إبراهيم عادل: الكتابة الأدبية تشهد تطوراً في مجالاتها وأنواعها

يرى أن قارئ اليوم يبحث عن الروايات الفائزة بالجوائز

نشر في 18-12-2017
آخر تحديث 18-12-2017 | 00:01
بعد ثورة 25 يناير في مصر، أعادت مجموعة من الشباب إحياء جماعة «مغامير» الأدبية، التي كانت تشكلت خلال سبعينيات القرن الماضي، لينضم إليها إبراهيم عادل في شكلها الجديد لتكون حاضنته الأولى للإبداع، حيث البدايات والخربشات، والمحاولات البكر، ومن ثم كتب القصة القصيرة والشعر والرواية، وتوالت إصداراته. يقول عن «مغامير» إنهم «أصدقاء يقرأون أفكارك ويساعدونك كي تعبّر عنها بشكل أفضل. لا شك في أنهم أثروا ما يمكن أن نعتبره «الأدب المصري» في مرحلة مهمة من مراحله، لا سيما أن كثيرين منهم قدّموا أعمالاً قصصية وشعرية مهمة، وما زالوا، ولكن يبقى أني مدين لهم بالكثير».
صدر لك أخيراً كتاب «أن تعيش فتقرأ». ماذا عنه؟

«أن تعيش فتقرأ» كتاب عن تجربتي الخاصة القصيرة مع القراءة. أفكار كنت نثرتها، بعدما تأثرت بكتاب الغواية لعزت القمحاوي والرسائل التي يرسلها إلى حبيبة افتراضية، يحكي لها فيها عن «الكتابة» عموماً، وعن قراءاته وعلاقته بالكتب. أحببت أن أقلده بشكلٍ مباشر، وكنت أنشر هذه التدوينات آنذاك في مدونتي الشخصيّة «أنا وأنا». لاقت كتاباتي استحسان بعض الأصدقاء الذين أعتمد على رأيهم، فقررت أن أجمعها في كتاب، تعثّر طويلاً في النشر، إذ كان من المقرر أن يصدر عن سلسلة «مدونات» في «الهيئة العامة لقصور الثقافة»، ولكن السلسلة توقفت، فقررت أخيراً أن أسحبه من عندهم، وتلقيت عرضاً جميلاً من «دار أجيال» لنشره، فوافقت فوراً.

آمل بأن يجد فيه القارئ شجوناً تحفزه على القراءة والكتابة معاً، لأني أشعر بأنهما متلازمان، وأن كل قارئ في داخله بذرة كاتبٍ يجب أن يتركها تنمو لترى النور، حتى لو اقتصرت كتابته على الكتب التي عاش بها ومعها أياماً جميلة.

ماذا عن مجموعتك القصصية «التحديق في العيون»؟

«التحديق في العيون»، مجموعتي القصصية الأولى، لا أعرف ماذا يمكن أن أقول عنها. أكتب قصصي على فترات متباعدة، ربما لا يبدو لكثيرين أنها مترابطة بشكل كبير، ولكني حرصت فيها على أن أقدّم تصوراً ما للعالم من خلال هذه الأفكار، وأعتقد أنها لاقت نجاحاً حتى لو كان محدوداً.

صدر لك أيضاً «المسحوق والأرض الصلبة» نصوص، و»إلى صديقتي العزيزة» نثر فصحى. حدثنا عنهما باختصار، ولماذا أصدرت الديوان إلكترونياً؟

كان «المسحوق والأرض الصلبة» رهاني الأول على أن أخرج كل ما كتبته دفعة واحدة. كان عبارة عن «نصوص مختلفة» جمعت القصص والخواطر، بل والمقالات أيضاً، وبعض التجارب الشعرية. استفدت في كتابته كثيراً بفكرة «التدوين» ولذا وضعت إهداءً خاصاً لأصدقائي المدونين فيه، والغريب أن القراء أيضاً لاقوه بحفاوة، وأعجب كثيرون حتى بالنصوص التي كان تقييمي لها أقل من غيرها. كان تجربة جيدة في وقته، ولا أعتقد أني متحمس له الآن إطلاقاً!

«إلى صديقتي العزيزة» ديوان كُتب بدايةً على صفحتي على «فيسبوك»، كان عبارة عن رسائل متفرقة لاقت استحساناً من أصدقائي القرّاء، لذا أحببت أن أنشره مباشرةً إلكترونياً، لا سيما أني أعلم أن نشر الشعر ورقياً أمر صعب، بل يكاد يكون مستحيلاً!

النشر الورقي والرواية

في ظلّ الانشغالات اليومية وصعوبة النشر الورقي، هل أصبح السبيل الوحيد إزاء المبدع النشر الإلكتروني؟

النشر الإلكتروني وسيلة من وسائل النشر، لكنه بالتأكيد ليس وسيلة وحيدة، والنشر الورقي «زي الفل»، وإلا لم تجد دور النشر الكثيرة هذه. ولكن المشكلة أن ثمة صعوبات في انتقال الكاتب إلى الناشر طوال الوقت. بعض دور النشر لا ينشر إلا لكتاب متحققين، والبعض أيضاً يأخذ من الكاتب مقابلاً مادياً كبيراً من أجل النشر، وهي مشكلة طبعاً، ولكن يبدو أن كثيرين يتجاوزونها أيضاً.

