دراكولا... ليس خيالاً!

نشر في 13-01-2018
آخر تحديث 13-01-2018 | 00:19
 د.نجم عبدالكريم يندر أن تجد في تاريخ الإنسان من يفوق هذا الوحش في كيفية تفننه بابتكار أساليب العذاب التي يبتدعها ليتلذذ بتعذيب ضحاياه قبل أن يُجهز عليهم بالقتل، ثم ينهش لحومهم، بعد أن يشرب بكأس من الذهب دماءهم الساخنة، وكل هذا يحدث أمام أهالي فرائسه وأبنائهم وآبائهم وأمهاتهم.

فمن هذا الوحش؟!

الذي يتجول في الظلام بحثاً عن لحم البشر؟!

والذي لا تساوي عنده النفس البشرية حفنة من تراب؟!

هذا الذي كتبت عنه كتب التاريخ أساطير وقصصاً كأنموذج لأبشع الكائنات البشرية، فمن هو؟!

***

• يُعرفه مؤرخه مودروسا أن اسمه (ﭬـلاد) الرابع، وهو أول ملك على رومانيا في منتصف القرن الثالث عشر الميلادي.

• وفي الصفحات الأخيرة من الكتاب يصف المؤلف ليلة وفاة هذا الوحش:

"إنها ليلة شديدة البرد، والريح فيها تعصف، والأمطار فيها تهطل بغزارة شديدة، والبروق المصحوبة بالرعود لا تتوقف، والأصوات المخيفة تدوي بين أشجار الغابة وأنحاء شواطئ البحيرة، حيث الأصوات أشبه بأصوات الشياطين التي انفلتت من عقالها.

في هذه الأجواء خرج من الغابة أربعة من الرهبان يحملون على أكتافهم تابوتاً اتجهوا به نحو شاطئ البحيرة ليضعوه على مركب صغير ساروا به إلى منتصف البحيرة، ثم ألقوه في الماء، بعد أن أثقلوه بالحديد ليصل إلى القاع...".

***

• الذي أثار استغرابي أن المؤلف قال:

وهكذا تخلصت رومانيا من (دراكولا)، فاستوقفني هذا الاسم، أليست هذه شخصية في رواية كتبها كلاوسي كلينسكي؟! وبعد أن قرأت قصة هذا الملك اتضح لي أن كلينسكي قد استلهم أحداثها من حياة (ﭭـلاد) الرابع ملك رومانيا، الذي كان اختُطف وهو في الثانية عشرة من عمره، ثم اكتشف فيما بعد أن والده الملك اتفق مع الخاطفين أن يفعلوا به ما يشاؤون، حتى إن أرادوا قتله، في صفقة بينه وبين الخاطفين جعلت ولده مقدمة للمساومة بينه وبينهم!

ولما تمكن (ﭬـلاد) من الفرار من خاطفيه أصبح لا هم له في الحياة إلا قتل أبيه، وسعى إلى تحقيق هذا الهدف بكل السبل، لكن الثائرين في رومانيا قتلوا والده، بسبب طغيانه وسلبه الأموال، واعتدائه على الحرمات، فمزقوه شر ممزق مع أولاده الثلاثة!

فأصبح (ﭭـلاد) الوارث الوحيد للملك!

***

•ودخل (ﭬـلاد) الرابع (دراكولا) التاريخ كأبشع غول شيطاني منذ خلق الإنسان! وأسطورة هذا الوحش لم تزل تطوف بين غابات هواجس النفوس المتعطشة لمص الدماء، فتركت من الآثار ما تركته، ولو أردنا أن نذكر عدد خلفاء (دراكولا) لما أحصيناهم، ولست مغالياً عندما أقول:

إن زماننا هذا لا يخلو من أكثر من دراكولا!

back to top