ماذا دهاك يا وطن؟!

نشر في 06-01-2018
آخر تحديث 06-01-2018 | 00:07
التدهور الذي حدث على جميع الصعد ما هو إلا مؤشر على تلاشي منظومة العمل المؤسسي في مؤسسات الدولة؛ فالظلم أصبح بقرار سياسي، والألم أصبح بقرار سياسي، والقهر كذلك بقرار سياسي، وفي كل مرة نناقش قضية تهمنا كمواطنين نجدها تنتهي بالسياسة.
 د. سالم مطرود ماذا دهاك يا وطن وقد أصبحت حياتنا فيك تتمحور حول العمل السياسي والقرار السياسي شئنا ذلك أم أبينا. وليس لذلك علاقة بالفلسفة والفراغ والوعي المجتمعي الذي نعيشه وإنما بواقعنا الذي يعزز ذلك، الأمر الذي يجعلني مذهولاً مما يحصل لنا. فبعد عودتي إلى وطني حاملاً شهادتي اعتقدت أن الواقع ما هو إلا طوع العلم والمعرفة وأنه يتكيف ويتغير مع المسلمات والحداثة، ولكن للأسف الواقع الذي من المفترض أن يكون متفرغاً لنشر العلم والمعرفة والتطوير والتحفيز على الإبداع أصبح للأسف، وأكررها مرة أخرى، مغايراً لذلك، ويدفعنا فقط إلى السياسة وما تحويه من معضلات تؤثر على حياتنا وتعايشنا حتى مع الآخر.

فالتدهور الذي حدث على جميع الصعد ما هو إلا مؤشر على تلاشي منظومة العمل المؤسسي في جميع مؤسسات الدولة، فالظلم أصبح بقرار سياسي، والألم أصبح بقرار سياسي والقهر كذلك بقرار سياسي، وفي كل مرة نناقش قضية تهمنا كمواطنين نجدها تنتهي بالسياسة، فمثلاً الإخفاقات التعليمية والرياضية أجد نفسي عندما أناقشها أنني في نقاش سياسي، فما الرياضة والنزاع والصراع اللذان شلا حركتها إلا سياسة، والتعليم وجودته ومن يعمل به أصبحت أموراً سياسية، والصحة وخدمتها لأفراد المجتمع أصبحا سياسة... فماذا دهاك يا وطن؟ طريقة حياتنا وشأننا الداخلي أصبحا أمراً سياسياً، زيادة التضخم وانعكاس ذلك على حياة الأفراد ووضعهم المعيشي أصبحا شأناً سياسياً، قضايانا الوطنية والمصيرية المتعلقة بمستقبل وطننا الذي فقدناه في السابق في درس قاس، ولكن للأسف لم نتعلم منه، أصبحت سياسة.

أحاديثنا الجانبية... وجلساتنا لمناقشة مصيرنا ومستقبل أبنائنا أصبحت كذلك سياسية، ولنا في هذه بعض الأمثلة التي نعيشها وتنعكس بشكل مباشر على حياتنا أبرز الأمثلة: سُجِن أبناؤنا في قضية سياسية، سُحِل أبناؤنا في تجمع سياسي وقضية سياسية، نُهِبت أموالنا وضاعت أحلامنا في قضية سياسية، خسر بعضنا مواطنته وشُتِّت أبناؤه في قضية سياسية، هُدد الجميع وأُرهب في مواطنته في قضية سياسية، اهتزت وحدتنا الوطنية في قضية سياسية.

فماذا دهاك يا وطن؟ سؤال نوجهه إلى أنفسنا حين نراك وقد أصابك ما أصابك يا وطن، فقد أصابنا منك الألم وقد تخلينا عن مجالاتنا المختلفة وركزنا في عملك السياسي فقط وما دون ذلك ما هو إلا فراغ، ولذا لم نعد نفكر في كيفية بنائك يا وطن وتعزيز وجودك إلا من خلال عمل سياسي شامل ينصفنا ويحفظ لكل منا مجاله ويجعلنا ننتصر لمستقبلنا بك.

back to top