دواء مضادّ للالتهاب يحبط نوبات القلب المتكرّرة

نشر في 06-12-2017
آخر تحديث 06-12-2017 | 00:02
No Image Caption
يحظى الالتهاب باهتمام الباحثين منذ عقود لأنه المتّهم الأوّل في تطوّر مرض القلب والأوعية الدمويّة. مع هذا، بقي إيجاد علاج يستغلّ هذا الرابط بعيد المنال. ولكن بدأت النقاط أخيراً تترابط بفضل نتائج دراسة CANTOS (دراسة كاناكينوماب المضادّة لالتهاب تخثّر الدم) التي نشرت في The New England Journal of Medicine (صحيفة الطبّ الإنكليزيّة الجديدة).
«للمرّة الأولى، أصبح في متناول أيدينا علاج مضاد للالتهاب قادر على تقليل احتمال تكرار النوبة القلبيّة لدى من تعرّض لها سابقاً»، يقول

د. بيتر ليبي، وهو طبيب قلب في مستشفى «بريغهام» للنساء التابع لجامعة هارفارد.

يفتح هذا الاكتشاف مجالاً جديداً للعلاج ويعطي المرضى الأمل، بحسب د. ليبي، أحد مؤلّفي دراسة أخيرة في هذا المجال قادها صديقه وزميله من جامعة هارفارد للطبّ، البروفسور بول ريدكر.

الالتهاب وداء القلب

يعتبر الالتهاب جزءاً من تفاعل الجسم الطبيعي بهدف حماية الأخير نفسه من الأذى، وينقسم إلى نوعين: الحادّ والمزمن.

يتحقّق الالتهاب الحادّ عندما تصاب بعدوى أو جرح ولا يدوم طويلاً، فيتخلّص الجسم من الدخلاء ويصلح الخلايا التالفة. أمّا الالتهاب المزمن فيظهر كردّ فعل تجاه التعرّض طويلاً لمواد غير مرغوبٍ بها في الجسم كالسموم من دخان السجائر، أو فائض من الأنسجة الدهنيّة، خصوصاً في منطقة البطن.

يتميّز الالتهاب المزمن بأهميته لصحّة القلب لأنّه يؤدّي دوراً محوريّاً في ظهور داء تصلّب الشرايين حين تتجمّع الدهون الغنيّة بالكولسترول فيها. يعتبر الجسم لويحات الدهون هذه أجساماً غريبة عنه فيباشر بالردّ الالتهابي حابساً الضرر. وترسل المحوّلات الكيماويّة، المسمّاة السيتوكينات، خلايا الدم البيضاء إلى مناطق تجمّع جزيئات الكولسترول فتتخلّص منها وتعزل اللويحات عن مجرى الدم. ولكن إذا انهار هذا الجدار، تنقسم اللويحات فيختلط مضمونها مع الدم، ما يؤدّي إلى تشكّل خثرات مسؤولة عن حدوث معظم النوبات القلبيّة والسكتات الدماغيّة.

التهاب تخثّر الدم

كان أكثر من 10 آلاف مشارك في الدراسة التجريبيّة عانى نوبة قلبيّة، وكانت مستويات البروتين التفاعلي C (مؤشّر حيوي يشير إلى وجود التهاب في الجسم) مرتفعة. كان المشاركون كلّهم يتناولون أدوية قلب عاديّة، وبعضهم يستهلك إلى جانبها جرعات متفاوتة من الكاناكينوماب (إيلارس). لم يوضع هذا الدواء في الأساس لمرضى القلب، وإنّما هو جسمٌ مضاد وحيد الأنسليّة يستخدم لعلاج مرض مناعة ذاتيّة نادر لدى الأطفال. فيعطّل العمليّة الالتهابيّة من خلال إبطال مفعول سيتوكين معيّن أساسي في تطوّر داء تصلّب الشرايين.

في نهاية فترة التجربة، يقول الدكتور ليبي إنّ من كانوا يتلقّون جرعات مرتفعة من هذا الدواء كانوا أقلّ عرضة بنسبة 15% للإصابة بنوبة قلبيّة أو سكتة دماغيّة أو مشاكل أخرى في القلب والأوعية الدمويّة. وأثبتت صحّة ذلك رغم أنّ الكاناكينوماب لم يقلّل مستويات الدهون ولم يؤثّر في أيّ عامل خطر تقليدي لمشاكل القلب.

خطوات مقبلة

يعتقد د. ليبي أنّ تطبيق نتائج دراسة CANTOS في الممارسات السريريّة قد يستغرق أشهراً، لأنّه رغم الموافقة على الكاناكينوماب لدى كثيرٍ من الشعوب، فإنّه يحمل آثاراً جانبيّة مهمّة، أبرزها زيادة خطر الإصابة بالتهاب خطير.

في هذه الأثناء، تختبر دراسة أخرى فاعليّة جرعة صغيرة من الميثوتركسيت في مجال أمراض القلب والأوعية الدمويّة. على عكس الكاناكينوماب، يتميّز دواء الميثوتركسيت بانخفاض كلفته وشيوع استخدامه في علاج التهاب المفاصل الروماتويدي. نذكر أنّ البروفسور ريدكر يقود هذه الدراسة أيضاً، على أن تكون نتائجها متاحة في السنوات القليلة المقبلة.

إجراء اختبار البروتين التفاعلي C

يشير البحث إلى أنّ من بين الأشخاص الذين يتمتّعون بمستوى كولسترول طبيعي، يعاني من لديهم مستويات أعلى من البروتين التفاعلي C خطر الإصابة بمشاكل قلبيّة مرّات عدّة مقارنةً بمن لديهم مستويات البروتين التفاعلي C منخفضة.

حتّى يومنا هذا، يتردّد كثير من الأطبّاء في التوصية باختبار البروتين التفاعلي C كجزءٍ من رعايته الروتينيّة لأنّه يعتقد أنّ النتائج لن تؤثّر بأيّة طريقة في الخيارات العلاجيّة.

مع هذا، يتوقّع الدكتور ليبي أنّ علاجات دوائيّة جديدة تستهدف التهاب القلب والأوعية الدمويّة خصوصاً ستتيح المجال إزاء استخدام أوسع لاختبار البروتين التفاعلي C.

اختبار البروتين التفاعلي C

ينتج الكبد البروتين التفاعلي C ردّاً على الالتهاب. وتشير مستويات هذا البروتين المنخفضة إلى وجود التهابٍ طفيفٍ مزمنٍ يعكس التغيّرات غير الصحّيّة في جدران الشرايين. يفحص الطبيب مستويات البروتين عبر اختبار يرتكز على كاشف عالي الحساسيّة تجاه البروتين التفاعلي C، ولا يحتاج سوى إلى كمّيّة صغيرة من الدم. تشير النتائج إلى ثلاث فئات خطر:

مستوى البروتين التفاعليC : خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدمويّة

أقلّ من 1 ملّيغرام/ ديسيلتر: منخفض

1-3 ملّيغرامات/ ديسيلتر: متوسّط

أكثر من 3 ملّيغرامات/ ديسيلتر: مرتفع

من تلقّوا جرعات مرتفعة من هذا الدواء كانوا أقلّ عرضة بنسبة 15% للإصابة بنوبة قلبيّة
back to top