ذاكرتك... خطوات تعتني بها وتبقيها منتعشة!

نشر في 04-01-2018
آخر تحديث 04-01-2018 | 00:00
No Image Caption
تتعدّد العوامل المؤثرة حين يكون الدماغ قيد التطوير. لكن ما من معايير ثابتة في هذا المجال. يمكن أن تتحسّن قدراتنا المعرفية بغض النظر عن العمر بشرط أن نلتزم بأسلوب حياة صحي: نوم سليم، ممارسة الرياضة، التحكّم بالضغط النفسي، مراقبة النظام الغذائي... تتعدد الاستراتيجيات الفاعلة التي تسمح بحماية الخلايا العصبية والوقاية من داء الزهايمر!


تحفيز الخلايا العصبية

من خلال تحليل حد أقصى من المعلومات، يشكّل الدماغ شبكة من الخلايا العصبية القابلة للتوسّع. يمكن تطوير هذه العملية عبر الابتكار والقراءة والتفكير والدرس والنشاطات الترفيهية والتفاعل مع الآخرين. كلما زادت الحوافز، سيصنّع الدماغ خلايا عصبية جديدة. حتى أن هذه العملية تنجح في عمر الثمانين أيضاً! تتطوّر هذه الخلايا في منطقة الحصين الضرورية لحفظ المعلومات، وتؤدي الخلايا العصبية الجديدة دوراً فيزيولوجياً يقضي بالتمييز بين المعلومات الجديدة وبين تلك القديمة. خلال مرحلة الشيخوخة، تعوّض تلك الخلايا عن آثار التقدم في السن.

النوم لترسيخ المعلومات

نعرف منذ بداية القرن العشرين بوجود رابط بين ترسيخ المعلومات وبين النوم. يسمح النوم السليم للأولاد والمسنين بحفظ المعلومات. لكن لا ينام الجيل الجديد بما يكفي اليوم بسبب مشاهدة الفيديوهات المتواصلة وكتابة الرسائل النصية... تُنَشّط هذه المهام الدماغ مع أنه يحتاج إلى استعادة قواه. لذا يجب إطفاء الشاشات قبل ساعة ونصف الساعة على الأقل من موعد النوم. بالنسبة إلى المسنين، يساهم النوم في {تنظيف} الدماغ من صفائح الأميلويد التي تتراكم بشكل غير طبيعي وترتبط بالزهايمر.

تغذية الدماغ بالأوكسجين

يجب أن نتحرّك كي تقدّم القدرات الدماغية أفضل أداء لها. أثبت بعض الدراسات السلوكية وجود رابط بين النشاط الجسدي وبين حجم الحصين ونتائج اختبارات الذاكرة. يحفّز النشاط الجسدي جهاز القلب والأوعية الدموية وينقل الدم جزيئات الأوكسجين التي تنتشر في الجسم وتغذّي الدماغ. لذا تشكّل تمارين التحمّل أنسب طريقة لحماية الذاكرة.

تغذية المادة الرمادية

يحمي النظام الغذائي المفيد للقلب صحة الدماغ ويسهّل عليه الحفظ. في هذا المجال، أثبتت الحمية المتوسطية فاعليتها. من خلال الحدّ من الدهون الحيوانية، لن تتراكم الدهون التي تلتصق على جدار الأوعية الدموية وتسدّه. وبفضل هذه الحمية أيضاً، سيحصل الجسم على نسبة إضافية من الفيتامينات والمعادن المضادة للأكسدة التي تساعد الخلايا العصبية على مكافحة الشيخوخة. أخيراً، من خلال الأسماك الغنية بأحماض الأوميغا 3 الدهنية نحافظ على سلامة الدماغ.

التحكّم بالضغط النفسي

القلق والاكتئاب من أسوأ أعداء الذاكرة. يؤدي الضغط النفسي المفرط إلى أمراض مثل متلازمة إجهاد ما بعد الصدمة. ولما كانت الذاكرة حساسة تجاه العواطف القوية والسلبية (والإيجابية منها أيضاً)، ذلك من خلال رابط بين اللوزة الدماغية الواقعة في صلب دائرة العواطف والحصين في وسط دائرة الذاكرة، فتزداد صعوبة الحفظ تزامناً مع اشتداد الضغوط.

