه النيل، ولا يتناول حصص المياه أو استخداماتها إنما يقتصر فقط على ملء وتشغيل السد، على أن يعقب اتفاق المبادئ اتفاقات أخرى، وهو ما لم يتم التوافق عليه حتى الآن. إثيوبيا فرضت كلمة "يُحترَم" بدلا من كلمة "ملزم" حول تقرير المكتب الاستشاري لبناء السد، أي أن مصر والسودان ليس من حقهما الاعتراض على التقرير، ومن حق إثيوبيا أن تستمر في بناء السد دون الالتفات لأي اعتراضات. إن التوقيع على الوثيقة في ذلك الوقت كان معناه الموافقة المصرية لإثيوبيا على بناء السد وعودة التمويل الأجنبي الذي كان قد توقف بعد نجاح مصر من قبل في حث الدول المشاركة على وقفه.

السد أصبح رسميا وشرعيا لأنه تم بالتوافق والتراضي بين دول النيل الشرقي الثلاث، وبالتالي عاد التمويل الدولي للسد وهو 5.5 مليارات دولار من الصين ومليار دولار من إيطاليا ومثلها من كوريا الجنوبية وموافقة البنك الدولي على طرح السندات الإثيوبية للتمويل بضمان السد.

إثيوبيا ربحت من الاتفاق لأنها مستمرة في بناء السد كما خططت له من البداية وعلى الدبلوماسية المصرية الرسمية أن تستمر في سعيها إلى الحفاظ على مصالح مصر المائية.

back to top