«الوطني»: بداية قوية للاقتصاد العالمي في 2018... والمخاطر مستمرة

نشر في 17-01-2018
آخر تحديث 17-01-2018 | 00:04
No Image Caption
استهل الاقتصاد العالمي العام الجديد مسجلاً أداءً قوياً، وشهدت العديد من الاقتصادات الضخمة تحسناً في النشاط، خلال الأشهر الماضية، إذ من المفترض أن يشهد الاقتصاد الأميركي المزيد من الانتعاش، على أثر خفض الضرائب. واستمر الاقتصاد في منطقة اليورو بتسجيل نشاط قوي، مع ارتفاع البيانات الاقتصادية فوق التوقعات. وشهد الاقتصاد الياباني أيضاً تطورات جيدة، بينما تراوح أداء الاقتصاد الصيني والاقتصادات الناشئة الأخرى بين الثبات والتحسن.

وفي ظل هذه الأوضاع، استمرت أسواق الأسهم بالتحسن، مع ارتفاع المؤشرات إلى مستويات جديدة. في الوقت نفسه، حافظ التضخم على ركوده في جميع القطاعات، الأمر الذي قد يساهم في التخفيف من وتيرة سياسة الاعتدال المالي في الاقتصادات المتقدمة.

وحسب الموجز الاقتصادي الصادر عن بنك الكويت الوطني، من المتوقع أن يتلقى الاقتصاد الأميركي المزيد من الدعم من خفض الضرائب. إذ من المقدر أن يبلغ الانتعاش ما يقارب 1.5 تريليون دولار على مدى عشر سنوات، وقد ينتعش نمو الاقتصاد بنسبة 0.3 إلى 0.5 نقطة مئوية في عامي 2018 و2019. ويأتي ذلك في ظل قوة نمو الاقتصاد الأميركي، كما هو واضح في العديد من المؤشرات الرئيسية أهمها مؤشر طلبات السلع الاستثمارية ومؤشر "ISM" اللذان يُظهران ارتفاع الاستثمار وقوة التفاؤل. وواصل سوق العمل تشديده، حيث سجل متوسط فترة الثلاثة أشهر لعدد الرواتب غير الزراعية أعلى مستوى له في عام 2017 عند 204 آلاف نقطة، وذلك على الرغم من ارتفاعه بواقع 148 ألف نقطة في ديسمبر، أي ما دون التوقعات، حيث جاء ذلك بعد تسجيله لنشاط قوي لشهرين متتاليين.

ومن المحتمل أن تساهم أجندة الرئيس الأميركي "ترامب" في إنعاش الاقتصاد الأميركي في عام 2018، والتي من ضمنها التقليل من الضوابط والعمل على البنية التحتية. إذ من المتوقع أن تظهر المزيد من السياسات الاقتصادية التي تساهم في إنعاش الأوضاع المالية هذا العام، بعد نجاح تمرير قانون الإصلاح الضريبي مؤخراً، حيث من المتوقع أن يكون الإنفاق على البنية التحتية المخطط له سهل التطبيق مقارنة بالخطط والمقترحات السابقة، بالأخص إذا استطاع الرئيس التعاون مع الحزب الديمقراطي. ومن المحتمل أن يساهم تطبيقه في إنعاش النمو الاقتصادي.

ولكن لا تزال المخاطر السياسية قائمة، رغم تراجعها قليلاً بعد تمرير قانون الإصلاح الضريبي مؤخراً، فقد واجهت الرئاسة الأميركية تحديات كبيرة لتمرير خطتها عبر مجلس النواب في العام الماضي.

يذكر أن مرورالقانون تلك المرة ربما كان استثنائياً، ولا يعني بالضرورة سهولة تمرير قوانين أخرى. وما زالت الأسواق تترقب مخصصات الإنفاق للسنة المالية 2018، وسقف الدين الحكومي بعد تأجيل ذلك من مجلس النواب الشهر الماضي بقانون مؤقت. ومن المتوقع أن يتم الوصول لاتفاقية بشأن قانون الميزانية لتفادي توقف الحكومة في يناير، إضافة إلى مسائل أخرى عالقة كالهجرة والرعاية الصحية.

