تداعيات مدمرة للقطيعة بين ترامب وستيف بانون

نشر في 13-01-2018
آخر تحديث 13-01-2018 | 00:01
ترامب مع كبير مستشاريه ستيف بانون
ترامب مع كبير مستشاريه ستيف بانون

كانت القطيعة التي وقعت بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكبير مستشاريه الاستراتيجيين ستيف بانون قد أفرزت ما يمكن توقعه من هذا الثنائي المتفجر.

وبعد أن اتهم بانون عائلة ترامب ورئيس حملته الانتخابية بول مانافورت «بالخيانة» نتيجة اجتماعهم مع محامية روسية في برج ترامب خلال حملة الرئاسة رد ترامب بالقول إن بانون قد «فقد عقله».

ويقول أحد موظفي البيت الأبيض رداً على سؤال حول مستقبل بانون قائلاً «يوجد أشخاص يمكن اعتبارهم من الحلفاء العقائديين ولكن ضمن الحلفاء الفعليين. وكانت هذه هي القشة الأخيرة التي أنهت علاقة بانون مع الرئيس».

وقد تضررت سمعة بانون في أعقاب انتخابات خاصة لمجلس الشيوخ في ألاباما خلال الشهر الماضي، وأسفرت عن استعدائه للحزب الجمهوري من خلال دعمه «روي مور» على الرغم من توجيه اتهامات لهذا المرشح بالتحرش الجنسي، كما أن مور فقد ما كان يعتقد أنه سباق لا يمكن خسارته أمام المرشح الديمقراطي «دوغ جونز».

وعلى الرغم من سوء حساباته والعداء الذي أثاره في أوساط الجمهوريين التقليديين تميز نفوذ بانون بوجود علاقة مباشرة له مع ترامب، وقد أكد البيت الأبيض أن بانون أجرى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الأميركي في الشهر الماضي، وأنه يمكن أن يقدم مساعدة حول أفكار الرئيس إزاء السياسة والاستراتيجية السياسية.

رأي ترامب

وقال الرئيس ترامب إن بانون يتصرف من تلقاء نفسه «وهو يتعلم أن الفوز ليس بالسهولة التي أجعله يبدو أنه لا يمثل قاعدتي السياسية، بل يمثل نفسه فقط».

وقد أفضت تلك القطيعة بين الرجلين الى تداعيات مباشرة في أوساط الحزب الجمهوري، وشعرت قيادة الحزب بسعادة لتشويه صورة بانون، إضافة الى تأييد زعيم الأكثرية في مجلس الشيوخ الأميركي «ميتش ماك كونيل» لموقف ترامب.

وفي غضون ذلك علق أنصار بانون في محنة محرجة مفاجئة بينه وبين الرئيس، وفي فيرجينيا الغربية دعا النائب إيفان جنكنز، وهو مرشح مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري لتحدي السيناتور الديمقراطي «جو مانشن» دعا خصمه وزير العدل باتريك موريسي إلى التخلي عن بانون.

وقال جنكنز في بيان له «بعد حملات ستيف بانون المغرضة على الرئيس ترامب وعائلته يتعين على باتريك موريسي على الفور أن يرفض دعم بانون، وإذا رفض فسيعلم سكان فيرجينيا الغربية أن ما كان يقوله ترامب عن بانون اليوم ينسحب أيضاً على موريسي من حيث إنه يمثل نفسه فقط».

وقد سارعت المتحدثة باسم موريسي إلى الرد بأن «المرشح لا يدعم تلك الحملات على الرئيس ترامب وعائلته». وفي ويسكونسن اتخذت حملة مرشح الحزب الجمهوري لمجلس الشيوخ «لياه فاكمير» مقاربة مماثلة، داعية خصمه كيفن نيكولسن إلى التخلي عن دعم ستيف بانون.

وقال مدير حملة فاكمير غيس وارد «كان من المخيب للآمال بقدر كبير معرفة حدوث تلك الحملات الشريرة على الرئيس ترامب وعائلته من قبل بانون».

مرشحو الحزب الجمهوري

المرشحون الآخرون لمجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري من مؤيدي بانون الذين يمكن أن يتعرضوا لضغوط من أجل الاستجابة لهذا الموقف هم جوش هولي في ميزوري، وكيلي وورد في أريزونا، ومات روزندال في مونتانا.

