تعزيز علاقات بريطانيا مع الشرق الأوسط خلال الخروج من «الاتحاد»

نشر في 05-12-2017
آخر تحديث 05-12-2017 | 00:05
 ذي ناشيونال لن تكون وزيرة الخارجية البريطانية تيريزا ماي الوحيدة التي ترى في زيارتها الأخيرة إلى الشرق الأوسط استراحة مرحباً بها من هوس النخبة الحاكمة البريطانية، الذي لا نهاية له على ما يبدو في المفاوضات بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. على نحو مماثل سيعتبر قادة عرب كثر عودة الزعيمة البريطانية إلى المنطقة خطوة إيجابية للالتزام مجدداً بجزء من العالم يخوض راهناً إحدى حقباته الأكثر اضطراباً وصعوبة في تاريخه العصري.

الهدف الأكثر وضوحاً لزيارة رئيسة الوزراء البريطانية الدبلوماسية الأخيرة إلى المنطقة تعزيز الروابط التجارية البريطانية عشية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ولهذا السبب ستعلن دعمها المنتديين الاقتصاديين في الأردن والمملكة العربية السعودية.

لعل الفرص الجديدة الأكثر وضوحاً المتاحة أمام قطاع الأعمال البريطاني تلك التي يقدمها برنامج المملكة العربية السعودية الطموح "رؤية 2030"، حيث يخطط ولي العهد السعودي الناشط محمد بن سلمان للاضطلاع بعملية تحويل جذرية للاقتصاد السعودي، فباستخدامه عائدات بيع حصص "أرامكو" الوشيك، يسعى ولي العهد إلى تنويع اقتصاد بلده، مبتعداً عن اعتماده التقليدي على أموال النفط، فضلاً عن أنه يخطط لتطبيق أجندة إصلاح اجتماعي طموحة.

صحيح أن من الطبيعي أن تركز الحكومة البريطانية على تطوير روابط تجارية جديدة مع المنطقة، ولكن من الضروري أن تفهم أيضاً أن هذه الاتفاقات الجديدة لن تكون ناجحة على الأرجح ما لم تكن بريطانيا مستعدةً أيضاً للغوص كاملاً في المسائل الأمنية الإقليمية المعقدة.

تتصدر اللائحة مسألة التعاطي مع "داعش" بعد هزيمته في الرقة والموصل وعدم الاستقرار السياسي الناجم عن تدخل حرس الثورة الإيراني المتواصل في شؤون الدول العربية الموالية للغرب.

كما اكتشفت ماي خلال زيارتها الوجيزة للعراق، حيث التقت الجنود البريطانيين واجتمعت برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أن استعادة الموصل وهزيمة "داعش" العسكرية الساحقة في أجزاء أخرى من العالم العربي لا تعني أن نهاية تهديد إرهاب الإسلام السياسي باتت وشيكة.

على العكس يتضح من الاعتداء الكارثي الأخير على مسجد صوفي في منطقة شمال سيناء بمصر أن هذا التنظيم اكتفى بتبديل مناوراته والتركيز أكثر على تنفيذ اعتداءات إرهابية بدل السعي إلى الحفاظ على خلافته المزعومة.

من هذا المنطلق، سيشكّل "داعش"، الذي يبحث إرهابيوه عن أهداف جديدة لضربها، خطراً يهدد دولاً غربية مثل بريطانيا بقدر تهديده الشرق الأوسط. لذلك من الضروري أن تواصل بريطانيا وحلفاؤها في المنطقة التعاون عن كثب في المسائل الثنائية، مثل تشاطر المعلومات الاستخباراتية.

أما المجال الآخر الذي يجب أن تعرب فيه بريطانيا عن دعمها الدول العربية العصرية، فيشمل المسألة المزعجة عن تدخلات إيران التي تقوّض استقرار المنطقة، فخلال لقاء وزيرة الخارجية الملك سلمان وولي العهد محمد في المملكة العربية السعودية، تعرضت ماي للضغوط بغية إثارة قضية اليمن، حيث يفرض الائتلاف الذي تقوده المملكة حصاراً جوياً، وبرياً، وبحرياً منذ أسابيع هدفه وقف تدفق الأسلحة إلى المتمردين الحوثيين من إيران، لكن المنظمات الإنسانية تؤكد أن هذا الحصار ضاعف الأزمة الإنسانية، علماً أن التقديرات تشير إلى أن سبعة ملايين يمني مهددون بسوء التغذية.

ولكن من المهم أن تحمّل بريطانيا إيران أيضاً مسؤولية الكارثة في اليمن، فلولا دعم طهران للحوثيين لكان بالإمكان تفادي هذا الصراع منذ البداية.

يُعتبر النظام الإيراني، لا الدول العربية المعاصرة، المسؤول عن الجزء الأكبر من الصراع المتفشي في المنطقة، وإذا أظهرت ماي أنها تفهم هذه النقطة الأساسية، فما من سبب يمنع بريطانيا من التمتع بعلاقات أفضل وأكثر فائدة مع حلفائها التقليديين في المنطقة.

* كون كولين

* «ذي ناشيونال»

back to top