خروج تيلرسون قد يكون الخطوة الأولى لإصلاح السياسة الخارجية الأميركية

نشر في 04-12-2017
آخر تحديث 04-12-2017 | 00:05
 نيويورك بوست إذا خسر وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون منصبه فلا شك أنه سيندم على تركه هذا المنصب أكثر من ندمه على قبوله به في المقام الأول. صحيح أنه حاول لكنه كان الرجل الخطأ في المنصب الخطأ في الإدارة الخطأ.

رغم الإحراج العام الذي قد يترتب على صرفه، سيشعر تيلرسون بالراحة على الأرجح لتسليمه منصبه في هذه الحكومة الجاحدة إلى بديله المحتمل مدير وكالة الاستخبارات المركزية مايك بومبيو.

من الواضح أن منصب تيلرسون السابق على رأس شركة Exxon لم يجهزه لهذا الدور، حتى المدير التنفيذي لشركة متعددة الجنسيات لا يُضطر إلى تحقيق سوى نتيجة واحدة. في المقابل على وزير الخارجية الأميركي العمل على مصالحة متنافسة لمئات "النتائج المهمة"، كذلك لم يتكبد تيلرسون مشقة تعلّم ثقافة الشؤون الخارجية، التي تختلف كل الاختلاف عن عالم الأعمال. صحيح أن هذه الثقافة تحتاج إلى عملية إعادة تأهيل جادة، إلا أن من الصعب أن تصلح المشكلة إذا لم تفهمها.

لا بد من الإقرار بأن تيلرسون حاول، إلا أن افتقاره إلى الخبرة في العمل الحكومي لم يشكّل ميزة إيجابية (بخلاف الفكرة الشائعة). كذلك ازداد الوضع تعقيداً بسبب إقدام الرئيس ترامب غالباً على خطوات عشوائية في اتجاهات غير متوقعة، مقوّضاً جهود تيلرسون الدؤوبة، أو بسبب تفوق مساعدة تيلرسون المفترضة، سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هالي، على تيلرسون نفسه على المسرح العالمي، في وسائل الإعلام، وفي الصراعات داخل البيت الأبيض.

تطور تيلرسون في هذا المنصب ونجح أخيراً في اتخاذ موقف حازم في وجه المناورات الروسية، إلا أنه هذا لم يمنحه حظوة لدى الرئيس. الحق يُقال تبقى المشكلة الرئيسة التي يواجهها البيت الأبيض بدون أي حل حتى بعد رحيل تيلرسون.

مع تهديد كوري شمالي نووي يلوح في الأفق، ودولة صينية مخادعة، وانتصار إيران في الشرق الأوسط، واعتداء بوتين على مصالحنا من سورية إلى أفغانسان وفيسبوك، وترنح الغرب تحت ضغط تدفق المهاجرين الضخم، وتُنقّل الإرهاب الإسلامي من قارة إلى أخرى، قد نخال أن الوقت قد حان لتتخذ الولايات المتحدة موقفاً حازماً. لم يستطع ريكس تيلرسون تحقيق ذلك، وسننتظر اليوم لنرى ما إذا كان بديله المتوقع، مايك بومبيو، يبرع في إدارة هذه الفوضى المحمومة. سيتحلى بومبيو مع تبوئه منصب وزير الخارجية بمؤهلات مناسبة افتقر إليها تيلرسون، فلم يرأس بومبيو وكالة الاستخبارات المركزية فحسب، بل خدم أيضاً في الكونغرس طوال أكثر من عقد ويدرك جيدا كيفية عمل النظام.

بعدما تخرّج بومبيو من الأكاديمية العسكرية الأميركية، أتمّ خدمته العسكرية في ألمانيا نحو نهاية الحرب الباردة، مما منحه إدراكاً تلقائياً لسوء النوايا الروسية. بخلاف ذلك يتفق بومبيو عقائدياً مع الرئيس، مما يُنبئ بعلاقة أكثر سلاسة.

ولكن لهذه النقطة الأخيرة وجه خطير أيضاً، فبومبيو طموح على نحو واضح، جامعاً بين بروتس وماركوس أنطونيوس. صحيح أننا نحتاج إلى وزير خارجية يكون على توافق مع الرئيس، إلا أننا لا نستطيع تحمّل تبعات مسؤول لا يستطيع الرفض في منصب مماثل. لا شك أن عمل أعضاء الحكومة يشمل دعم أهداف الإدارة، بيد أن تحقيق هذا الهدف يتطلب تقديم مشورة صادقة، حتى لو لم تلقَ الترحيب.

أما بديل بومبيو المتوقع في وكالة الاستخبارات المركزية، السيناتور أركنساس الجمهوري توم كوتون، فيُعتبر من أفضل الخيارات على الأرجح، إذ يملك كوتون، الذي خدم كضابط سابق قاد الفرق القتالية في العراق، إداركاً إنسانياً لواقع الحرب، ويفهم مدى الحاجة إلى العمل الاستخباراتي القوي. بالإضافة إلى ذلك يتحلى كوتون بشخصية جذابة متزنة تمنحه كل الوقت الضروري لتعلّم أساليب هذه الوكالة. نتمنى له كل التوفيق!

لكن الخطر الذي يحمله اختيار كوتون يكمن في أن تركه مجلس الشيوخ خلال ولايته الأولى للانضمام إلى إدارة تلفها اضطرابات تسببها هي لنفسها قد يبعد أحد أبرز آمال الحزب الجمهوري في المستقبل.

وماذا عن وزير الخارجية المُقال؟ لا شك أن تيلرسون أخفق، إلا أنه يستحق أفضل من ذلك، ولكن يا سادتي هذه هي واشنطن.

* رالف بيترز

* «نيويورك بوست»

back to top