القرار الأميركي وحساب الربح والخسارة

نشر في 19-12-2017
آخر تحديث 19-12-2017 | 00:09
 يوسف عبدالله العنيزي يواجه الإنسان في حياته مواقف تدفعه لاتخاذ بعض القرارات الصعبة التي قد تغير مجرى حياته سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى المسؤولية والقيادة، ولكن من المؤكد أن يكون حاضرا حساب الربح والخسارة في اتخاذ مثل تلك القرارات المصيرية، وبعيداً عن العواطف وخصوصا الدينية، وبعيدا عن القضية الفلسطينية التي تربينا على أنها قضيتنا الأولى، بعيدا عن هذا وذاك لنطرح سؤالا قد نعجز عن الإجابة عنه؛ لأن هناك شيئاً أو أشياء "ما نشوفها"، ولكن لنحاول ونجتهد فربما أصبنا بعض الحقيقة: ماذا ربحت الولايات المتحدة الأميركية من اتخاذ قرار نقل مقر السفارة الأميركية من تل أبيب إلى مدينة القدس، والاعتراف بالمدينة المقدسة عاصمة أبدية لإسرائيل، وماذا خسرت؟

من الناحية المهنية المعروف أنه يوجد في تل أبيب ما يقارب "86" سفارة أجنبية، في حين يوجد في القدس سفارة واحدة فقط هي سفارة جمهورية كوستاريكا، علما أن العمل الدبلوماسي يعتمد بالأساس على العلاقات الشخصية بين أعضاء السلك الدبلوماسي وتبادل المعلومات، والمشاركة في الاحتفالات الرسمية والأعياد الوطنية، فهل يعني نقل السفارة الأميركية إلى القدس عزل أعضاء السلك الدبلوماسي الأميركي عن التواصل مع بقية أعضاء البعثات الدبلوماسية؟ وهل هذا في جانب الربح أم الخسارة؟

ثم إن هذا القرار قد أدى إلى كسب رضا وصداقة إسرائيل التي كانت متميزة حتى قبل اتخاذ هذا القرار، فإسرائيل كانت وستبقى دائما الحليف الاستراتيجي لأميركا، في حين أدى ذلك إلى إدانة واستهجان دول العالم، بل الدخول في مرحلة الجفاء، وعدم الثقة مع بعض الدول، بما فيها بعض الحلفاء التقليديين في المنطقة.

وتساؤل آخر وعلى جانب كبير من الأهمية، ويمس الجانب الديني: إن كان هذا القرار نابعا من إيمان بالعقيدة اليهودية بأن القدس كانت وستبقى عاصمة أبدية لإسرائيل، فهل تجاوزت الإدارة الأميركية معتقدات ما يقارب 2 مليار مسلم يؤمنون بأن القدس الشريف هي مسرى الرسول الكريم، محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، ومنها عرج إلى السماء، يؤمنون بأن القدس الشريف هو أولى القبلتين وثالث الحرمين؟ وهل هذا في جانب الربح أم الخسارة؟

ثم إن هذا القرار قد أدى بالضرورة إلى تحالف الأضداد، مثل القاعدة وحزب الله و"داعش" وإيران وغيرها في مواجهة المصالح الأميركية وأمنها القومي، فهل أميركا على استعداد للدخول في مواجهات مع هذه الجماعات سواء متحالفة أو منفردة؟ ثم من ناحية إسرائيل إلى متى ستستمر في مواجهة هذه المظاهرات في المدن الفلسطينية؟ وإلى متى ستستمر قواتها الأمنية في حالة طوارئ مع ما في ذلك من استنزاف مادي ومعنوي؟

وسؤال في غاية الأهمية، ولا أعتقد إمكانية الإجابة عنه ولا حتى من الإدارة الأميركية نفسها: هل يمكن التراجع عن هذا القرار أو تجميده أو حتى إعادة تأويله؟ ثم في ظل هذا التحرك القوي والواضح للإدارة الأميركية لإعادة توجيه الاهتمام العربي والإسلامي بقرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس الشريف، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإعادة توجيه هذا الاهتمام إلى التدخلات الإيرانية ونشاطها والتدخل في شؤون بعض الدول العربية، وهذا أمر ليس جديدا، هل تنجح أميركا في ذلك، وننسى القدس كما نسينا القضية الفلسطينية من قبل؟

في خضم هذه الأمواج المتلاطمة ندعو الله أن يحفظ الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

تساؤل بريء

مع كل التقدير والاحترام لكل العاملين في المحطات العربية الفضائية الخليجية وخصوصاً الإخبارية منها، هناك تساؤل بريء: لماذا نفتقد العنصر الإعلامي الخليجي في هذه المحطات، علما أن الإعلاميين الخليجيين قد وصلوا إلى مراحل متقدمة من المهنية والتقدم الإعلامي؟ وهل هناك أسباب معينة أدت بالضرورة إلى استبعادهم؟ أم أنه عزوف من الإعلاميين أنفسهم؟ تساؤل بريء فقط.

back to top