موجة لادينية في الموصل نتائجها تقلق الأحزاب

العلمانية تجتاح الحواضر الكبرى... والإسلاميون لتفادي المواجهة بتحالفات وشراكات

نشر في 13-01-2018
آخر تحديث 13-01-2018 | 00:05
عراقيون يلعبون البلياردو في مقهى على ضفة الموصل الشرقية أمس الأول (أ ف ب)
عراقيون يلعبون البلياردو في مقهى على ضفة الموصل الشرقية أمس الأول (أ ف ب)
يرصد المراقبون ظهور موجة لادينية قوية بين الشباب في مدينة الموصل، شمال العراق، وينتقد بعض ساستها تفشي ظاهرة شرب الخمر بنحو علني، للمرة الأولى تقريباً منذ ثلاثين عاماً، أيام انطلاق ما عرف بالحملة الإيمانية، مطلع التسعينيات، ومع الاعتراف بأن ما يحصل من مظاهر علمنة وليبرالية متحررة يأتي ردة فعل على تشدد رهيب مارسه تنظيم داعش، حين سيطر على المدينة ثلاثة أعوام، يدعو الناشطون إلى الانتباه إلى ما وراء ذلك، وإمكانية أن يسبب تحولاً سياسياً في الانتخابات المفترضة منتصف مايو المقبل.

وقبل أيام، وجه السياسي البارز في الموصل أثيل النجيفي نداءً إلى «المجتمع الموصلي الذي عرف الالتزام الأخلاقي.. بمكافحة الظواهر السلبية التي ظهرت كانعكاس لحالة الكبت في ظل داعش. انتهت فترة الصدمة، ولابد للمجتمع أن يتحرك لإعادة الروح الموصلية. فحالة انتشار السُّكر منكرة، ولا يمكن أن يفرضها المنحلون».

ولم يعرف عن النجيفي، وهو محافظ الموصل السابق، أنه يتشدد في ملف الحريات، وقد فهم البعض حديثه كدعوة لتنظيم قطاع الترفيه ومنع الفوضى بين الشباب، لكن الانفعال في كلماته قد يتضمن معاني سياسية مقلقة للتيارات التقليدية هناك.

وقال عدد من الناشطين الموصليين، في حديث لـ«الجريدة»، إن ردة الفعل الواسعة بين الشباب أبعد من مجرد تعاط للكحول أو مجاهرة بأفكار لادينية تنتقد التيارات الإسلامية، بل هناك رغبة أيضاً بمقاطعة الأحزاب التي كانت سبباً في تخريب العلاقات مع العاصمة، ويوجد إصرار على بناء علاقات مرنة مع الشيعة والمسيحيين والأكراد، بدل أجواء التشنج التي ساعدت في ظهور داعش، وأخطاء سياسية تُتهم كل الأطراف في صناعتها.

ويشير هؤلاء إلى أن التيارات التقليدية السنية في الموصل ستتضرر كثيراً أو قليلاً في الاقتراع المقبل، مع إصرار فئة الشباب على بلورة واقع تمثيل جديد، ولذلك يتوقع المراقبون ظهور مرشحين شباب من الموصل، مقربين من تحالفات رئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي، الذي أعاد صياغة العلاقة بين المجتمع السني والقوات المسلحة على نحو إيجابي في نظر كثيرين، بخلاف ما كان في عهد سلفه نوري المالكي.

وحصول مواجهة بين الناشطين الشباب والتيارات التقليدية في مدينة كبرى مثل الموصل، من شأنه زيادة الانقسام السياسي في المجتمع السني، الذي يحاول التعافي من ويلات الحرب والضربات التي تلقاها في عهد المالكي، دون أن تفلح الأحزاب في تدشين حوار واضح مع حكومة العبادي، التي يبدو أنها تفضل إرجاء ذلك إلى ما بعد الانتخابات.

ولا يقتصر الأمر على مدينة الموصل، فالتيارات اللادينية تنتشر بين الشباب بنحو واضح في الحواضر الكبرى مثل بغداد والبصرة وبابل، ولا يخلو الأمر من مفارقات نادرة، فقد قام زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بتأسيس علاقة مع الحزب الشيوعي العراقي وتيارات علمانية عدة، وسيدعمهم بقوة في الانتخابات، كما سبق أن دعم صعود ثلاثة وزراء علمانيين، بدلاً من ساسة إسلاميين في إصلاحات عام 2016.

ويعتقد بعض الإسلاميين أن من الأفضل عدم دخول مواجهة مع التيار العلماني واحتواءه بتحالفات وشراكات، لاسيما وسط نقمة واضحة على التيار الديني، الذي يهيمن على السلطة منذ 15 عاماً، دون تحقيق منجزات واضحة.

back to top