انتفاضةٌ و«دعاء»!

نشر في 05-01-2018
آخر تحديث 05-01-2018 | 00:19
 صالح القلاب لا "دعوات" الذين يبتهلون إلى الله جلّ شأنه أن ينصر هذه الانتفاضة الإيرانية، ولا "دعوات" الذين يدعون عليها بالفشل، على غرار ما حدث لـ"هبة" 2009، هي من سيحسم الأمور، والمعروف أن هناك عرباً يريدون زوال هذا النظام، الذي كانوا قد صفقوا له في البدايات في فبراير عام 1979 حتى احمرت وأُدميت أكفهم، وهناك من ينتظر فشلاً ذريعاً لهذه الثورة.

وحقيقة، لو أن "الدعاء" وحده يحقق رغبة لكانت إسرائيل قد زالت قبل أن تبدأ، ولكان الوطن العربي، من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر، دولة واحدة، ولكانت الولايات المتحدة قد أصبحت منذ عشرات السنين ألف دولة، ولم يعد هناك جائع واحد في هذا الوطن العربي، الذي يتضور معظم أهله الآن جوعاً... ولكنا استعدنا الأندلس، ولوصلت خيولنا إلى سور الصين العظيم مرة ثانية.

المهم... الكل يعرف أن عجوزاً كانت سألت راعي إبل عما يعالج به بعض إبله المصابة بداء "الجرب"، ولأن جوابه كان أنه يدعو لها مع طالع كل شمس بالشفاء؛ قالت: "الأفضل أن تضع مع دعائك شيئاً من القطران"... ألا ينطبق هذا على "أدعيتنا" المتواصلة بأن تتحرر فلسطين منذ نحو سبعين عاماً، وأنه علينا مع هذه الأدعية أن نوحد صفوفنا، وأن نرفع الظلم عن شعوبنا، وأن نفعل ما فعله أبطال السلف الصالح الذين هزموا إمبراطوريتين كبيرتين؟!

أنا العبد الفقير إلى الله، تهيأت لي فرصة أن أكون في طهران، بعد انتصار ثورتها بأقل من أسبوع، وهناك، وفي ساعات المساء المتأخرة، شاهدت في أحد ميادين العاصمة الإيرانية جماهيرَ فرحةً، وهي تهاجم تمثالاً لشاه إيران الراحل محمد رضا بهلوي، وتردد هتافاً بالفارسية، عرفت معناه: "الموت لأميركا... الموت لشاه إيران"، وخطر ببالي، وأنا أرى التمثال يتهاوى، والناس ينهالون عليه بالهراوات والفؤوس، وأيضاً بالرفس بأقدامهم؛ أنه قد يأتي يوم سيندمون فيه على هذا الذي يفعلونه، وأنهم قد يقيمون لهذا الذي يحطمون تمثاله الآن تمثالاً جديداً، ولكن من ذهبٍ، قد تصل هامة صاحبه إلى عنان السماء!

كان الروس، ومن بينهم شيوعيون عاشوا جزءاً من فترة الماركسية اللينينية-الستالينية، التي من أجلها كانوا أُرسلوا في عهد القيصر إلى سيبيريا ليقيموا هناك في صقيعها سنوات طويلة، قد بادروا إلى هتاف أحرّ كثيراً من هتافهم لـ"ماركس" و"إنجلز" و"لينين" و"ستالين"، عندما رأوا قنابل مدافع يالتسن تحصد المباني الجميلة للجنة المركزية والمكتب السياسي، للحزب الشيوعي. والآن، وبعدما عادوا إلى إيمانهم هاهُم يسألون الله أن يغير الأحوال، وأن يعيد لهم ماركسيتهم ولينينيتهم السابقة... فالجوع كافر كما يقال، ومليارات "الرفيق" فلاديمير بوتين، لا فلاديمير لينين، هي له وحده، وبالتأكيد فإنه لن ينالهم منها شيء!

back to top