اليمن... إلا «التشطير»

نشر في 06-12-2017
آخر تحديث 06-12-2017 | 00:20
 صالح القلاب الخطأ الفادح الذي ارتكبه الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، رحمه الله، أن حساباته هذه المرة عندما أدار ظهره لحلفائه وذهب إلى أعدائه التاريخيين، الذين خاض معهم ست حروب متتالية، وقتل زعيمهم السابق حسين الحوثي عام 2004 بالطريقة التي قتل هو بها، معتمداً على "فهلويته" الزائدة، وعلى أنه راقص بارع بين رؤوس الثعابين، ومناور محترف، فكانت النتيجة أنه خسر أصدقاءه الفعليين، ولم يكسب أعداءه الذين أصبحت بينه وبينهم بحور من الدماء.

ويقيناً ان ما ستثبته الأيام المقبلة، سواء كانت قريبة أو بعيدة، أن الحوثيين استدرجوا صالح استدراجاً لتحالف غير موضوعي معهم، لهدفين، الأول: الثأر لدماء زعيمهم السابق حسين الحوثي، والثاني: تفكيك الجمهورية اليمنية واستعادة النظام "الإمامي"، ولكن ليكون ملحقاً بدولة الولي الفقيه، التي واصلت ولا تزال تواصل "التبجح" بسيطرتها على أربع عواصم عربية، وبتمددها في دولتين عربيتين تمدداً احتلالياً بكل معنى الكلمة.

لقد ثبت أن "مروض الثعابين" هذا قد فشل هذه المرة في ترويض الثعبان الحوثي، وأن كل حساباته كانت خاطئة، وهكذا فإنه وجد نفسه في النهاية وحيداً ومعزولاً في صنعاء، فاضطر إلى الهروب منها تسللاً، وحيث تم إعدامه رمياً بالرصاص، وبالسحل على الطريق إلى "سنحان"، وبعد يومٍ واحد من إعلان "أصدقائه" الأعداء أنهم سيقتلونه.

ربما لا ضرورة للنبش في هذه الأمور التي توجع القلب وتجرح الوجدان، لكن أليس من الضروري التوقف وملياً عند هذه التجربة اليمنية المرة، ومع تأكيد أن تجارب هذا البلد، الذي كان يوصف بأنه سعيد، كلها مرة، سواء في عهد الإمامة البائسة أو في هذا العهد الجمهوري الذي كانت سنواته السابقة واللاحقة مسيرة "تذبيح" وتقتيل، والمعروف أن بداية عهد هذا الرئيس الراحل، رحمه الله، قد بدأت بمحطتين دمويتين، الأولى اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي، والثانية اغتيال الرئيس أحمد حسين الغشمي، وكل هذا في حين أن المعروف أن هذه المسيرة الدموية لم تتوقف عملياً على مدى عقود متلاحقة متعددة.

والآن... وقد عاد اليمن ليغرق في الفوضى والدماء مجدداً فإن الخوف كل الخوف أن يعود هذا البلد، الذي بقي أبناؤه ينادون ولسنوات طويلة بـ"وحدة التراب اليمني"، إلى "التشطير" مجدداً، ولعل ما يعزز هذه المخاوف أن الأكثرية من سياسيي اليمن الجنوبي أو جنوب اليمن، وما تبقى من قادته ومسؤوليه السابقين لا يرون حلاً لأزمة "الشطر الجنوبي" إلا بالعودة إلى ما قبل الارتماء في أحضان علي عبدالله صالح، بعد مذبحة المكتب السياسي للحزب الحاكم الشهيرة، وبعد هروب علي سالم البيض من واقع يمني جنوبي، أصبح أشد ظلمة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، إلى الشمال، الذي خاض معه جنوبه حروباً متواصلة كثيرة.

back to top