جيناتك... هل يمكنك التحايل عليها؟

نشر في 08-12-2017
آخر تحديث 08-12-2017 | 00:00
No Image Caption
نعم ولا، لكن المفرح أنك تستطيع تعديل حجم تأثير عدد منها في صحتك. لمجموعة كبيرة من المشاكل الصحية رابط جيني بارز. لذلك إذا كان والدك أو والدتك يعاني حالة صحية ما، يشهد احتمال أن تُصاب بها أنت أيضاً ارتفاعاً كبيراً. ولكن حتى لو ورثت الجينات ذاتها، لا يعني ذلك أنك ستواجه بالضرورة المشاكل الصحية عينها. لماذا؟ يعود ذلك في جزء منه إلى ما يُعرف بالتخلُّق المتعاقب (epigenetics). ومن الممكن استغلاله لتعزيز صحتك.


ما هو التخلُّق المتعاقب؟

صحيح أنك تعجز عن تبديل الجينات التي ترثها، إلا أن بإمكانك التأثير في طريقة عملها. تؤدي عوامل بيئية، كالغذاء والإجهاد، إلى تبدلات في التخلُّق المتعاقب تنشّط جينة ما أو تطفئها. ويفسر هذا الأمر لمَ يُصاب واحد من توأمين متطابقين بالداء السكري من النمط الثاني. ورث كل منهما الجينات ذاتها، إلا أن خيارات نمط الحياة المختلفة نشّطت الجينات المرتبطة بالداء السكري أو أطفأتها.

ماذا نعرف حتى اليوم؟

بدأ العلماء فهم الطرائق التي يؤثر بها تغيير عمل جيناتنا في صحتنا، فضلاً عما يسبب تحديداً التبدلات التي تحدث بالتخلُّق المتعاقب. مثلاً، تغوص بحوث السرطان اليوم في الأساليب التي يحوّل بها التخلُّق المتعاقب خلية سليمة إلى خلية سرطانية. ولا شك في أن ما ستكتشفه سيؤدي إلى علاجات سرطان أكثر فاعلية أو ربما علاجات شافية. على غرار جيناتنا بحد ذاتها، تُعتبر التبدلات التي تحدث بالتخلُّق المتعاقب موروثة أيضاً، ما يعني أن نمط حياة أهلك وأجدادك يترك بصمة كبيرة على صحتك، تحديداً عمل جيناتك. إذاً، فضلاً عن تأثيره في جيناتك، يسهم نمط حياتك في تحديد وظائف جينات أولادك.

كيف أستغل هذه الفرصة؟

يؤدي بعض العادات الصحية إلى تبدلات صحية بالتخلُّق المتعاقب في جيناتك اليوم، تسهم في الحماية من أمراض شتى، من داء القلب والسكتة الدماغية إلى السكري والسرطان والتهاب المفاصل. كذلك يسهل عليك عدد من هذه العادات الحفاظ على وزن صحي. إليك بعض العادات التي ندرك يقيناً فاعليتها:

مارس التأمل:

يتراجع نشاط جينتَين على الأقل ترتبطان بالالتهاب في الجسم بين مَن يمارسون التأمل، حسبما يؤكد باحثون أميركيون. ويُعتبر هذا الأمر بالغ الأهمية لأن الالتهاب يؤدي دوراً في الإصابة بعدد من الأمراض وتطورها، من بينها داء القلب والتهاب المفاصل الرثياني.

تمرّن:

يؤدي نمط الحياة النشيط إلى تبدلات صحية بالتخلُّق المتعاقب في ثلث جيناتك على الأقل، علماً بأن بعض هذه الجينات يرتبط بالداء السكري من النمط الثاني وارتفاع خطر الإصابة بالسمنة. وعندما تُعطّل هذه الجينات تحديداً، تتحسّن طريقة تخزين الخلايا الدهنية الدهون، وفق الباحثين.

استهلك مقداراً أكبر من النشا المقاوم:

النشا المقاوم مادة مغذية شبيهة بالألياف تتوافر في العدس، والبطاطا المطهوة والمبردة، وأي نوع من الحبوب غير المعالجة. لما كان هذا النشا يقاوم الهضم، فإنه يصل إلى الأمعاء الغليظة حيث تحوّله البكتيريا إلى أحماض دهنية قصيرة السلسلة. وتبين أن هذه العملية تؤدي إلى تبدلات صحية مفيدة بالتخلُّق المتعاقب في الجينات المرتبطة بالسرطان، خصوصاً تلك التي تؤدي دوراً في سرطان الأمعاء.

تناول طعاماً مخمراً:

للأطعمة المخمرة مثل الكمتشي والملفوف المخلل تأثير إيجابي في الجينات المرتبطة بضغط الدم وزيادة الوزن، ذلك بفضل تعزيزهما بكتيريا الأمعاء، وفق الباحثين. وللحصول على أقصى فائدة ممكنة، اختر أنواعاً طازجة من الكمتشي والملفوف المخلل المخمرين بدل الأصناف التي تقبع فترة طويلة على رفوف المتاجر، فهي تُحفظ بالخل عموماً بدل التخمير، ولا تحتوي على مواد مغذية مفيدة.

نل قسطاً وافياً من النوم:

يولّد الحرمان من النوم بيئة مثالية لتنشيط الجينات المرتبطة بزيادة الوزن. لذلك احرص على النوم ما لا يقل عن سبع ساعات كل ليلة.

