هفوة حلف شمال الأطلسي تشعل دعوات تركيا لمغادرة الائتلاف

نشر في 28-11-2017
آخر تحديث 28-11-2017 | 00:05
 المونيتور أدت هفوة فادحة في حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى توحّد نادر بين أبرز الخصوم السياسيين في تركيا، فقد أعلنت الأطراف التركية باختلاف ألوانها السياسية عدم ثقتها بهذا الائتلاف الدولي.

تحدث أردوغان عن «فضيحة كبرى»، كما يُشار إليها في تركيا، خلال خطاب أدلى به أمام مسؤولين من حزب العدالة والتنمية في أنقرة.

أعلن الرئيس التركي أن رئيس أركان جيشه خلوصي آكار ووزير شؤون الاتحاد الأوروبي عمر جيليك أعلماه أن مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية، وأردوغان وُصفَا كعدوين للناتو خلال تدريب عسكري لهذا الحلف نُفّذ أخيراً في النرويج.

كان يشير إلى تدريب عسكري في منطقة ستافانغر بالنرويج وصفه الناتو بأنه «تدريب لقيادة المواقع يعتمد على الكمبيوتر من دون جنود على الأرض».

عندما علم أردوغان بهذه الإهانة، أمر بسحب 40 ضابطاً تركياً كانوا يشاركون في التدريب العسكري. وذكر: «لا يمكننا القبول بتحالف أو حليف مماثل».

سارع الأمين العالم للناتو ينس ستولتنبرغ إلى إصدار اعتذار على هذه الإهانة، قائلاً إن الحادثتين «جاءتا نتيجة أعمال فردية ولا تعكسان وجهة نظر الناتو».

علاوة على ذلك، أفاد وزير الدفاع النرويجي فرانك باك-ينسن أن الحادثتين شملتا متعاقداً خارجياً وُظّف لإجراء هذا التدريب، إلا أنه صُرف نتيجة ذلك، كذلك أكّد فتح تحقيق، وفي المقابل دعا مستشار أردوغان السياسي يالشن توبشو تركيا إلى الخروج من الناتو.

وفي مثال نادر لدعم الحكومة، ذكر رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض البارز كمال كيليتشدار أوغلو أن من حق الجميع انتقاد تركيا، إنما لا يحق لأحد إهانة قادتها وتاريخها، وفي مفاجأة واضحة، دان أيضاً حزب الشعب الديمقراطي الموالي للأكراد (والذي يعتبره كثيرون امتداداً لحزب العمال الكردستاني الخارج على القانون) الناتو، معتبراً هفوته «غير مقبولة».

كانت علاقات تركيا المتوترة مع أعضاء أساسيين في الناتو قد تعرضت لهزة إضافية بعدما أخبرت هايدي غرانت، نائب وكيل القوات الجوية الأميركية للشؤون الدولية، مجلة Defense News أن الولايات المتحدة قد تدرس احتمال فرض قيود على شراء تركيا طائرات إف-35 الحربية في حال أبرمت أنقرة صفقتها مع موسكو للحصول على أنظمة دفاع جوي من طراز إس-400.

يعتبر المعلقون الأتراك الموالون للحكومة تعليقات غرانت وحادثتَي النرويج من الأمثلة الأخيرة لمحاولات الناتو تقويض أردوغان وإنجازاته. أما داعمو أردوغان الإسلاميون، فيرون في الناتو تحالفاً موالياً لإسرائيل ومناهضاً للإسلام تقوده الولايات المتحدة ويقتل المسلمين في أفغانستان والشرق الأوسط، ويسرهم بالتأكيد أن تخرج تركيا من هذا الحلف.

وفي إطار خلاف أنقرة المتنامي مع الغرب، نسمع أيضاً أصواتاً غربية تدعو «لطرد تركيا من الناتو»، لكن المصالح الأمنية الاستراتيجية المشتركة أرغمت كلا الطرفين على مواصلة هذه العلاقة، رغم التوتر بين تركيا وأعضاء أساسيين في الحلف.

أشار الجنرال التركي المتقاعد نعيم بابور أوغلو إلى أن الكلام عن ضرورة تخلي تركيا عن الناتو غير منطقي ويهدف في المقام الأول إلى إرضاء الرأي الداخلي.

قال بابور أوغلو لصحيفة المونيتور: «إذا خرجت تركيا، فهل تتمتع بالقدرة على إقامة نظام دفاع وطني على غرار إسرائيل من دون الاعتماد على آخرين؟ تستطيع القوى الكبرى تبديل تحالفاتها، لكن القوى المتوسطة الحجم تعجز عن تفادي عواقب خطوة مماثلة».

بالإضافة إلى ذلك لا يضمن الالتفات نحو روسيا حاجات تركيا الأمنية، بما أن مصالح موسكو وأنقرة الإقليمية لا تتلاقى، وفق بابور أوغلو. يؤكد بابور أغلو أيضاً أن الخروج من الناتو يحرم تركيا من حق النقض (الفيتو) بصفتها دولة كاملة العضوية، ويسلبها القدرة على عرقلة التطورات غير المرغوب فيها، مثل انضمام قبرص إلى الحلف.

أما السفير المتقاعد سها عمر، فيعتقد أن كلا الطرفين قاما بما يلزم في هذه القضية وأن من الضروري تناسيها، ويضيف: «اعترضت تركيا بالطريقة الصحيحة، في حين قدّم الناتو اعتذاراً رفيع الشأن، ولا تحقق مواصلة المطالبة بقصاص أكبر أي هدف غير استمالة الشعب في تركيا».

من الواضح، إذاً، أن تركيا لن تنسحب من الناتو، إلا أن هذه المسألة الأخيرة تعكس مدى تفاقم عدم الثقة بين الطرفين.

* سميح إيديز

* «المونيتور»

back to top