ومع قطع الرئيس ترامب علاقته مع بانون بهذه الطريقة الدراماتيكية ستكون حملة الحزب الجمهوري في حاجة إلى دراسة ما إذا كان دعم بانون يستحق الشيء الكثير في المقام الأول، وبصورة مباغتة يمكن أن تحمل سمة بانون وصمة عار.

وبوصفه الرئيس التنفيذي لبريتبارت (موقع اخباري أميركي يميني متطرف) لا يزال بانون يتمتع بنفوذ على مواقع الشبكة العنكبوتية المؤثرة والمفضلة لدى اليمين المتطرف، ولكن حتى إذا كانت ستشهد تداعيات من النزاع فإن المحسن الثري من الحزب الجمهوري روبرت ميرسر وابنته ريبيكا ميرسر قد ساعدا «بريتبارت» مالياً وكانا من كبار مؤيدي الرئيس ترامب أيضاً.

وقد أعلن روبرت ميرسر في شهر نوفمبر الماضي أنه قرر بيع حصته في شركة «بريتبارت» لابنته، وجعل من الواضح أنه عندما يناقش الأمور السياسية مع بانون فهو لا يؤيده دائماً، وربما تضع القطيعة بين ترامب وبانون عائلة ميرسر في وضع غير مريح بقدر أكبر تماماً، وهو وضع لا يفضل بالضرورة بانون الذي بقي له قلة من الحلفاء في البيت الأبيض.

وقال إريك نجل دونالد ترامب في تغريدة في الأسبوع الماضي «عندما خسر بانون بريتبارت لم يعد لديه أي شيء».

وتجدر الإشارة إلى أن بانون لم يرد على رسالة بالبريد الإلكتروني للتعليق على هذا الوضع، ولكن مصدراً مقرباً منه يقول إن بانون «لا يشعر بندم وهو يتصرف كما لو أن هذه أنباء يومية عادية».

وعندما سئل حول ما إذا كان يظن أن بانون سيتحدث مع الرئيس ترامب من جديد أجاب المصدر أن ذلك لا يهم في الوقت الراهن، وأنهما «يركزان على الأجندة وتغطيتها»، وبحلول الأسبوع الماضي كانت الأنباء المهمة على موقع التواصل الاجتماعي تقول بضرورة «الدعم الواسع لسياسة ترامب حول الهجرة».

وعندما غادر بانون البيت الأبيض في شهر أغسطس الماضي كان يعتبر مصدراً يعول عليه كحليف خارجي للإدارة الأميركية، ولكنه يبدو الآن مصدراً للانتقام بشكل يلائم دور شاهد للمستشار الخاص «روبرت مولر» في سعيه الى معرفة تواطؤ محتمل بين حملة ترامب وروسيا في حملة الانتخابات الرئاسية.

حملة بانون

ويهاجم بانون عائلة ترامب بصورة مباشرة، ويخبر المؤلف مايكل وولف أن فرصة نجل الرئيس ترامب إزاء اجتماعه مع المحامية الروسية ناتاليا فيسيلنتسكايا وغيرها من المشاركين في اجتماع العشرين من شهر يونيو عام 2016 في برج ترامب تعبر عن رفض الرئيس معرفته بذلك الاجتماع، كما تشير الى صفقات مالية بين صهر الرئيس ترامب غاريد كوشنر قائلاً إنها ستؤدي دوراً رئيساً في تحقيقات روبرت مولر.

وقد أصبح بانون الذي اتهم ترامب بـ«النرجسية» مصدر اهتمام لوسائل الإعلام في العام الماضي، ولكن إذا كان صحيحاً أن ترامب عمد في أغلب الأحيان الى إصلاح علاقاته مع من اختلف معهم في السابق فإن النزاع مع بانون يشير الى محنة سياسية للبيت الأبيض، ناهيك عن الألغام القانونية المحتملة التي زرعتها تعليقاته.

ويبدو بانون الآن مثل ذئب منفرد انطلق بعناد من القفص وحوصر في زاوية، ولم يعد الكثير كي يكسبه أو يخسره.

* ● ديفيد كاتانيس - «يو إس نيوز»

back to top