رهان الأمنيات!

نشر في 28-12-2017
آخر تحديث 28-12-2017 | 00:00
 مسفر الدوسري ستسقط آخر ورقة من "روزنامة" هذا العام خلال أيام معدودة، روزنامة كان لنا في أول صفحاتها أمنيات خضراء وزهور آمال وقطع بالية من ثياب يأس من بقايا العام السابق، بعضنا شرب نخب أمنية أصبحت في متناول يده خلال هذا العام، وبعضنا جرَّب تجرُّع كأسٍ من عصارة الحنظل، وربما آخرون كانوا أحجاراً تطايرت من حولهم روزنامة العام دون أن تحمل أي ورقة فيها تواقيعهم، ودون أن تتجشم أيامها عناء توقيع أوتوغراف في دفاتر أعمارهم.

مررنا بكل أوراق روزنامة هذا العام ورقة ورقة، وتماما كما حدث في روزنامة العام السابق، وكل الأعوام السابقة، كل ورقة نفتحها كمن يفتح ورقة يانصيب، لعلنا نجد فيها شيئا مما كتبناه في قائمة أمنياتنا، أو شيئاً قريباً منه. بعض تلك الأوراق حفرنا فيها آباراً على مقاس قلوبنا تحج إليها أشجارها كل ظمأ، وبعضها رسم بنا وجعاً على مقاس جروحنا يزهر فينا كل ذكرى، والبعض الأغلب من الروزنامة كان مجرَّد أورق طارت مع رياح الزمن لم نترك فيها ولم تترك فينا أي أثر.

ستجدد السنة نفسها، وستغير ما تستطيع من ملامحها، لكنها ستحتفظ حتماً بأسماء أيامها ذاتها وشهورها، وستطرق أبواب أعمار الأحياء منا من جديد، وسنفتح كما فتحنا لها في بداية العام، وسنقوم بالفعل ذاته بتحميلها الأماني والآمال والباقي من قطع يأس السنة الحالية.

ربما لن تختلف أمانينا وآمالنا وقطع يأسنا في بداية العام المقبل عن تلك التي كانت في الذي سبقه، وربما تختلف، لكننا قطعاً لن نكف عن ممارسة ذات العادة التي نمارسها مذ وعينا الاحتفال بدخول عام جديد، فنقوم بإعداد قائمة أمنياتنا في بدايته، ونضعها أمانة بين يديه، مع علمنا أن كل عام يأتي وبيده "روزنامته"، ويقوم باستبعاد قائمتنا التي أعددناها، ويُخرج قائمته الخاصة والمكتوبة سلفا، وما يحدث أحياناً، أنها تتضمن بعض ما أوردناه في قائمتنا التي لم يقرأها مما يدهشنا ويفرحنا.

وأحياناً أكثر تفاجئنا الروزنامة بما لم نتوقع ولم يكن أبداً في الحسبان، ومازلنا نحن والأعوام نكرر ذات الفعل في بداية كل سنة؛ نعد قائمة سعادتنا، التي تتضمن أمانينا وآمالنا، فيما للأعوام قائمتها الخاصة المكتوبة في ظهر كل ورقة من أيام "روزنامتها"، ولم أجد تفسيراً لإصرارنا على تجهيز قائمة أمنياتنا سوى أننا نمارس لعبة قمار مع الزمن، وكأنما أيام العمر "فيشات" روليت نوزعها على أمانٍ وآمال وأحلام مختلفة الألوان، نفرح في حال ربح إحداها، ونحزن في حال خسارة أخرى، تبعا لحجم الربح أو الخسارة.

في كل عام نختار أمانينا، ونضع "فيش" العمر عليها، وننتظر ما يخبئه لنا الزمن. أعرف أن بعضاً منا توقف عن المشاركة في اللعبة، وسلَّم أمره كاملاً للعبة، يأساً وقلة حيلة. أما الذين مازالوا يرغبون في تجهيز الرهانات على أمنياتهم في العام الجديد، فأنصحهم، تجنباً لما قد يفعله الخذلان، أن يمارسوا هذه اللعبة، لا ليربحوا رهانات العمر، ولكن ليُذهبوا عن الحياة بعض الملل، بإضفاء بعض المتعة بالمقامرة بما هو نافد في كل حال!

وكل عام والجميع بخير.

back to top