نعيق البوم ونواح الغربان

نشر في 28-11-2017
آخر تحديث 28-11-2017 | 00:09
 يوسف عبدالله العنيزي تعيش المنطقة أوضاعا سسئة للغاية، وخلافات بين أطراف بعضها غير واضح الملامح، حروب إعلامية وتصريحات أحدّ من السيوف، واستعراض للقوة بكل أنواعها المدمرة، وصواريخ قادرة على تدمير مدن بأكملها، فتقتل وتبيد الملايين من سكانها وتشردهم.

أوضاع أدت بالضرورة إلى خلق توترات نفسية مؤلمة، وترقب للأحداث بين يوم وآخر، وأعادت هذه الأوضاع المنطقة إلى تلك الفترة الحالكة السواد، أثناء حكم النظام العراقي السابق الذي أدخل المنطقة في دوامة من الأحداث والمغامرات ابتدأت من حرب في شمال العراق مع الأكراد ثم كارثة «حلبجة» واستخدام الأسلحة الكيماوية، وبعدها حرب السنوات الثماني مع إيران أكلت الأخضر واليابس، وراح ضحيتها ملايين البشر وتدمير للمدن، ثم الدخول في مغامرة «جريمة العصر» بغزو غادر لدولة الكويت الغالية، وتدمير الأمة العربية وتشرذمها.

في ظل هذه الأوضاع المؤلمة التي تسود المنطقة الآن تخرج لنا بعض «البوم» من أوكارها وبعض «الغربان «من خرائبها تبشر بحروب طاحنة تضرب المنطقة بلا هوادة، هذه المنطقة التي تحتوى على كل ما يمكن اشتعاله من نفط وغاز وترسانات من الأسلحة وصواريخ بالستية، يخرج علينا بعض الكتاب والمحللين والخبراء والعارفين كما يدعون ببواطن الأمور، تخرج علينا تلك البوم والغربان بتحليل مرعب لما ستشهده دول المنطقة، ويلبس بعضهم مسوح المدافعين والحريصين على دول مجلس التعاون وشعوبها ومصالحها، ولا نستغرب أن يكون بعضهم كان من أبواق النظام العراقي السابق.

ونتساءل أما كان الأحرى بهذه الأصوات أن تنادي بالهدوء والحكمة وتغليب مصالح المواطن الخليجي وسلامة أسرته وأولاده بدل تعريض كل ذلك للخراب والدمار والقتل والتشريد؟ لماذا غدت المنطقة تغلي على جمر الفتن وأصبح حلفاء الأمس أعداء اليوم، وضاعت معالم الطريق، فلم نعد نميز العدو من الصديق، وأصبح للمواقف ثمن، والكل يتسابق للحصول على جزء من غنيمة الحرب، وأصبحت الأخبار والتحليلات تكتب حسب إملاءات خاصة، كما غدت أجهزة الإعلام العربية تتسابق على نقل الأكاذيب وتلفيق الأحداث ونشر البؤس واليأس في نفس المواطن الخليجي.

ويتبادر إلى الذهن هنا برنامج «أكاذيب تكشفها حقائق» الذي كان يذاع من إذاعة صوت العرب من إعداد الإعلامي المصري المخضرم «محمد عروق»، وكان التصنيف أن كل الأخبار والأحداث التي تصدر من واشنطن ولندن وباريس أو تل أبيب أكاذيب، وكل ما يصدر من القاهرة وبغداد ودمشق حقائق، فأي تصنيف يمكن أن نضعه الآن؟

أنا على يقين أن قادتنا في دول مجلس التعاون لديهم الحكمة والإدراك والعقل، فلن يرموا بأوطانهم وشعوبهم في أتون حروب، إن كنا قادرين على تحديد بدايتها فلن نستطيع تحديد نهايتها، ولن يكون فيها منتصر ومهزوم، فالكل خاسر ولن نربح إلا الخراب والدمار.

كم هو رائع أن تشهد المنطقة مشاريع اقتصادية وصناعية تجعلها رقما مهما في تطور وتنمية العالم، لقد حان الوقت أن تنعم المنطقة بالأمن والأمان والاستقرار بعد تلك السنين من الشقاء والمعاناة.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

الضاحك الباكي (2)

إن كانت تصريحات المسؤولين العرب تسبب الألم بحديثهم عن حقوق الإنسان في العالم العربي وتمتع المواطن العربي بحرية التعبير والمشاركة في الحكم والثروة والرخاء الاقتصادي، فلا يقل ذلك الألم عن الذي نشعر به عندما يتحدث بعض المسؤولين العرب عن الانتصارات التي تم تحقيقها، فقد تم تدمير بعض الجسور والأنفاق والطرق، وبعض المدارس والمستشفيات وقتل العشرات من الأعداء، وما إن ينتهي ذلك المسؤول من تصريحة حتى نكتشف أن العدو الذي يتحدث عنه هو جزء أو أجزاء أخرى من الشعب، تتنازع فيما بينها من أجل «خدمة» الوطن والمواطن، وأن ما تحدث عنه من تدمير قد أصاب البنية التحتية للوطن، فأي انتصار ذلك؟! حقا يا له من زمن «الضاحك الباكي».

back to top