احذروا الكابتشينو

نشر في 14-01-2018
آخر تحديث 14-01-2018 | 00:20
 محمد الوشيحي بعد أن يضع فنجان الكابتشينو على الطاولة، يسند ظهره ويصرّح: "الخطأ خطأ الشعب، هو من اختار هذه النوعية من النواب. لم يضربه أحد على يده كي يدلي بصوته لفاسد ويترك رجل دولة". فتتحقق من اتجاه الحديث: "تمزح؟"، فيعقد حاجبي الجدية: "لا. فليحسن الشعب اختياراته، وليكف عن التذمر والتحلطم. أما أن يختار القبيضة ثم يطالب بالإصلاح، فهذا ضربٌ من الجنون".

تنهض لتغادر المكان بعد سماع كلامه، وبعد أن تلبستك القناعة التامة بعدم جدوى الحديث مع هذه النوعية من الكائنات. وتتمتم، وأنت تشير للنادل بإحضار الفاتورة: "من الذي أقنع هذا (المفكر العظيم) أن من اختار القبيضة، ثم أعاد اختيارهم رغم انكشاف أمرهم، يبحث عن الإصلاح؟ من الذي أدخل في عقله الخارق أن (الانتخابات حرة) كما تروّج الحكومة والجالسون في ظلها؟".

هكذا، وكالعادة يُلقي عشاق الكابتشينو بقنابل الملامة على الشعب، تحديداً على بسطاء التعليم والتفكير والدخل والحيلة، دون أن يُطلقوا طلقة مسدس واحدة على السلطة وعبثها في الانتخابات، بدءاً من تسهيل المعاملات لأتباع السلطة، وغلق المعابر في وجه المصلحين، وليس انتهاءً بتخوين المعارضين والطعن في وطنيتهم. والناس، خصوصاً البسطاء، وهم الغالبية، يعتبرون قضاياهم الشخصية محور الكون، ويريدون من ينجز معاملاتهم ويحل إشكاليات قضاياهم، حينها يظهر القبيض على حصان أبيض يلوح للجماهير بيده الكريمة، باعتباره المخلّص الذي يحل العقد، وينجز المعاملات التي عجز عنها "المؤزمون"، ويفرّج كُربهم التي لطالما أرهقتهم، فيقتنع الغلابة بأن هذا القبيض الشهم هو من يهتم بأمرهم ويلامس مشاكلهم، بينما ينشغل المؤزمون بمناقشة الحسابات الاكتوارية والاختراطية والخيطية بيطية، وأموال الأجيال القادمة والميزانيات القاتمة، وغير ذلك من "قضايا البطر".

أضف إلى ذلك ما تفعله الآلة الإعلامية الحكومية من تدمير لصور الإصلاحيين، وتلميع صور الأتباع والقبيضة. ثم أضف إليه أيضاً بحر القضايا الذي تُغرق فيه السلطة خصومها المعارضين، فينشغلون بالدفاع عن أنفسهم، وينشغل معهم أهلوهم… وغير ذلك من الكوارث التي تحل بالمعارضين فتخيف غيرهم.

يا سادة يا كرام، احذروا الجلوس مع عشاق الكابتشينو؛ كي تحافظوا على ما تبقى من أعصابكم وعقولكم.

back to top