نصائح لتسهيل حفظ المعلومات

كيف نحفظ التواريخ؟

تعمل الذاكرة مثل شبكة العنكبوت، لذا يجب أن تنشأ روابط بين العناصر المجهولة والمعروفة. لحفظ أي حدث تاريخي مهم، يجب أن تبدأ بوضعه في سياقه وتربطه بمختلف العوامل التي تذكّرك به. ثم يجب أن تراجع تلك المعلومة خلال الساعة التي تلي تعلّم المفهوم الجديد. لكن لا تعني المراجعة تكرار القراءة بل طرح الأسئلة لفهم المعلومات على أكمل وجه. كذلك يجب أن تراجعها على مر الأيام اللاحقة، وبعد أسبوع، ثم بعد شهر. بعد مرور بضعة أشهر، ستختفي القصة التي استعملتها لدعم المعلومة المستهدفة ولن يبقى في ذاكرتك إلا الحدث الأصلي.

كيف نحفظ لائحة مشتريات من 10 كلمات؟

حين تريد التسوق من دون تدوين لائحة المشتريات على ورقة، تقضي أبسط استراتيجية بسرد قصة انطلاقاً من الكلمات التي تريد حفظها لإنشاء رابط بين مختلف المنتجات ومحاولة تشغيل الحواس الخمس وتشفير المعلومات. كلما كانت القصة جنونية، سيسهل عليك أن تحفظها. لتذكّر سلسلة الكلمات، يمكنك أن تستعمل تقنية الأماكن. استناداً إلى الحواس الخمس أيضاً، يجب أن تُشغّل الذاكرة البصرية والمكانية عبر ربط الكلمات المستهدفة بأماكن مألوفة.

كيف نحفظ أسماء عدد من الأشخاص؟

إذا تعرّفتَ إلى مجموعة من الأشخاص الجدد خلال مناسبة اجتماعية، يجب أن تحترم أربع مراحل لحفظ أسمائهم: التحلي بالشجاعة وفهم المعلومة وحفظها وعدم نسيانها مطلقاً. لحفظ أي اسم، يجب أن تولي اهتماماً للشخص الذي يحمله، ما يعني ضرورة أن تتساءل عن أهميته في نظرك. يحصل التعارف بطريقة سريعة غالباً، لذا لا تتردد في تكرار اسم الشخص والسؤال عن أصله. لحفظه بشكل نهائي، لاحِظْ ميزة في شكله أو أسلوبه أو ملابسه. تبقى تقنية الحواس الخمس فاعلة في هذه الظروف أيضاً لأن كل حاسة تُشغّل منطقة دماغية معينة. إذا ارتبطت المعلومة بالنظر واللمس والذوق والشم والسمع في آن، يتراجع احتمال النسيان بخمس مرات!

خطط فاعلة ضد الزهايمر

نظراً إلى غياب أي علاج مثبت للألزهايمر حتى الآن، تبقى الوقاية أهم سلاح مضاد لهذا الداء. لا يفوت الأوان مطلقاً لحماية الدماغ!

منذ عام 2011، تثبت دراسات مختلفة تراجع حالات الزهايمر الجديدة وتشدّد على أهمية مستوى التحصيل العلمي الذي يرتبط بصحة القلب والأوعية الدموية. تبيّن أيضاً أن العوامل البيئية تكون مؤثرة. ترتكز الخطة الوقائية الفاعلة على تبني الحمية المتوسطية ومكافحة عوامل الخطر المطروحة على القلب والأوعية الدموية وممارسة النشاطات الجسدية والتحفيز المعرفي.

أفضل حمية غذائية

لا مجال للتشكيك بمنافع الحمية المتوسطية لحماية الدماغ علماً بأنها تتألف بشكل أساسي من السمك والخضراوات والفاكهة والحبوب وزيت الزيتون.

على صعيد آخر، تتعدّد الأغذية المفيدة، من بينها الخضراوات الخضراء (ست حصص على الأقل)، والبقوليات (أكثر من ثلاث حصص من 50 غراماً أسبوعياً)، والدواجن (مرتين على الأقل أسبوعياً)، والفاكهة الحمراء (حصتان على الأقل من 20 حبة توت أسبوعياً)، والحبوب الكاملة (ثلاث حصص على الأقل من 50 غراماً أسبوعياً).

