إيران... واصطفافات المنطقة!

نشر في 03-01-2018
آخر تحديث 03-01-2018 | 00:23
 صالح القلاب لمواجهة كل هذه التحديات التي تهدد المنطقة وتضغط على عنقها بقوة وشدة وهمجية؛ فإنه لابد من المبادرة لاصطفاف تحالفيٍّ عربيٍّ فعليٍّ جديدٍ، من دون رياء ولا نفاق، ولا وفقاً لتلك المعادلة المكشوفة (الخاسية): "يعْدي مع الذيب ويجفل مع الغنم"، فالآن هناك تهديدات فعلية للأمن القومي ولتماسك الدول العربية، التي لا تزال تتمسك بعروبتها.

وبوضوح، فإن هذه التهديدات، إضافة إلى التهديدات الإسرائيلية، هي إيرانية وبأبعاد ثأرية قديمة لا علاقة لها بالشيعة ولا بالتشيع.

عندما لا يخجل بعض كبار المسؤولين الإيرانيين من التفاخر بسيطرتهم على أربع عواصم عربية، وعندما يُلْحقون بهم وببرامجهم وبأطماعهم التوسعية والإلحاقية في هذا الوطن العربي هذا النظام البائس في دمشق، نظام بشار الأسد، والقوى والأحزاب المذهبية في العراق؛ كالحشد الشعبي و"التدرُّنات" الطائفية الصغيرة الأخرى، وبالطبع حزب الله الذي اعترف وكيله حسن نصرالله بأن "صواريخه وسلاحه ورواتبه ومأكله ومشربه هو من الدولة الإسلامية في إيران"، وكذلك "الحوثيون" في اليمن؛ فإن هذا يتطلب أن يكون هناك اصطفاف مضاد يضم مصر والمملكة العربية السعودية والأردن، ودول الخليج العربي الأخرى كلها: الكويت ومملكة البحرين وسلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، وأيضاً قطر.

كما يفترض أن موقع دول إفريقيا العربية هو هذا الموقع كذلك، فعندما يصل "التَّسرُّب" المذهبي الإيراني إلى بعض الدول المغاربية، إنْ لم يكن كلها، ومعها ما يسمى دول القرن الإفريقي؛ فهذا يعني أن على هذه الدول كلها وبدون استثناء أن تعلن حالة الاستنفار القصوى.

وحقيقة، فإن التحذير المبكر من "الهلال الشيعي"، والمقصود الهلال الإيراني، قد ثبتت صحته وجديته، والدليل هو هذا الذي نراه الآن، إذ هناك عمليات استيطان إيراني في "القطر العربي السوري" (في دمشق، وبامتداد من باب توما حتى المسجد الأموي في قلب الفيحاء الأموية)، إضافة إلى الاحتلال العسكري وإنشاء البؤر المذهبية بأبعاد سياسية في العديد من دول الوطن العربي.

إن هذا ليس من قبيل التجني، على الإطلاق، فكل مراهناتنا -عندما هرعنا خفافاً وثقالاً نحو طهران حين أطاحت الثورة في عام 1979 نظام الشاه محمد رضا بهلوي- قد فشلت، وثبت أن أحلامنا تلك كانت وردية أكثر من اللزوم، وأنه -بالتالي- لا يصح إلا الصحيح... والصحيح هو أن هذه الثورة التي تواجه مصيرها الآن كانت تجديداً للأطماع الصفوية القديمة، ولاحتلال الصفويين بدوافع قومية "فارسية" لبلاد النهرين، وعلى نحو فيه الكثير من الشبه مما هو قائم الآن!

وهكذا، فإن ما يجب التصدي له، بكل وضوح وصراحة وبدون خجل ولا وجل، هو أن هناك طابوراً خامساً في بعض دولنا العربية، حتى التي هي بدون أي لون طائفي، وأن هذا الطابور قد نشط في الفترة الأخيرة، لدفع هذه الدول في اتجاه المحور الإيراني– الروسي، على حساب علاقاتها ببعض الدول الشقيقة، التي كانت ولا تزال، والواضح أنها ستبقى، الداعم لأشقائها الذين هم بحاجة إليها.

وهنا، فإن الأمثلة كثيرة على هذا الصعيد، وفي هذا المجال.

back to top