مجلسنا غير كل المجالس

نشر في 05-01-2018
آخر تحديث 05-01-2018 | 00:08
ندرك أن دستورنا قد انفرد بخصوصية الجمع بين النظامين البرلماني والرئاسي وحدد طبيعة العلاقة بين السلطات الثلاث وعمل كل منها، فإذا نظرنا إلى الأسس العامة لحدود كل سلطة وإلى نقاط الالتقاء يتبين لنا أن خصوصية الجمع لم تؤثر في الدستور الكويتي، بل زادته قوة وقدرة على الاستمرار والمواجهة.
 أ. د. فيصل الشريفي أتفهم خصوصية الدستور الكويتي وكيف راعى المشرع عند كتابته لمواده علاقة أطراف السلطة الثلاث مع بعضها في حالة قد لا تتكرر في أي من دساتير العالم، لأنه جمع بين نظامين يسيران على النقيض من بعضهما (البرلماني والرئاسي)، وذلك مراعاة لظروف اجتماعية ولحالة المشيخة والنظام القبلي السائر آنذاك في المنطقة ومنها الكويت.

مع تطور المجتمع وانتشار ثقافة الديمقراطية أصبح الشارع أكثر وعياً في فهم طبيعة الممارسة الديمقراطية مع يقينه أن الدستور الكويتي ما زال صالحاً، وفيه الكثير من نقاط القوة التي تميزه عن غيره من الدساتير، وإلى علاقة المحكوم بالحاكم، وقبوله له باعتباره مرجعية السلطات وصمام أمان أمام المتغيرات والاهتزازات والأحداث التي مرت على المنطقة.

من الطبيعي أن يتكرر مشهد الشدّ والجذب بين الحكومة والمجلس واستمرار المساءلة السياسية وطرح الثقة، وهو أمر يمكن تبريره ويمكن الدفاع عنه لأنه حق دستوري قد كفله الدستور للنواب، ومن الطبيعي أيضاً أن نرى بعض التصرفات الخارجة عن أدب الحوار، فهذا المشهد قد حدث وتكرر في أغلب برلمانات العالم لأن الطبيعة البشرية واحدة.

إننا ندرك أن دستورنا قد انفرد بخصوصية الجمع بين النظامين البرلماني والرئاسي وحدد طبيعة العلاقة بين السلطات الثلاث (الحكومة، والبرلمان، والقضاء) وعمل كل منها، فإذا نظرنا إلى الأسس العامة لحدود كل سلطة وإلى نقاط الالتقاء يتبين لنا أن خصوصية الجمع لم تؤثر في الدستور الكويتي، بل زادته قوة وقدرة على الاستمرار والمواجهة.

نرجع إلى طبيعة عمل المجلس وإلى الدور الرقابي والتشريعي محل الخلاف ومحل تندر السلطتين، حيث من النادر التنبؤ بنتائج تلك العلاقة، وقد تكون الحالة أكثر ضبابية عندما يتفاعل الشارع معها ويفرض سلطته على النواب، ولذلك من المتوقع أن تشهد المرحلة القادمة المزيد من التصادم رغم حداثة التشكيل الوزاري ووجود تسعة وزراء يبحثون عن فرصة إثبات الوجود.

بوادر التصعيد لم تعد خافية على المتابع للشأن السياسي، والتي في الغالب تبدأ من الشارع، لكن أخطر ما في الأمر انعكاس هذا التصعيد على علاقة رئيس المجلس بالنواب، وهو أمر كان وسيظل قائماً، وقد عاناه غالبية رؤساء المجالس السابقة، وخصوصا المرحوم السيد جاسم الخرافي، إلا أنه وفي العادة يظل المسؤول عن التهدئة شخص الرئيس لإدراكه قيمة وأهمية منصب رئيس مجلس الأمة.

أخطر ما يواجه مسيرة الدستور اليوم زحف سلطة المجلس وتدخلها بعمل الحكومة، ناهيك عن توتر العلاقة بين الرئيس والنواب؛ مما يستدعي مراجعة للذات بالاحتكام لمواد الدستور والالتزام باللائحة الداخلية للمجلس، من هنا تقع مسؤولية التهدئة على الرئيس ومكتبه بالتعاون مع زملائهم الأعضاء، وعليهم أيضاً تقبل اختلاف الآراء، وألا يتحول خلاف الرأي إلى حلبة للتحدي، فهو أمر غير مقبول، فالشعب انتخبكم للذود عن مصالحه، والنواب بمن فيهم الرئيس يمثلون كل الأمة لا جزءا منها.

ودمتم سالمين.

back to top