حافظ على وزن صحي:

يشكّل حمل وزن فائض أحد عوامل نمط الحياة التي نعرف يقيناً أنها تزيد خطر الإصابة بالسكري من النمط الثاني. ونملك اليوم تفسيراً إضافياً يعلل ذلك: يبدّل الوزن الزائد سلوك الجينات المرتبطة بالسكري، ما يرفع احتمال الإصابة بهذا الداء.

علامَ تحتوي جيناتي؟

تتوافر للعائلات التي تُعتبر أكثر عرضة لمخاطر الأمراض فحوصٌ تكشف تبدلات جينية تزيد خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان والاضطرابات الموروثة. كذلك تُباع في الأسواق فحوص مخصصة للمستهلك مباشرةً، مع أن الخبراء يثيرون بعض الشكوك حول مدى مصداقيتها وأمانها.

أما أسهل وسيلة لتقييم ما إذا كنت ورثت بعض الأمراض، أو ما إذا كنت تُعتبر أكثر عرضة لها، فتبقى تأمل تاريخ عائلتك الصحي. إليك خمس مشاكل صحية تجعلك جيناتك أكثر عرضة لها، إلا أن عاداتك اليومية قد تحفّز تبدلات صحية بالتخلُّق المتعاقب تحميك منها.

السكري من النمط الثاني

إذا كان أحد والديك يعاني هذا المرض، فيتضاعف خطر إصابتك به. أما إذا كان والداك يعانيانه، فيصبح احتمال إصابتك أعلى بنحو ستة أضعاف.

خذ المبادرة: باحتساب معدل طولك إلى محيط خصرك. اقسم محيط خصرك على طولك (بالسنتمترات). إذا بلغ هذا المعدل 0.5 أو أعلى، يعني هذا أنك أكثر عرضة للداء السكري. ويعود ذلك في جزء منه إلى أن الوزن الزائد يحفّز تبدلات في الجينات المرتبطة بهذا المرض. لذلك إذا كان معدلك أعلى من 0.5، فاسعَ إلى خسارة نحو خمسة في المئة من وزن جسمك، أي ما يكفي للحد من خطر إصابتك بالسكري.

التهاب المفاصل الرثياني

إذا شخّص الطبيب إصابة أحد أقاربك من الدرجة الأولى بهذا المرض، يكون احتمال إصابتك به أعلى من المعدل بنحو ثلاثة أضعاف.

خذ المبادرة: بتنزيل تطبيق Smiling Mind واستخدامه للتأمل بضع دقائق كل يوم. وهكذا تنجح في الحد من الإجهاد الذي يزيد خطر هذه الحالة (حسبما أظهر الدراسات)، ذلك من خلال محاربة نشاط الجينات التي يُعتقد أنها تؤدي دوراً في الإصابة بالتهاب المفاصل الرثياني.

ارتفاع ضغط الدم

ابحث عن قريب لصيق، مثل أخ أو أب، أُصيب بارتفاع ضغط الدم قبل سن الستين. يعني هذا أنك أنت أيضاً أكثر عرضة بمرتين للإصابة به.

خذ المبادرة: بتناول الكمتشي والملفوف المخلل. لا يسهم هذان النوعان من الطعام في إحداث تغييرات إيجابية في تعبير الجينات المرتبطة بضغط الدم فحسب، بل يحتويان أيضاً على البوتاسيوم، الذي يسهم في خفض ضغط الدم بموازنة معدلات السوائل في الجسم. حافظ أيضاً على وزن جسم صحي، وتمرّن بانتظام، وحد من استهلاك الملح. تساعدك هذه الخطوات أيضاً في ضبط ضغط دمك.

سرطان الأمعاء

إذا أُصيب أحد أقاربك من الدرجة الأولى بهذا المرض قبل سن الخامسة والخمسين، أو إذا عاناه اثنان من أقاربك من الدرجة الأولى أو الثانية من الجهة ذاتها من العائلة في أي سن، تكون أكثر عرضة لسرطان الأمعاء بنحو ستة أضعاف.

خذ المبادرة: بتناول الحبوب الكاملة و/أو البقول في كل وجبة، بما أنهما تحتويان على الألياف والنشا المقاوم. يتراجع خطر الإصابة بسرطان الأمعاء بنحو 10% مع كل 10 غرامات من الألياف تتناولها كل يوم. كذلك يحفّز النشا المقاوم تبدلات صحية بالتخلُّق المتعاقب، ما يسهم في الحد من ارتفاع خطر سرطان الأمعاء المرتبط باستهلاك اللحوم الحمراء.

داء القلب

إذا شخّص الطبيب إصابة والدك بمرض القلب قبل سن الخامسة والخمسين، أو إذا أُصيبت به والدتك قبل سن الخامسة والستين، فيكون خطر إصابتك أعلى من المعدل بنحو ثلاث مرات.

خذ المبادرة: بالتمرن مدة لا تقل عن 150 دقيقة أسبوعياً كي تطفئ بعض الجينات وتحسّن طريقة تخزين جسمك الدهون، ما يساعدك في تفادي زيادة الوزن. فضلاً عن إبقاء ضغط الدم ومستوى الكولسترول ضمن المدى الصحي، يسهم الحفاظ على وزن صحي في الحد من خطر مرض القلب.

back to top