السعودية... «الانطلاقة المباركة»

نشر في 29-12-2017
آخر تحديث 29-12-2017 | 00:22
 صالح القلاب هناك مقولة لزعيم الصين التاريخي ماوتسي تونغ يقول فيها: "إن من يراقب نهراً من ربوة عالية يظنه متوقفاً ولا يتغيَّر، وأنه هوَ هوَ منذ بدء الخليقة وحتى الآن، وذلك مع أن هذا النهر جارٍ، وهو يتغيَّر ويستبدل نفسه في كل لحظة وثانية، وحقيقة أن هذا ينطبق على حركة التاريخ وعلى مسيرة المجتمعات وعلى التطورات الحضارية وعلى متغيرات الدول وإنجازاتها".

ولعل أهم مثَل على هذا هو المملكة العربية السعودية، فهناك من لمْ يأخذ في اعتباره المتغيرات التي شهدها هذا البلد العربي في الفترة الأخيرة، وهو توقف عند بعض الإجراءات التي تشبه مجرد نقاط ماء محدودة في مجرى نهرٍ هائل شديد الانحدار كنهر الأمازون ونهر النيل العظيم، وحيث إن هذا النهر يتغير عند كل أقل من ثانية لمن يراقبه بعقله وذهنه، وليس بمجرد نظرة من طرف عين واحدة ربما تكون مصابة بالحوَل.

إن النهر السعودي، بعد اختيار الأمير الشاب محمد بن سلمان ولياً للعهد، بات يظهر في عين المراقب، الذي ليست لديه أي "أجندات" لا خارجية ولا داخلية، وهو يتغير في كل لحظة، وأن هناك مستجدات متلاحقة في كل ثانية، وأن الحقائق لا تتأثر بكل محاولات التشويش المفتعلة هذه، وأن القافلة تسير ومستمرة ومتواصلة غير متأثرة لا بعواء الثعالب ولا بفحيح الأفاعي ولا بنعيق غربان الشؤم.

هناك رؤية سعودية عنوانها "2030"، وعلى من ينظر إلى النهر بعقله، لا بذهن خامل ولا بعين حولاء، أن يدرك معنى قول ماوتسي تونغ عندما بدأ مسيرته العظيمة عشية انتصار الثورة الصينية: "إن طريق الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة".

وحقيقة، إن طريق الألف ميل السعودية بدأت باختيار الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد، وأن إطلاق سراح المرأة في هذا البلد، الذي بقيت تحكمه معطيات وقيم تاريخية ليس سهلاً تخطيها بقفزة واحدة، قد جاء ومعه كل هذه التحولات الأخرى التي تلاحقت كدفقات ماء في نهر يتغير ويُغيّر مجراه في كل لحظة.

وهنا، فإن المؤكد أن هذا الشاب المتسلح بالإرادة الصلبة والكفاءة العالية قد بادر إلى "التحفظات" الأخيرة، التي طالت بعض كبار المسؤولين، ومنهم بعض أقرب الناس إليه، لا تنتهي رؤيته عند عام 2030 الذي هو محطة رئيسة قد يتوقف فيها قطار حركة التاريخ الناجحة لهنيهات، ولكن العطاء يبقى متواصلاً إلى أن تصل الإنجازات إلى الأبناء والأحفاد الذين سيجدون بهذا طريقاً ممهداً لمواصلة هذه المسيرة.

ومن المؤكد أن من ينظر بعين حولاء إلى النهر المتدفق الذي يتغير في كل أقل من الثانية لا يدرك أن السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة هو بداية التخلص من قيم أصبحت قديمة، ولا يدرك أن السماح بدور السينما هو انتقالة نوعية ضرورية لابد منها، وقد اقتربت مسيرة الألفية الثالثة من أن تُكمل الخُمس الأول من عمرها، وهذا ينطبق على كل هذه التحولات الأخيرة التي أغاظت الذين لم يروا في الورد عيباً قالوا له: "يا أحمر الخدين"، والذين يزعجهم أن يدرك السعوديون، ومعهم العالم كله، أن نهرهم ليس متوقفاً، وأنه يتغيّر في كل لحظة وثانية، وأنه قد انطلق في تدفقه انطلاقة جديدة، لأن صاحب الأمر خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز قد عجم كنانته، فاختار لهذه المرحلة التاريخية أصلبها عوداً... الأمير محمد بن سلمان.

back to top