الساعة البيولوجية للجسم

نشر في 23-12-2017
آخر تحديث 23-12-2017 | 00:06
 د. روضة كريز عند كل الكائنات الحية من نباتات وحيوانات، وفي دماغ الإنسان خاصة، نرى ساعة دقيقة جدا ونظامية تعمل بأمر خالِقها بإيقاعٍ يومي للجسم بين اليقظة والراحة (النوم)، وبانسجام تام مع بيئته والحياة الحيوية 24 ساعة فقط، ولا يمكن أن يزيد هذا اليوم أو ينقص عن ذلك إلا بتشوه يحدث في جينات معينة، وقد سماها العلماء بالساعة البيولوجية للمخلوقات.

هذه الساعة أخذت من العلماء اهتمامهم من خلال تحكمها في النشاط الهرموني للجسم والمتخصص بذلك والمتعاقب بين الموتة الصغرى (النوم ليلا) والحياة (نهارا)، وتلك الساعة هي التي تنظم كيميائية الخلايا الحيوية في أجسامنا بشكل دقيق ومتوازن، بالاعتماد على الأكسجين المغذي لها جينيا في جميع الخلايا كبيرها ودقيقها، فتحفظ عليها حيويتها وتغذيتها وعمرها الافتراضي (روحها).

كما أن الساعة البيولوجية من خلال النوم الصحي، تؤمن مواعيد التغذية للغدد والأعصاب والحيوية للجسم إجمالا، مما يشعر الإنسان بالسعادة والإيجابية وحب الحياة بأمر من الله وتنسيق لتفاعلات مهمة وضرورية للدماغ والجسم، وإن اهتمامنا بغذائنا لبرمجتها صحيا، وضبطها بطريقة صحيحة لتناسب نظام حياتنا اليومي، يجعلنا في غنى عن استخدام الساعات الآلية المنبهة، التي تثبت الدراسات يوما بعد يوم أن لها آثارا جانبية سيئة، وذلك لأنها تجعلنا نستيقظ بطريقة مفاجئة قد تؤثر على القلب أو الدماغ بسكتات، أو العقد النفسية عند الأطفال خاصة، فضلا عن اضطراب الجهاز المناعي!

في حين أن الاستيقاظ طبيعيا وبدون إكراه أو استعمال للمنبهات الآلية يتم بطريقة تدريجية وأكثر أمانا، بالإضافة إلى أنه من الممكن أن نثق بها أكثر من الساعات المنبهة التي قد تخذلنا في بعض الأحيان، فلا تقف فائدة ضبط الساعة البيولوجية على إيقاظنا من النوم فحسب، إنما تجعل طريقة نومنا صحية، وتضمن لنا عند الاستيقاظ شعورا بأن المدة التى قضيناها في النوم كانت كافية ومريحة.

غير أن الكل يعرف مساوئ الاضطراب في النوم الليلي وما يتبعه من أمراض جسمية ونفسية! وذلك لأن الغدد المسؤولة عن الساعة البيولوجية تعمل وتنشط في الظلام، مما يعني أن الجهازين المناعي والليمفاوي يستقبلان مؤشراتهما الفعلية مع ابتداء الليل ليتم طبخ الهرمونات والتفاعلات اللازمة للجسم لاستعمالها باقي اليوم، ولإتمام العمليات الحيوية أوتوماتيكيا من هضم ونمو ونشاط وإبداع، وتمويل الجسم بالطاقة والحرارة الغذائية.

فإذا كانت الشحنات الكامنة إيجابية ومنشطة فإنها ستعمل على شحذ النشاطات في الجسم كمحرك كامل للإبداع وما ينتج عنه، والعكس يحدث في حال اضطراب هذه الساعة!

* باحثة سموم ومعالجة بالتغذية

back to top