«النوم بعين واحدة مفتوحة» لمارك ستراند قصائد تولد من مشهد خارجي وتخترق عوالم داخلية

نشر في 03-01-2018
آخر تحديث 03-01-2018 | 00:00
No Image Caption
صدر عن «منشورات المتوسط» كتاب «النوم بعين واحدة مفتوحة»، يتضمن قصائد مختارة لمارك ستراند، اختارها وترجمها سامر أبو هواش، تعكس تحوّلات الشاعر في حياته الخاصة أي العائلية، أو العامة في علاقاته وأفكاره وتطلعاته إلى القضايا المختلفة، لا سيما الفكرية والفنية.
في تقديمه كتاب «النوم بعين واحدة مفتوحة»، يتحدث سامر أبوهواش حول ما يميز شعر مارك ستراند فيقول: «لعل علاقة ستراند الوثيقة بالفنّ التشكيلي (بدأ حياته الفنّيّة كرسّام، ودرس الرَّسْم لفترة، قبل أن ينتقل إلى الشِّعْر)، تُشكِّل عنصراً حاسماً في بناء القصيدة لديه، حيثُ نشعر بأن الكثير من قصائده يُولَد من مشهد خارجي، يقود إلى العالم الداخلي المتشابك للشاعر، لترتسم في النهاية «شخصية» أو «بطل» القصيدة (وصف ستراند الشخوص في لوحات الرسّام الأميركي إدوارد هوبر الذي وضع كتاباً عن عمله بعنوان «هوبر» بأنها «شخصيات» لا بمعنى أنها «تؤدي أدواراً»، كما في الشخصيات المسرحية أو السينمائية، ولكنْ، بمعنى أنه يصبح لها كينونتها وحياتها الخاصّة داخل اللوحة)، وخلال عملية الرَّسْم هذه تُولَد المفاجأة الشِّعْرية، أو ما يصفه الشاعر بـ «سيطرة اللغة على القصيدة».

يتابع أبو هواش: «لا ينطلق ستراند في كتابة الشِّعْر، أو فلسفة الشِّعْر، من سمات واضحة أو نهائية أو مواضعات وتصنيفات شائعة، ومتّفق عليها، سواء كانت الرمزية أم السريالية أم التعبيرية، إلخ. القصيدة عند ستراند تعيش حياتها الخاصّة، وتصنع نفسها، وعوالمها، خلال تشكُّلها، مع كثير من المناطق الشاغرة (الغموض) الذي يقول ستراند إن عمل القارئ ملأه، القارئ بوصفه شريكاً في حياة القصيدة، وليس مُتلقِّياً لها فحسب».

مع ذلك، فإنه ضمن عالم ستراند البديل الثابت هذا، ثمّة عوالم تُولَد باستمرار، ومشهديات تتبدّل، وفقاً للتّحوّلات التي يشهدها الشاعر نفسه: حياة العائلة، والسَّفَر، والطبيعة، والأصدقاء، والشباب، والشيخوخة، والحبّ، إلخ»...

مارك ستراند

وُلد مارك ستراند عام 1934 في جزيرة «برينس إدوارد» بكندا، حيثُ كانت نشأته الأولى، وترعرع بعد ذلك في بلدان عدة، متنقلاً مع عائلته بين الولايات المتحدة الأميركية وكولومبيا والمكسيك وبيرو. درس الرَّسْم في جامعة يال على يد جوزيف ألبيرز، وتخرّج فيها عام 1959، لينال منحة فولبرايت، ويسافر إلى إيطاليا، حيثُ درس شِعْر فلورنسة في القرن التاسع عشر. وفي 1962 حصل على ماجستير في الفنون من جامعة أيوا.

عمل ستراند منذ منتصف الستينيات في تدريس الأدب والشِّعْر في جامعات مرموقة، من بينها: «يال وهارفرد»، وحاز جوائز أدبية مهمة، أبرزها تنصيبه «شاعر أميركا المُتوَّج» عام 1990، وجائزة بوليتزر عام 1998 عن مجموعته «عاصفة ثلجية من ندفة واحدة». توفّي عام 2014 بعد صراع مع مرض السرطان.

أبرز أعماله الشعرية: «النوم بعين واحدة مفتوحة (1964)، وأسباب للتّحرّك (1968)، وأعتم (1970)، وقصّة حيواتنا (1973)، وابني (1976)، والساعة المتأخّرة (1978)، والحياة المتواصلة (1990)، وميناء أشدّ ظلمة (1993)، وعاصفة ثلجية من ندفة واحدة (1998)، و89 غيمة (1999)، ورجل وجمل (2006)، وغير مَرئيّ تقريباً (2012)، والأعمال الشِّعْرية الكاملة» (2014).

من قصائد الكتاب

ثمّة شيءٌ يحدث/ لا يمكنكَ تصوُّرُه./ شيءٌ بدأ يتحرَّك./ شيءٌ ما في الأجواء./ إنه هناك في الفوضى/ بين مُذيعِ الأخبارِ وهو يُتأتِئُ سطورَه/ ويدُ لاعبِ القمارِ المرتعشة/ بينما يحملُ ورقتَهُ الأخيرة./ أيامُ الأحدِ، يكونُ موجوداً، أوّلَ العصر،/ بينما الشمسُ تشوي سقوفَ البيوت،/ وخرقةٌ نصفُ محترقةٍ تنفجرُ، دون ظِلٍّ،/ على أرصفةِ وأروقةِ مدينةٍ ميتة. 

ضمن عالم ستراند البديل الثابت ثمّة عوالم تُولَد باستمرار ومشهديات تتبدّل
back to top