منطقة اليورو

وأنهى الاقتصاد في منطقة اليورو عام 2017 مسجلاً أداءً قوياً كان غير متوقع خلال العام، فقد استمر مؤشر مديري المشتريات في الارتفاع إلى 58.1 في ديسمبر، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ ما يقارب سبع سنوات. وجاءت قوة النشاط في كل المنطقة، حيث جاءت قوة بيانات الدول الأساسية مؤخراً مصحوبة بتحسن في بعض الاقتصادات الثانوية كإيطاليا والبرتغال. وقد تحسنت ثقة الاقتصاد والأعمال مع بلوغ بعض المؤشرات مستويات قياسية. وتراجعت البطالة إلى أقل مستوياتها منذ ما يقارب تسع سنوات عند 8.7 في المئة. وجاءت مبيعات التجزئة في المنطقة قوية خلال شهر ديسمبر.

ولم تخل منطقة اليورو من التحديات السياسية، إذ ظلت المخاطر قائمة رغم تراجعها بشكل ملحوظ عما كانت عليه في الفترة ذاتها من العام الماضي. فمن أبرز أحداث عام 2017 أن منطقة اليورو استطاعت التصدي للمخاطر السياسية الماثلة أمامها في بداية العام، حيث استطاعت مواجهة ارتفاع شعبية اليمين المتطرف، إلا أنها لم تتمكن من هزيمته، إذ من المقرر أن يتم تشكيل الحكومة الألمانية بعد تقدم حزب اليمين المتطرف فيها، وما زال استقلال كاتالونيا في إسبانيا أمراً عالقاً، مما قد يزيد من القلق والتساؤلات، كما قد تزداد هذه التحديات مع بدء الانتخابات الإيطالية المزمع إقامتها في مارس.

وعلى الرغم من قوة النشاط الاقتصادي، إلا أن تضخم الأسعار في الاقتصادات المتقدمة استمر في الركود. في حين فاجأ التضخم الأساس في أميركا بتحسنه إلى 1.8 في المئة في ديسمبر، إلا أنه من المبكر الجزم بأن التحسن سيستمر في الأشهر القادمة. ومن المحتمل، وليس من المؤكد حتى الآن، أن تساهم الزيادة الشهرية في متوسط الرواتب التي بلغت 0.3 في المئة، خلال ديسمبر، في تسارع تضخم الرواتب والأجور، حيث لا يزال نموها في حالة ضعف عند 2.5 في المئة، على أساس سنوي. كما يشهد التضخم في منطقة اليورو أيضاً تدنياً، مع تراجع التضخم الأساسي إلى 0.9 في المئة، خلال شهر ديسمبر.

التضخم

وقد يفرض تدني التضخم بعض الضغوط على سايسة الاعتدال المالي في حال استمراره في عام 2018. ولم يمنع تدني التضخم، منذ منتصف عام 2017، من قيام مجلس الاحتياط الفدرالي برفع الفائدة على الأموال الفيدرالية ثلاث مرات في 2017، رغم وجود بعض الشكوك. ولكن استمرار تدني التضخم قد يزيد من صعوبة ذلك، إذ يتوقع مجلس الاحتياط حالياً رفع الفائدة ثلاث إلى أربع مرات في 2018، غير أن الأسواق متفائلة برفع الفائدة مرتين إلى ثلاث مرات فقط. وينطبق ذلك على منطقة اليورو بشكل أكبر نظراً لتعافيها مؤخراً وتدني التضخم فيها.

واصلت أسعار النفط ارتفاعها منذ بداية العام الجديد، حيث استمرت بالانتعاش بنسبة 50 في المئة، منذ منتصف العام الماضي، فقد ارتفع مزيج برنت مؤخراً إلى 68 دولاراً للبرميل، مرتفعاً من تراجعه الذي شهده في يونيو 2017 عند ما يقارب 45 دولاراً للبرميل. وقد استفادت الأسعار بشكل كبير من اتفاقية أوبك لخفض الإنتاج، والتي عملت على خفض الإنتاج من قبل أربع عشرة دولة من الأعضاء وعشر دول من غير الأعضاء، والتي تم تمديدها حتى نهاية عام 2018. ولكن على الرغم من الارتفاعات الحالية، فإن من المحتمل أن تواجه الأسعار ضغوطاً نحو التراجع في 2018، على أثر اعتدال نمو الطلب العالمي على النفط، لا سيما في النصف الأول من العام، ونتيجة ارتفاع نمو الإنتاج من خارج "أوبك" بقيادة النفط الصخري الأميركي.

back to top