باركنسون... بروتينات سامة تضرّ بخلايا الدماغ

نشر في 28-12-2017
آخر تحديث 28-12-2017 | 00:00
No Image Caption
راقب الباحثون لأول مرة البروتينات السامة وهي تعمل في حالة مرضى باركنسون، وحدّدوا خصائص أساسية تتيح لها إحداث ثقوب في جدران خلايا الدماغ السليمة بغية عرقلة وظائفها.
يصف تقرير هذا الاكتشاف الجديد، الذي توصّل إليه باحثون من المملكة المتحدة، وإسبانيا، وإيطاليا ونُشر في مجلة {العلوم}، ما يحدث عندما تحتك البروتينات بالخلايا.
تذكر الدكتورة غيوليانا فوسكو، باحثة من كلية لندن الملكية وجامعة كامبريدج في المملكة المتحدة أشرفت على إعداد تقرير دراسة جديدة حول باركنسون، أن العلماء يأملون أن تؤدي الاكتشافات إلى تطوير أدوية أفضل لهذا الداء تحول دون وصول البروتينات السامة إلى خلايا الدماغ السليمة.

باركنسون داء يدمّر تدريجياً خلايا الدماغ التي تُنتج مادة كيماوية ناقلة تُدعى الدوبامين تؤدي دوراً مهماً في ضبط الحركة.

تشمل الأعراض، التي تظهر ببطء وتزداد سوءاً تدريجياً، اختلال التوازن، وتصلباً، وبطء الحركة، ورعشة، ومشاكل في الكلام والبلع.

لكنّ الباحثين اكتشفوا أن باركنسون يؤثر أيضاً في خلايا الدماغ التي لا تُنتج الدوبامين، ما يفسّر لمَ يؤدي هذا المرض إلى أعراض لا دخل لها بالحركة، كالقلق، والكآبة، والتعب، واضطراب النوم.

تشير التقديرات إلى أن أكثر من 10 ملايين شخص يعانون باركنسون حول العالم. صحيح أنه يظهر غالباً نحو سن الخمسين، إلا أن نحو 10% من حالات هذا المرض تُشخّص في سن أصغر.

في الدراسة الجديدة، راقب الباحثون ما يحدث عندما يختلّ بروتين يُدعى ألفا سينوكلين ويتحوّل إلى كتل تُدعى أوليغوميرات تُعتبر سامة بالنسبة إلى خلايا الدماغ.

استخدم الباحثون التحليل الطيفي بالرنين المغناطيسي النووي الصلب بغية تحديد خصائص الأوليغوميرات البنيوية المختلفة ومن ثم تفحص تأثير هذه الخصائص في تفاعلها مع الخلايا. استعان الباحثون بخلايا من الجرذان، فضلاً عن عينات من خلايا الدماغ أُخذت من أورام دماغ بشرية.

تُعتبر هذه الدراسة بالغة الأهمية لأن الفريق اكتشف طريقة لإبقاء الأوليغوميرات غير المستقرة طبيعياً مستقرةً فترة كافية بغية مراقبة الكثير من التفاصيل التي لم تُرَ سابقاً: ما إن تتشكل هذه الأوليغوميرات حتى تدخل بسرعة إلى الخلايا أو تتحوّل إلى ألياف طويلة.

نجح الباحثون، بإبقائهم الأوليغوميرات مستقرة، في تحديد خاصيتين تؤديان دوراً مهماً في سميتها: تسمح لها الأولى بالالتصاق بجدار الخلية، وتتيح لها الثانية اختراق غشاء الخلية وإحداث خلل فيها.

يوضح الدكتور ألفونسو دي سيمون، باحث من قسم علوم الحياة في كلية لندن الملكية شارك في وضع تقرير الدراسة: {يمكننا تشبيه ذلك بوضع قطعة معدنية شديدة السخونة على سطح بلاستيكي. تنجح هذه القطعة خلال فترة وجيزة في إحراق البلاستيك وإحداث ثقب فيه}.

ويؤكد أن قدرة الأوليغومير على {إحداث خلل في الغشاء} تشكّل خطوة مهمة في العملية التي تؤدي في النهاية إلى قتل خلية الدماغ.

فيروسات مماثلة ومختلفة

اكتشف الفريق في تجارب أخرى طريقة قد تحدّ من سمية الأوليغوميرات. لاحظوا أن تغيير تسلسل بروتينها يجعلها أقل قدرة على الالتصاق بغشاء الخلية.

شبّه الباحثون سلوك الأوليغوميرات وقابليتها للالتصاق بجدران خلايا الدماغ بالطريقة التي تعتمدها الفيروسات لدخول الخلايا. يكمن الاختلاف في أن الفيروس يعمد بعد ذلك إلى تكييف آلية الخلية لتتلاءم مع غاياته، في حين يكتفي الأوليغومير بإحداث خلل فيها.

يشير الدكتور دي سيمون أيضاً إلى أن الأوليغوميرات تستطيع الالتصاق بأغشية الخلايا بسبب {حادث في الطبيعة} منحها الخصائص ذاتها مثل بروتينات الغشاء الطبيعي التي تؤدي دوراً في الإشارات في الدماغ.

يضيف: {لا يعني امتلاكنا هذه المعلومات أننا نستطيع إعداد دواء. ولكن إذا تمكنا من فهم لمَ تتصرف كتل البروتينات هذه على هذا النحو، نستطيع بالتأكيد تسريع التقدم العلمي نحو علاج مرض باركنسون}.

back to top