اتجهت الغالبية العظمى من المبدعين إلى كتابة الرواية، خصوصاً بعد رفع شعار «إن الزمن هو زمن الرواية»، بينما بقيت أنت هنا عند تخوم عالم القصة. فما كل هذا الشغف والعشق والإخلاص لكتابة القصة القصيرة؟

مبدئياً، لست مع تلك المقولة الشائعة المغلوطة، لا يتحيّز الزمن لنوعٍ أدبي بعينه أبداً، كل ما في الأمر أن الإعلام يهتم، وربما القرّاء أيضاً، بالرواية أكثر، ربما لما في عالمها من ثراء، ولإمكانية تحويلها إلى الدراما بأشكال مختلفة. ولكن أراهن على أن الكتابة الأدبية تشهد تطوراً في مجالاتها وأنواعها كافة، بل إنك إذا استعرضت أسماء الشعراء الشباب ربما تفاجأ بأن الزمن هو زمن شعر العامية مثلاً، وإذا راقبت جوائز القصّة أو النصوص المرسلة للمجلات والمواقع الأدبية تراهن على أن الزمن هو زمن القصّة.

لكتابة القصّة خصوصية وجدتها وأحببتها، أمَّا الرواية فهي مشروع بحثي كبير، أحب قراءتها، وأغبط كتّابها، وهي تحتاج إلى وقتٍ وتفرغ وصبر، ربما هذا هو بالتحديد ما يصرفني عنها باستمرار، ولهذا أيضاً أكتب تجارب شعرية لأنها أقصر وأسرع. نعم أعترف بأني كاتب كسول، وربما كانت هذه هي المشكلة.

الجوائز والمبدع؛ علاقة ملتبسة بشكل ما. ما علاقتك بالجوائز، وكيف تقيمها في عالمنا العربي؟

يأتي هذا السؤال في ظل نقاشات طويلة وجدال دائر حول جوائز بعينها، ولكن لندع هذا جانباً. الجوائز مهمّة طبعاً لكل كاتب، لأنه لا ينتظر ذلك التقدير المادي فحسب، ولكن ما يمكن أن يعد اعترافاً أدبياً بموهبته، لا سيما إذا كان يتلمس خطواته في عالم الأدب، وربما لحسن حظي حصلت على بعض الجوائز المصرية المميزة، ولا يزال المرء يراقب الجوائز العربية الكبرى باهتمام وتحفز.

لا يجب أن ننسى أن القارئ أيضاً تلفت انتباهه الكتب والروايات الحاصلة على جائزة، لا سيما إذا كانت الجائزة من مكانٍ أو مصدر موثوق فيه بالنسبة إليه. ولعله من حسن الحظ أن أصبح لدينا جائزة كبرى للرواية عربياً، تنافسها جائزة أخرى للقصّة القصيرة، حتى تلفت أنظار القرّاء إلى هذا الفن الجميل المغبون في بلداننا العربية، رغم وجود كتّاب موهوبين كثر.

«مغامير»

ينتمي الأديب إبراهيم عادل إلى «مغامير»، وهي جماعة مستقلة، انطلقت في القاهرة قبل سنوات على يد مجموعة من الشباب، يجمعهم حب الشعر والقصة والسينما. في البداية، كانوا يعقدون جلسات يلقي فيها الكاتب عمله الإبداعي، فيما يعلّق الأعضاء الآخرون على هذا العمل بمنتهى الحرية. والإبداعات متنوعة، تشمل الشعر بشقيه الفصيح والعامي، والقصة القصيرة والمقال، والمبدعون من المغمورين في مراحل عمرية مختلفة، ومجالات دراسية متنوعة، ودرجات من الموهبة متفاوتة. انتظمت الجلسات وبدأوا بتنظيم ندوات موسعة تشهد نقاشاً مفتوحاً حول قضايا الأدب إلى جانب مناقشة الأعمال الإبداعية عن السينما، أو مناقشة كتاب جديد، أو قراءة ديوان شعر، أو طرح موضوع أدبي يثار على الساحة الأدبية، مثل الأدب النسائي، والتدوين، والاستشراف وأثره في الثقافة العربية. وتعقد هذه الجلسات في أحد المتاحف أو النقابات الفنية أو المكتبات العامة أو دور النشر أو المراكز الثقافية المستقلة مثل «الجزويت»، أو ساقية الصاوي، أو بيت السحيمي، أو قصر الأمير طاز، ومحكى القلعة، فضلا عن المشاركة السنوية في معرض القاهرة الدولي للكتاب من خلال ندواته الأدبية وأمسيات المقهى الثقافي.

أعترف بأني كاتب كسول
back to top