مظاهرات إيران وخطورة الانحياز الطائفي

نشر في 03-01-2018
آخر تحديث 03-01-2018 | 00:10
مع أن مظاهرات إيران هي شأن داخلي إيراني، إلا أنها فضحت دُعاة الطائفية ومروجيها من الطرفين، إذ إنها عرّت مواقفهم المتناقضة من حريات الشعوب ومطالبها المُستحقّة، وكشفت ضحالة تفكيرهم خصوصاً أن بعضهم تمادوا كثيراً، من منطلقات طائفية بائسة، فأصبحوا يدافعون عن النظام الإيراني الرجعي وكأنهم أحد أركانه.
 د. بدر الديحاني ترفع الجماهير الإيرانية في المظاهرات الحالية الشعارات ذاتها التي كانت مطروحة في دول عربية أثناء مظاهرات واحتجاجات ما كان يُسمى إعلامياً "الربيع العربي"، وهي شعارات تتمحور حول مطالب "العيش، الحريّة، الكرامة الإنسانية" التي تطورت، فيما بعد نتيجة عدم استجابة الأنظمة، للمطالبة بإسقاط النظام مثلما حصل في تونس ومصر ويحصل حالياً في إيران، بل إنها هي المطالب الشعبية عينها التي طُرحت أثناء الثورة الإيرانية التي أسقطت الشاه في فبراير 1979 بعد أن شاركت فيها جميع طبقات وفئات المجتمع وقواه السياسية والشعبية، ولكن قوى يمينية رجعية ترفع شعارات دينية وطائفية اختطفت الثورة الشعبية ثم انفردت في السُلطة، وقامت، بعد ذلك، بتصفية العناصر والقوى الثورية والمدنية والديمقراطية التي كانت في مقدمة الصفوف المشاركة في الثورة.

والسبب الرئيس الذي يُجبر الناس على الخروج إلى الشارع سواء في الدول العربية أو في إيران حالياً هو، كما ذكرنا مراراً، سبب اقتصادي-سياسي داخلي بعد أن ضاقت بهم سبل العيش الكريم، وذلك نتيجة احتكار السُلطة والثروة، والفقر والبطالة، والتهميش السياسي، وغياب الحريات والعدالة الاجتماعية. بمعنى آخر فإن سبب المظاهرات والاحتجاجات هو سبب داخلي لا مؤامرات خارجية أو "فئة مُندسّة"! كما تُشيع الأنظمة التسلطية التي تُروّج، في كل مكان، الخطاب الإعلامي ذاته المُضلّل والمُنفصِل عن الواقع.

ومع أن مظاهرات إيران هي شأن داخلي إيراني، إلا أنها فضحت دُعاة الطائفية ومروجيها من الطرفين، إذ إنها عرّت مواقفهم المتناقضة من حريات الشعوب ومطالبها المُستحقّة، وكشفت ضحالة تفكيرهم خصوصاً أن بعضهم تمادوا كثيراً، من منطلقات طائفية بائسة، فأصبحوا يدافعون عن النظام الإيراني الرجعي وكأنهم أحد أركانه، ويقابلهم، على الضفة الطائفية الأخرى، من يقفون مع المظاهرات، لأسباب طائفية فقط، وذلك على الرغم من خطورة الموقف السياسي المبني على اعتبارات طائفية بغيضة، وتهديده لاستقرار وضعنا الداخلي خصوصاً إذا ما أخذنا في عين الاعتبار حساسية موقعنا الجيو-سياسي، وطبيعة التركيبة الاجتماعية لمجتمعنا.

والخشية أن تطورات الأحداث السياسية في إيران، قد تعيدنا إلى الأجواء الطائفية الكريهة التي عشناها في ثمانينيات القرن المنقضي، وما رافقها من استقطابات وانقسامات طائفية حادة وأحداث أمنية مؤسفة، وهو الأمر الذي يتطلب موقفاً رسمياً وشعبياً مُعلناً يرفض بشكل قاطع لا لبس فيه ولا غموض الانحياز السياسي الطائفي تجاه ما يجري في إيران حالياً.

back to top