أحيلوا مجرمي الاستيطان إلى محكمة الجنايات الدولية

نشر في 24-12-2017
آخر تحديث 24-12-2017 | 00:14
 مصطفى البرغوثي تلقت الإدارة الأميركية وإسرائيل صفعة مدوية في أروقة الأمم المتحدة بسبب قرارها المجحف الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ولم تفلح تهديدات كيلي ورئيسها ترامب باستخدام الابتزاز المالي في تغيير نتائج التصويت لمصلحة فلسطين.

وتجلت عزلة إدارة ترامب وإسرائيل بشكل جلي أولا في تصويت مجلس الأمن عندما وقفت الولايات المتحدة وحيدة ومعزولة ضد جميع أعضاء مجلس الأمن الأربعة عشر بما في ذلك حلفاء أميركا التقليديون كبريطانيا وفرنسا وألمانيا، وثانيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة بتصويت 128 دولة لمصلحة فلسطين مقابل سبع دول فقط إلى جانب أميركا وإسرائيل، أغلبها جزر صغيرة لا تعني شيئا كمايكرونيزيا وجزر مارشال.

عزلة إدارة ترامب أظهرت مدى رعونة قراره حول القدس، ولكنها كشفت أيضا نهاية حقبة القطب الواحد، التي بدأت عام 1990 بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وسيطرت خلالها الولايات المتحدة، ودخول العالم حقبة جديدة تتميز بتعدد الأقطاب، بكل ما يعنيه ذلك من تغيير في العلاقات الدولية، وتعاظم النزعة الانعزالية في الولايات المتحدة.

غير أن الأمر الأهم بالنسبة إلينا كفلسطينيين هو كيفية البناء على ما تحقق من إنجاز بفضل انتفاضة المقاومة الشعبية المتصاعدة في فلسطين، وبفضل النجاحات الدبلوماسية في أروقة الأمم المتحدة، التي يجب اتباعها بسلسلة من الخطوات لتعميق عزلة سياسة الاحتلال الإسرائيلية وتغيير ميزان القوى لمصلحتنا.

وحيث إن محكمة الجنايات الدولية قد أقرت في هذا الشهر، بعد طول عناء وانتظار، أن الاستيطان جريمة حرب، فقد فتح الباب على مصراعيه أمام منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية لإحالة مجرمي الحرب الإسرائيليين المشاركين في جريمة الاستيطان إلى هذه المحكمة فورا.

وتنطبق هذه الإحالة على كل من تورط من المسؤولين الإسرائيليين في جريمة الاستيطان من نتنياهو إلى وزير حربه ليبرمان، إلى وزراء الاستيطان ومديري الدوائر ومسؤولي المستوطنات ومجالس المستوطنات، إلى وزير المالية وكل الجهات الحكومية وغير الحكومية الإسرائيلية والأجنبية التي تمول الاستيطان.

وبغض النظر عن المدة التي ستأخذها المحكمة في النظر في قضية كل متورط في جريمة الاستيطان، فإن الإحالة ستجعلهم في حالة ارتباك كامل فورا، وستحرمهم من السفر إلى معظم البلدان وتقيد حرية حركتهم، وكأنهم يتعرضون لنوع من الاعتقال أو الإقامة الجبرية، وذلك شكل من أشكال المقاومة السياسية التي تضع الخصم في حالة حيرة كاملة، وتساهم في تغيير ميزان القوى لمصلحة الشعب الفلسطيني.

لقد قررت اللجنة الوطنية لمتابعة موضوع محكمة الجنايات اتخاذ إجراءات الإحالة إلى المحكمة منذ شهر نوفمبر من العام الماضي 2016، وللأسف تأخر تنفيذ ذلك القرار كثيرا بحجج مختلفة وغير مقنعة.

والآن وبعد قرار محكمة الجنايات الدولية اعتبار الاستيطان جريمة حرب، وبعد ما أقدمت عليه إدارة ترامب بشأن القدس، وبعد الوقاحة التي أبداها مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة بقوله "إن قرارات الجمعية العمومية مكانها سلة المهملات"، لم يعد هناك أي مبرر لتأخير أو تأجيل إحالة مجرمي الحرب الإسرائيليين إلى محكمة الجنايات الدولية.

ما شهدناه يوم الجمعة الماضي من بطولات شعبية رائعة بمشاركة الآلاف في كل مدن الضفة والقطاع، وخصوصا في مدينة القدس الباسلة، يؤكد أن انتفاضة المقاومة الشعبية لا تتراجع بل تتصاعد، وقد اكتسبت في هذا الأسبوع زحما إضافيا بفضل نجاحاتنا في الأمم المتحدة، ولا بد من إسناد هذا العطاء الشعبي النبيل الذي قدم حتى اليوم ثلاثة عشر شهيدا وأكثر من أربعة آلاف جريح، بخطوات ونهج سياسي حازم ومقدام، وباستراتيجية وطنية بديلة.

وأفضل المؤشرات على ذلك سيكون حسم موضوع محكمة الجنايات الدولية وإحالة مجرمي الحرب الإسرائيليين وأعوانهم إليها.

* الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية

back to top