بعد السكتة المجهولة السبب... هل يحتاج المريض إلى إصلاح في القلب؟

نشر في 15-12-2017
آخر تحديث 15-12-2017 | 00:00
No Image Caption
يحدث معظم السكتات الدماغية عندما تعوق جلطة دموية تدفّق الدم إلى جزء من الدماغ. وينجح الأطباء غالباً في تحديد أسباب تشكّل تلك الجلطة. ولكن في نحو ربع الحالات (خصوصاً مَن لم يبلغوا بعد الستين من العمر)، لا يكون للسكتة الدماغية سبب واضح. يُعرف هذا النوع من السكتات الدماغية بسكتات خفية المنشأ (مجهولة الأسباب).
النبأ السار أن إقفال ثقب في القلب يسهم في تفادي تكرار هذا النوع النادر من السكتة الدماغية.
تشمل الأسباب المحتملة للسكتة الدماغية الخفية المنشأ فتحة في الجدار الذي يفصل غرفتَي القلب العلويتين اليمنى واليسرى (الاذينين). تُدعى هذه الحالة استدامة الثقب البيضاوي القلبي، ويُعتبر عدم إقفال هذه الفتحة شائعاً جداً، بما أن نحو ربع البالغين مصابون بها.

يذكر د. جون جارتشو، طبيب قلب في مستشفىBrigham and Women’s التابع لجامعة هارفارد: (نحو 45% ممن يعانون سكتة دماغية مصابون أيضاً باستدامة الثقب البيضاوي القلبي، ما يشير إلى أن الحالتين مرتبطتان). لكن السؤال (هل يحول إقفال الثقب البيضاوي القلبي في هذه الحالة دون الإصابة بسكتات دماغية إضافية؟)، ظل طوال سنوات من دون جواب.

سد الثقب

تؤكد اليوم ثلاث تجارب أجرتها مراكز عدة أن عملية إقفال الثقب البيضاوي القلبي تخفض في حالة بعض الناجين من السكتة الدماغية احتمال التعرض لسكتة دماغية أخرى بفاعلية أكبر من العلاج بالأدوية. في هذه الجراحة، يمرِّر الطبيب قسطراً في الوريد من الفخذ وصولاً إلى الأوعية الدموية في القلب، حيث يدخل جهازاً يسد الثقب.

في هذه التجارب، قورنت هذه الجراحة بأدوية كالأسبرين، والوارفارين (Coumadin)، والكلوبيدوغريل (Plavix)، علماً بأنها كلها تحول دون تشكّل الجلطات الدموية.

يذكر د. جارتشو، الذي يعمل أيضاً مساعد محرر مجلة (نيو إنغلاند للطب) حيث نُشرت التجارب الثلاث: (لا شك في أن توصل هذه الدراسات الثلاث إلى الخلاصة ذاتها أمر مقنع جداً). وكما يضيف، تعني هذه الاكتشافات الجديدة مباشرةً نسبة صغيرة من الناس فحسب: مَن يعانون سكتة دماغية، يكونون مصابين باستدامة الثقب البيضاوي القلبي، ولا يتوصل الأطباء إلى أي تفسير محتمل لأسباب السكتة في حالتهم.

تحديات الدراسات السابقة

تشمل الأسباب، التي تصعّب تحديد ما إذا كان إقفال الثقب البيضاوي القلبي يسهم فعلاً في تفادي السكتات الدماغية، واقع أن الدراسات السابقة لم تستبعد دوماً مَن تعود سكتاتهم الدماغية إلى مشاكل أخرى، مثل الرجفان الأذيني (اضطراب في نظم القلب) أو تراكم الصفيحات في الشرايين السباتية (العنق). إلا أن إضافة هؤلاء المرضى إلى الدراسات أحدثت خللاً في النتائج لأن معالجة استدامة الثقب البيضاوي القلبي في حالتهم ما كانت ستحول دون تكرار السكتات الدماغية. بالإضافة إلى ذلك، واجه الباحثون مشكلة في استقطاب عدد كافٍ من المشاركين في التجارب. يوضح د. جارتشو: (يقرر أطباء كثر أن من الضروري إقفال الثقب البيضاوي القلبي في حالة مرضاهم. لذلك يأبون أن يشارك هؤلاء في تجربة قد يوضعون فيها في المجموعة التي تتناول الأدوية).

طريق مختصر للجلطات الدموية

يبدو الرابط بين السكتات الدماغية واستدامة الثقب البيضاوي القلبي منطقياً. تعمل شبكة الأوعية الدموية في الرئتين عادةً كفلتر يحتجز الجلطات الدموية الصغيرة والفضلات الأخرى المنتقلة في مجرى الدم ويدمّرها. ولكن إذا تخطّت جلطة الرئتين بسلوك طريق مختصر عبر الثقب البيضاوي القلبي، تتوجه مباشرةً إلى الشرايين التي تغذي أجزاء الجسم. وإذا استقرت الجلطة الدموية في وعاء في الدماغ، يعاني المريض سكتة دماغية.

تُعتبر عملية إدخال جهاز لسد الثقب البيضاوي القلبي آمنة عموماً. ولكن على غرار أية عملية غازية أخرى، تنطوي على بعض المخاطر، وفق الدكتور جارتشو. تشمل هذه المخاطر نزفاً في موقع الإدخال وتراكماً خطيراً للسوائل حول القلب. كذلك يُصاب نحو 5% من المرضى بالرجفان الأذيني، ولا يشكّل هذا الاضطراب مفاجأة لأن وضع الجهاز يحدث خللاً في نظم القلب الكهربائي.

ما هي استدامة الثقب البيضاوي القلبي؟

تملك الأجنة في الرحم فتحة صغيرة تُدعى الثقب البيضاوي القلبي في الجدار بين الأذينين الأيمن والأيسر. يبدو هذا الثقب أقرب إلى باب متأرجح منه إلى فتحة فعلية، إذ يتيح للدم تخطي رئتَي الجنين. ولكن عندما يبدأ المولود الجديد بالتنفس، يرغم ضغط النفس الأول هذا (الباب) على الإقفال. وعندما تُقفل الفتحة، يتحول الدم إلى رئتي الطفل للتغذية بالأوكسجين.

خلال أسابيع الطفل الأولى بعد الولادة، يُقفَل الثقب البيضاوي القلبي بالكامل. ولكن في حالة 25% من الناس تقريباً، لا يوصد هذا الباب نهائياً. تُدعى هذه الحالة استدامة الثقب البيضاوي القلبي ((استدامة) أي استمرار).

صحيح أن هذه حالة شائعة، إلا أن معظم مَن يعانون استدامة الثقب البيضاوي القلبي لا يعون ذلك لأنها لا تسبب أي أعراض. وفي معظم الحالات، يكتشفون هذه العلة خلال خضوعهم لتصوير بالموجات ما فوق الصوتية أو فحص آخر لسبب مختلف تماماً.

back to top