أنا حزينٌ جداً

نشر في 01-12-2017
آخر تحديث 01-12-2017 | 00:07
أنا حزينٌ جداً على المجتمع الذي تفرّق، أنا حزين جدا أن أرى فئاته تتشفّى بأنين بعضها، فلم نعُد نرى المجتمع بأكمله سعيدا، وإن فرحت فئة حزنت الأخرى، وإن بكت طائفة تبادلت الأخرى ضحكاتها، وكأنّنا لا نريد لهذا الوطن البقاء.
 فواز يعقوب الكندري إنني مؤمن تماماً أنّه إذا جاءت الفرصة لك لتتحدّث للعامّة فالأجدر أن يكون حديثك يخاطب عقولهم لا قلوبهم، وأن تكون متماسكاً حتّى تشعرهم بصلابة حروفك، ولا يشعرون أنّك هش ضعيف أمام أفكارك، إلا أنّ الأحداث أجبرتني أن أركن الأفكار التي تتراقص في عقلي على ألحان الإصلاح، وأن أنتزع الألم الذي بات أسيراً بين الضلوع وأحدّثكم عن المشاعر، فأنا اليوم حزينٌ جداً.

أنا حزينٌ جداً على هذا الوطن الذي كان ملاذاً للأفكار الهاربة من أغلال أوطانها، وتستنجد بوطني الذي يفتح لها ذراعه ويكون لها دار نشرٍ لإيمانه آنذاك بحرية الرأي.

أنا حزينٌ جداً على مؤسّسات الدّولة التي أرهقها الفساد، وتلاعبت بها المحسوبية، فباتت لا تنام إلا وجراحها تنزف الثروات.

أنا حزينٌ جداً على المجتمع الذي تفرّق، أنا حزين جدا أن أرى فئاته تتشفّى بأنين بعضها، فلم نعُد نرى المجتمع بأكمله سعيدا، فإن فرحت فئة حزنت الأخرى لفرحها، وإن بكت طائفة تبادلت الأخرى ضحكاتها، وكأنّنا لا نريد لهذا الوطن البقاء.

أنا حزينٌ جداً على الأطباء والمعلمين والمهندسين والحقوقيين الشباب الذين يزجّ بهم في السجون بسبب رفضهم للفساد، حزينٌ جداً على ٧٠ أسرة كويتية تم الحكم على مستقبل أبنائها أن يكون بين الأغلال، فيقضون سنوات من عمرهم مع المجرمين.

الحزن مشاعر، وحين تصرح الفطرة السليمة بمشاعرها لا يعني ذلك أنها دعوة للتشاؤم بقدر ما يجب أن تكون دعوة صادقة لأن نعيد النظر في ذواتنا، فننتزع من قلوبنا كره بعضنا، ونجتث الحقد الذي سيهدم مجتمعنا، ونبدأ من جديد نرمم ما شرخته الأيام، خصوصا أننا بحاجة أكثر من أي وقتٍ مضى لأن نكون صفاً واحداً يواجه ما يحدق بنا من أخطار في إقليم ملتهب.

أنا حزينٌ جداً لأنني ركنت إلى حماسي حين كان يتحدّث أبي إلي، ولم أكن أصغي إليه بكل حواسي حين كان يقدم لي تجاربه على طبقٍ من "عنب"، هذه الثمرة التي تعب من أجلها، فلخص تجاربه وقدمها لي قائلاً: "العاقل من يتعظ من أخطائه، والحكيم من يتعظ من أخطاء غيره". قُبلة على رأسك الطاهر واعذرني يا أبي.

back to top