حماية القلب والأوعية الدموية

تزداد المخاطر المطروحة على القلب والأوعية الدموية بسبب ارتفاع ضغط الدم والسكري وفائض الكولسترول، وتؤدي بطريقة غير مباشرة إلى ظهور الزهايمر. نتيجة لهذه الأمراض الشائعة لدى المسنين، قد تتضرّر الأوعية الدموية والشرايين على المدى الطويل. في هذه الحالة، لا تتلقى الخلايا الدماغية ما يكفي من الأوكسجين وتقلّ قدرتها على الدفاع عن نفسها ضد تشكّل صفائح الأميلويد التي تمهّد لظهور الزهايمر.

تزداد حدّة العواقب بعد التعرض لحوادث دماغية مثلاً. أما أسس الخطة الوقائية فتشمل تخفيف الملح في المأكولات لتجنب ارتفاع ضغط الدم، والإقلاع عن التدخين بغض النظر عن العمر، فضلاً عن ضرورة ممارسة نشاط جسدي منتظم.

متابعة التعلّم واللعب في الأعمار كافة

يحلم كثيرون ببلوغ سن التقاعد كي يرتاحوا، لكن تميل هذه المرحلة إلى إضعاف الدماغ. يرتفع احتمال الإصابة بالزهايمر بنسبة 15 % لدى الأشخاص الذين يقررون التقاعد في عمر الستين مقارنةً بمن ينتظرون حتى عمر الخامسة والستين. يقضي الحل بمتابعة التحرك وتعلّم لغة أجنبية ومتابعة حصص مخصصة لتقوية الذاكرة.

بينما لم تثبت فاعلية أي تمارين علمياً، يفيد بعضها على الأقل في إقامة روابط اجتماعية، ما ينعكس إيجاباً على خطة الوقاية من الزهايمر. في هذا المجال، يقترح بعض الخبراء تدريب الذاكرة على الحاسوب. ربما لا تمنع هذه الطريقة من الإصابة بالزهايمر لكنها تضمن حوافز غنية ومتنوعة للدماغ.

عناصر ضارة

• بنزوديازيبين: عند أخذ هذه العناصر الموجودة في مضادات القلق أو الأدوية المنوّمة لفترة طويلة، يتباطأ الأداء المعرفي ويسهل أن يتطوّر الزهايمر في هذه الحالة لأن بعض الجزيئات يحتاج إلى وقت إضافي للخروج من الجسم.

• الألمنيوم الموجود في الماء: في عام 2000، لاحظ فريق بحثي وجود رابط بين ظهور الزهايمر وبين استهلاك ماء الصنبور الذي يحتوي على أكثر من 100 ميكروغرام في كل ليتر ألمنيوم. لا بد من التنبه إلى هذه النتيجة لأن الألمنيوم مسؤول على ما يبدو عن %2 من حالات الزهايمر.

• الاختلالات السمعية: يؤثر فقدان السمع التدريجي في مستوى اليقظة والانتباه، ما يعني أنه ينعكس أيضاً على أداء الذاكرة. يميل الشخص الذي يضعف سمعه إلى عزل نفسه ويخسر بذلك الحوافز التي تضمنها العلاقات الإنسانية. لكن من خلال تصحيح الخلل عبر استعمال الجهاز السمعي المناسب، يمكن أن يكبح المريض مسار التدهور المعرفي.

متى تدعو الحالة إلى القلق؟

يرصد المحيطون بالمريض أولى المؤشرات المقلقة، فيلاحظون مثلاً أنه نسي ما فعله منذ خمس دقائق أو يكرر كلامه خلال المحادثة نفسها. لا مفر من أن ينعكس هذا الوضع على الحياة اليومية.

في الظروف الطبيعية، يمكن أن يجد كل شخص استراتيجيات فاعلة للتعويض عن حوادث النسيان العابرة. لكن يبقى هذا الاحتمال مستحيلاً بالنسبة إلى المصابين بالزهايمر!

النظام الغذائي المفيد للقلب يحمي صحة الدماغ ويسهّل عليه الحفظ

يجب أن نتحرّك كي تقدّم القدرات الدماغية أفضل أداء لها
back to top