الحميضي حكيم من المجلس التأسيسي

نشر في 17-12-2017
آخر تحديث 17-12-2017 | 00:08
قُدِّر للراحل يعقوب الحميضي أن يكون حاضرا في أهم مرحلة من مراحل بناء الدولة- كتابة الدستور- واستطاع استيعاب الحالة العامة الكويتية بشكل شامل؛ لذا كان حكيماً من حكماء الكويت، وتشهد مداخلاته الثاقبة في محاضر لجنة إعداد الدستور على ذلك.
 مظفّر عبدالله أول العمود:

أيام قليلة فصلت بين رحيل علي عبدالله صالح مقتولا، وغياب الفنان الجميل أبوبكر سالم عن الدنيا. لنسأل أنفسنا ماذا استفاد اليمن من الأول؟ وماذا أعطى الثاني لبلده؟ شتان.

***

برحيل السيد يعقوب يوسف الحميضي ١٩٣١- ٢٠١٧، أمين سر لجنة إعداد الدستور يكون جميع أعضاء تلك اللجنة قد رحلوا عن الدنيا جسداً، لكنهم بلا شك حاضرون بيننا لأنهم تركوا سجلا تاريخيا وسياسيا قيما يحتوي على ٣٢ جلسة انعقدت في الفترة من ١٧ مارس إلى ٢٧ أكتوبر ١٩٦٢ وتاريخا عريضا من العطاء.

جدير بالذكر أن والد الراحل كان عضوا في المجلس التشريعي الثاني- فترة ما قبل الاستقلال (١٩٣٨)- حيث فاز في انتخابات أُجريت في المدرسة المباركية شارك فيها ٤٠٠ ناخب.

في هذه المقالة سأتطرق لبعض مواقف هذه الشخصية الرائدة في لجنة صياغة الدستور من قضايا لا نزال اليوم في جدل ومناقشات حولها، وقبل ذلك أريد طرح نقطتين: الأولى، أن قراءة محاضر المجلس التأسيسي ومحاضر لجنة إعداد الدستور تُعَد من أساسيات معرفة الهوية السياسية للنظام العام في دولة الكويت. والثانية أن معظم الجيل الحالي من النواب أو من يتطلعون لعضوية مجلس الأمة مطالبون بقراءة وتبصر هذه المضابط لفائدتها السياسية والقانونية و"الأخلاقية"، والأخيرة ذات مغزى تبعا لمستوى الأداء المُشاهَد.

رصدت المواقف التالية للفقيد يعقوب الحميضي- أحد حكماء المجلس التأسيسي- من واقع محاضر لجنة صياغة الدستور، وهي كالتالي:

• عارض قانون الجنسية بسبب التصنيف الرقمي للجنسية، وشرح تعارضه مع مبدأ المساواة الذي ورد في الدستور.

• عارض النظام الرئاسي وساند النظام البرلماني لتناسبه مع الحالة الكويتية.

• عارض الخبير الدستوري في كلمة "والكويتيون" في المادة (١) من الدستور واقترح كلمة "وشعب الكويت".

• اقترح وضع أحكام وراثة النظام في صلب الدستور.

• طالب بزيادة عدد الأعضاء إلى ٦٠ عضوا تفاديا للنَفَس العشائري في التصويت، وحتى يضمن وصول الكفاءات للعضوية.

• طالب بمجانية التعليم من الرياض حتى الثانوية باقتراحه تغيير عبارة "في مراحله الأولى" إلى "جميع المراحل".

• طالب بتغيير كلمة "أمة" في مقدمة الدستور إلى "الشعب" للإشارة إلى الكويتيين، وكان يرى أن يسمى المجلس بـ"المجلس النيابي" لا الأمة.

• عارض إسقاط الجنسية عمن اكتسبها بالمولد، وقرن السحب لمكتسبها باللجوء للقانون.

• عارض تصويت الوزراء المعينين في المجلس.

• طالب بزيادة مكافأة النواب لتشجيع الكفاءات التي تخشي فقدان رواتبها العالية بعد الفوز بالنيابة، ورأى أن خفضها سيؤدي إلى ترشح الأغنياء فقط.

• دعا إلى دمج عدد من المؤسسات وعدم التوسع في الوزارات، بحيث لا تزيد على ١٥ وزارة حتى لا يتأثر التمثيل الحكومي داخل المجلس ولدواع إدارية عامة.

• طالب بإنصاف الموظفين الذين يتم فصلهم وفق القانون وعدم الاكتفاء بالتعويض المادي لهم.

• عارض تبعية ديوان المحاسبة لأي جهة غير مجلس الأمة.

• أكد حق المجلس في اختيار ولي العهد بالتصويت.

كانت تلك جُمله من مواقف هذا الرجل الذي قُدِرَ له أن يكون حاضرا في أهم مرحلة من مراحل بناء الدولة، مرحلة كتابة الدستور، واستطاع استيعاب الحالة العامة الكويتية بشكل شامل؛ لذا كان حكيما من حكماء الكويت، ثاقب البصيرة ورجل دولة فريدا، وبدون شك هناك أداؤه السياسي والقومي والوطني والتجاري الذي يحتاج إلى رصد وتوثيق، حيث ساهمت خبرته العلمية والحياتية في أن يتصدر أهل الرأي والمشورة في قاعة مجلس الأمة.

رحم الله الفقيد يعقوب الحميضي.

back to top