91 ألف دينار لحقوق الإنسان!

نشر في 14-01-2018
آخر تحديث 14-01-2018 | 00:14
يبدو أن الدولة كما أهملت التعليم الذي هو ركن أساسي للتقدم وسلمته لأناس غير أكفاء، قد أهملت الحفاظ على سمعتها داخليا وخارجيا بتسليم ملف حقوق الإنسان لقيادات إدارية لا تقدّر كم الحرج الدولي الذي تسببه كلماتهم وتصريحاتهم في الإعلام في قضايا الجنسية والعمالة الوافدة والنظرة للآخر.
 مظفّر عبدالله أول العمود: ماذا تعني كلمة استجواب راق التي رافقت تقديم الاستجواب الأخير للوزيرة هند الصبيح؟ أظن أنها إشارة سياسية إلى البراءة من ممارسات حدثت في استجوابات سابقة كونها مدفوعة ولا مصلحة وطنية وراءها وغرضها الانتقام الشخصي وتنفيذ أجندات خاصة.

***

لا خلاف على الجهود التي يبذلها السلك الدبلوماسي ممثلا بوزارة الخارجية في مشروع "تعزيز دور الكويت وجهودها في حقوق الإنسان ضمن خطة التنمية 2035"، وقد تداولت الصحف تخصيص مبلغ 91 ألف دينار ميزانية سنوية للصرف على هذا البرنامج حتى 2020، نقول لا خلاف على ذلك.

لكن التساؤلات تبقى واردة حول الشأن الإنساني في الكويت، وحول كيفية تحسينه وتطويره بعد جهد سمو الأمير الذاتي في لفت أنظار دول العالم إلى العقيدة السلمية التي تتحلى بها دولة صغيرة كالكويت، وسنتحدث بصراحة هنا ونقول لوزارة الخارجية بأنكم مخذولون– برغم جهودكم– من ممارسات بعض الوزارات والمؤسسات التي تتقاطع معكم في شؤون حقوق الإنسان.

الأمور لا تحتاح إلى نفاق ولفّ ودوران، هناك أجندة عتيقة يجب الانتهاء منها، وهي التي ستسعف بلدنا الصغير بأن يجني المزيد من الاحترام الدولي الذي يساوي في مفاهيم السياسة الدولية: تأمين حماية أفضل للأمن الوطني وسط إقليم ملتهب.

خطة التنمية والصرف المالي الذي أشرنا إليه لا قيمة لهما ما لم تأخذ الدولة موقفا حاسما من قضية البدون وحلها وفقا للأطر الإنسانية والوطنية، نعم لا قيمة لجهود المسؤولين في قضية وصل عمرها إلى أكثر من 50 سنة.

مسألة تجارة الإقامات التي تترعرع بفضل نظام الكفيل يجب إلغاؤها فورا لأن مفاهيم العالم المعاصر الذي يواجهه مندوبو وزارة الخارجية في محافل الأمم المتحدة، وهم يلقون كلماتهم الرسمية، ليس لها سوى معنى واحد: إتجار بالبشر، العبودية.

الهجمة الشرسة التي طالت وجه الكويت الذي تربينا عليه في مجال حرية الصحافة والإعلام والتعبير يجب أن تُوقَف لأنها تهتك أسسا دستورية راسخة، ولا يمكن إقحام تغييرات غريبة وخطرة على النظام العام الذي وضع في المجلس التأسيسي لمصلحة فئات اجتماعية وسياسية، ولا يمكن إلا البناء والتطوير على ما تأسست عليه الدولة في ستينيات القرن الماضي، وهنا يجب وقف العبث الذي يحدث في مناهج التعليم العام.

مسألة العمالة في القطاع الأهلي تتطلب جهداً كبيراً يوقف الهجوم البذيء تجاه العمال، خصوصاً بعد التقدم الذي أحرزته التشريعات الأخيرة بضمان حقوق جديدة لهم، أما العمالة المنزلية فهي على العكس من ذلك، إذ لا تزال الشركة الموعودة لترتيب هذا المشكلة غائبة منذ 2015! وهذا مأخذ إنساني على الإدارة العامة.

الأصل ألا تكون هناك مشاكل بحجم التي عرضناها في بلد غني يحكمه دستور وعدد سكانه قليل بالمقارنة مع دول أخرى، لكن يبدو أن الدولة كما أهملت التعليم الذي هو ركن أساسي للتقدم وسلمته لأناس غير أكفاء، فقد أهملت الحفاظ على سمعتها داخليا وخارجيا بتسليم ملف حقوق الإنسان لقيادات إدارية لا تقدّر كم الحرج الدولي الذي تسببه كلماتهم وتصريحاتهم في الإعلام في قضايا الجنسية والعمالة الوافدة والنظرة للآخر.

وبالمناسبة وحتى نختم الكلام نسأل: أين ديوان حقوق الإنسان الذي صدر قانونه عام 2015؟ لماذا هو غائب أيضا؟

إخواني، مندوبي وزارة الخارجية الأفاضل، ألم أقل لكم إن ما تحاولون عرضه بشكل راق في الأمم المتحدة أمام مندوبي السويد وفنلندا وكندا يتم تخريبه من قبل قادات إدارية يجب إحالتها إلى التقاعد!

back to top