«بالنجوم وحدهم»!

نشر في 08-12-2017
آخر تحديث 08-12-2017 | 00:00
 مجدي الطيب «ليس بالنجوم وحدهم تنجح المهرجانات» لكن «المهرجانات أفلام وندوات ومطبوعات»!

مقولة تبناها النقاد كثيراً، حتى صارت بمنزلة اليقين الذي لا يقبل الشك ولا التشكيك، وجاءت الدورة التاسعة والثلاثون (21 – 30 نوفمبر 2017) لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي لتدحضها، وتُشكك في مصداقيتها، وتجعل منها «أسطوانة مشروخة».

على الرغم من الإعداد الجيد للدورة، وكم الأفلام الجيدة، والتظاهرات المتنوعة، التي حفلت بها، فظل البعض على قناعة تامة أنها «دورة فاشلة» إلى أن ظهر النجوم الأميركيون الثلاثة: نيكولاس كيدج، وأدريان برودي، وهيلاري سوانك في حفلة الختام فانقلبت الدنيا رأساً على عقب!

فجأة أصبح المهرجان عالمياً، وينافس أكبر وأشهر المهرجانات الدولية، وبدلاً من الثناء على الأفلام ذات الجودة الفنية العالية، والقضايا التي تبنتها وأثارت الكثير من الجدل، والندوات التي دُعي لحضورها، والتواصل مع جمهورها، صانعوها ومبدعوها من مختلف قارات العالم، أصبح الحديث مقصوراً على النجوم الذين بدأوا كلماتهم بلكنة غربية: «السلام عليكم»، والتعاطف الذي أبدوه مع الشعب المصري في محنته الأخيرة، بعد الحادث الإرهابي الغاشم، وإعلان تضامنهم معه ضد العنف والتطرف!

أمر طيب فعلاً أن ينجح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، بفضل الشركة الراعية لهذه الدورة، في استقطاب النجوم الثلاثة، ومن قبلهم اليزابيث هيرلي، التي حضرت الافتتاح، وإقناعهم بتلبية دعوة المهرجان في ظل الظروف العصيبة التي عاشتها مصر، بعد ثلاثة أيام من انطلاق الدورة التاسعة والثلاثين، لكن من الظلم بمكان أن ننسب النجاح إلى النجوم وحدهم، ونتجاهل الجهد الكبير الذي بذله الناقد الكبير يوسف شريف رزق الله، المدير الفني للمهرجان في تكوين لجنة المشاهدة، والتفاوض، بشكل مكثف، مع موزعي الأفلام العالمية لإقناعهم بمنح المهرجان حقوق عرض أفلامهم في التظاهرات المختلفة، في ظل منافسة شرسة من «مهرجان الجونة السينمائي»، الذي سبق إقامة مهرجان القاهرة بشهرين، و{مهرجان دبي السينمائي»، الذي يُقام بعد «القاهرة» بشهر. ومع هذا توج «المدير الفني» جهوده بالحصول على ما يقرب من 175 فيلماً تمثل 53 دولة، وتجاوز الأزمات الكثيرة التي واجهت المهرجان، بداية من اقتناص «الجونة» لعدد من الأفلام، التي رشحتها لجنة مشاهدة «القاهرة»، وتوقف المفاوضات مع موزعيها، بعد تدخل «الجونة»، بموازنته الضخمة، والحصول على حق عرضها في دورته الأولى، ومن ثم حرمان «القاهرة» منها، لأن لائحته تنص على أن يكون عرضها الأول في مصر، بالإضافة إلى الأزمة الكبرى المتمثلة في غياب الفيلم المصري عن المسابقة الرسمية!

أزمات كثيرة واجهت إدارة مهرجان القاهرة في الدورة التاسعة والثلاثين، لعل أبرزها التوقيت الخاطئ الذي «سربت» فيه وزارة الثقافة، التي يُقام المهرجان تحت رعايتها، خبر موافقة وزير الثقافة على الاستقالة التي تقدمت بها رئيسة المهرجان د. ماجدة واصف، قبل انطلاق الدورة، وأرادت من خلالها أن تترك للوزير حرية اختيار رئيس جديد للمهرجان، في دورته الأربعين، لكنه اختار إعلان موافقته عليها قبل أربعة أيام من انتهاء الدورة، ليثير عاصفة من اللغط، والجدل، والاتهامات لإدارة المهرجان بالتخاذل، والتفريط، و{خيانة الأمانة»!

انتهت الدورة التاسعة والثلاثون بحلوها ومرها، وكان «ختامها مسك» في الحفلة التي شهدت حضور نجوم السينما الهوليوودية، لكن لا يمكن التغاضي عما تخللها من وقائع، وأحداث، على رأسها توقيع عقد شراكة مع إحدى القنوات الفضائية، لتكون الراعي الرئيس للمهرجان، بكل ما نتج عن «الشراكة» من إيجابيات، على رأسها توفير السيولة المادية التي يسرت الاتفاق مع نجوم العالم، والدعاية الضخمة التي كانت تنقص المهرجان، في دوراته السابقة، وسلبيات تمثلت في ضياع الخط الفاصل بين «الرعاية» وانتزاع بعض صلاحيات الإدارة، في ما يتعلق بتنظيم حفلتي الافتتاح والختام، والحق الحصري للقناة الراعية، والتداخل بين الطرفين، في ما يتصل بالبيانات الصحافية، وكأن ثمة «مركزين صحافيين»، ومتحدثاً رسمياً لكل طرف!

ما نريد قوله إن تجربة «الراعي الرسمي»، في شكلها الجديد غير المعتاد في المهرجانات المصرية، ينبغي أن تخضع للتقويم، والتقييم، بحيث نقف عند سلبياتها، ونتداركها، ونتدارس إيجابياتها ونبني عليها، وفي الأحوال كافة نتشبث باستمرار التجربة، كونها السبيل الوحيد لتحرير مهرجاناتنا المصرية من قبضة «البيروقراطية العفنة» وكسر هيمنة «الدكتاتورية الحكومية» التي كانت سبباً رئيساً في تدهورها، واحتلالها ذيل قائمة المهرجانات العربية، وبعضها حديث النشأة!

back to top