في قطار الحياة (2)

نشر في 26-12-2017
آخر تحديث 26-12-2017 | 00:14
 يوسف عبدالله العنيزي استكمالا لرحلة هذا القطار الميمون والمبارك، إن شاء الله، نواصل هذا الاندفاع إلى محطة أخرى من محطات الحياة، ففي أثناء عملي في مدينة أثينا عاصمة اليونان صدر قرار كريم بتكليفي بافتتاح قنصلية في مدينة ليماسول السياحية في جمهورية قبرص الصديقة، وذلك خلال فترة صيف عام 1984، نظرا للزيادة المطردة لأعداد السياح الكويتيين الذين تحولوا من لبنان الشقيق الذي كان يعاني أوضاعا أمنية وحربا أهلية دمرت ذلك البلد الجميل الذي عشقة الأدباء، وتغنى به الشعراء، فصمم أهله على تدميره بكل السبل الممكنة وغير الممكنة.

بعد صدور ذلك القرار الكريم وأثناء وجودي في البلاد بإجازة خاصة قمت بزيارة ودية للعم الفاضل فهد المعجل الذي كان يشغل منصب "قنصل فخري" لجمهورية قبرص في الكويت، وذلك في مكتبه بمنطقة المرقاب، كان لقاء فيه الكثير من المودة والتقدير والنصائح القيمة، وصداقة أعتز بها وما زلت ألتقي مع العم "بوفيصل" بين فترة وأخرى في بعض ديوانيات الكويت.

بعد عودتي إلى أثينا اتخذت بعض الإجراءات للانتقال إلى ليماسول، وذلك بتأجير سيارة لثلاثة أشهر مع سائق هو السيد نيكولاس، والذي تولى في الوقت نفسه مسؤولية العلاقات العامة في المكتب، كان مقر السكن في البداية فندق شيراتون، كما تم تأجير مكتب في المنطقة السياحية يتكون من غرفتين وصالة كبيرة، قمت بتحويلها إلى ديوانية نستقبل بها بعض رجالات الكويت من الصباح إلى وقت صلاة الظهر.

ومن أجل التعريف بافتتاح المكتب وعنوانه، فقد أقمنا حفل غداء في أحد المطاعم العربية وحضر الحفل نخبة من رجالات الكويت الذين تشرفت بالتعرف عليهم، كما قمنا بتوزيع عنوان المكتب وأرقام الهواتف، وكان لذلك الحفل صداه الطيب الذي وصل إلى ديوانيات الكويت، وقد تلقيت في اليوم التالي مكالمة هاتفية من معالي السيد راشد عبدالعزيز الراشد عبر خلالها عن الشكر والتقدير، مما كان له أثره الطيب في نفسي، كما تعبر عن حرص معاليه على سلامة المواطنين.

من الأحداث المؤسفة التي وقعت في ذلك الصيف المشاجرة العنيفة التي حدثت بين بعض شباب إحدى الجاليات العربية والشباب القبارصة الذين قاموا بتكوين بعض المجموعات للاعتداء على الجاليات العربية الموجودة في قبرص، وفي تلك الأثناء كان سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله الصباح، طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته، في رحلة العودة من لندن إلى الكويت مرورا بمطار لارنكا، وأثناء توقف طائرة سموه صعدت إليها، حيث تشرفت بالسلام على سموه الذي بدأ سيلا من الأسئلة والاستفسارات عن أحوال المواطنين وأعدادهم وتقديم كل ما يمكن تقديمه لهم من خدمات، وكان أكثر ما كان يشغل بال سموه سلامتهم.

وقد عبر سموه عن إمكان إقامة جسر جوى لنقل المواطنين إلى الكويت في حالة تعرضهم لأي أذى، ويبدو أن هذا التوجه قد وصل إلى السلطات القبرصية، حيث لاحظت في اليوم التالي زيادة الإجراءات الأمنية؛ مما أدى إلى الشعور بالأمان بين الجاليات العربية.

من الشخصيات التي سعدت بلقائها في ليماسول معالي الشيخ جابر العبدالله الجابر الصباح، حفظه الله، الذي كان يحرص على زيارة ديوانيات أهل الكويت في قبرص مثل ديوانيات السريع والشايع والمهنا والمرشد وغيرهم، وذلك للاطمئان عليهم، وكم كنت أسعد بمرافقة معاليه في تلك الزيارات التي كانت محل تقدير واحترام من رجالات الكويت وأهلها.

ونتوقف في هذه المحطة الآن لنواصل الاندفاع في المقالات القادمة إن شاء الله.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top