الانسحاب الاختياري من البورصة

نشر في 28-11-2017
آخر تحديث 28-11-2017 | 00:18
 فهد الشمري يُعرف الانسحاب الاختياري من البورصة، بأنه «الطلب الذي تقدمه شركة مساهمة مدرجة لإلغاء إدراج أسهمها من البورصة لهيئة أسواق المال»، لكن هل تملك الهيئة الحق في رفض قرار «المستحوذ الجديد» بطلب الانسحاب لحماية أقلية المساهمين؟

قبل الإجابة، نود أن نوضح المنهج الذي اتبعه المشرِّع الكويتي في تنظيمه لعمليات الاستحواذ الإلزامي والانسحاب الإجباري لأقلية المساهمين، فالمشرِّع الكويتي، اتباعا للمدرسة الأوروبية، وبريطانيا تحديدا، أخذ بعرض الشراء الإلزامي كضمانة أساسية لأقلية المساهمين تجاه المستحوذ الجديد، ولم ينظم الانسحاب الإجباري الذي تجبر فيه الأقلية على الخروج من الشركة. أما المشرِّع الأميركي الفدرالي، فلم ينظم الاستحواذ الإلزامي، لكن في بعض الولايات قد تستخدمه الشركة في عقد تأسيسها، كوسيلة دفاعية، لصد أي محاولة استحواذ عدائي.

ووفق المادة 74 من القانون، فإنه «يلتزم الشخص خلال ثلاثين يوماً من حصوله بصورة مباشرة أو غير مباشرة على ملكية تزيد على 30 في المئة من الأوراق المالية...».

ونجد أن فلسفة النص تدور وجودا وعدما لحماية خاصة للأقلية من المستحوذ الجديد، فتستطيع الأقلية أن تخرج من الشركة وتبيع أسهمها، أو أن تقرر البقاء. وبذلك، فإن هدف المشرِّع، هو عدم إجبار الأقلية على البقاء مع المستحوذ الجديد، في ظل عدم معرفة تفاصيل الرؤية الاستراتيجية للشركة في المرحلة المقبلة، وهل الفكر الاستثماري للمستحوذ عالي المخاطر أم لا؟ فقد لا يتناسب فكر المستحوذ مع أقلية المساهمين.

وخير مثال لفهم هذه الفكرة، هو استحواذ شركة أديبتيو الإماراتية على أسهم شركه أمريكانا الغذائية، فقد قام المستحوذ الجديد بعرض استحواذ إلزامي لبقية المُلاك، بعد تجاوزه ملكية 30 في المئة من أسهم شركة أمريكانا، وإذ قد قرر المستحوذ الانسحاب الاختياري، فهو يستطيع ذلك، لأنه بعد تطبيق الاستحواذ الإلزامي الأقلية التي قررت عدم البيع هي الأقلية الواثقة باستثمارات المستحوذ الجديد وإمكانياته، فلا مجال للقول إنه يجب رفض الطلب من الهيئة لحماية الأقلية، والقول بخلاف ذلك يعني جمع الصعوبات والعوائق على المستحوذ الجديد وعلى أهدافه، وهو ما لا يقبله العقل التجاري الصحيح قبل المنطق القانوني السليم، خصوصا أن استحواذ «أديبتيو» سيكون نموذجا يحتذى به في المستقبل.

ولا يمكن مقارنة رفض الهيئة لطلب الانسحاب المقدم من إحدى الشركات الأخرى من البورصة مع طلب شركة أمريكانا، وآية ذلك أن الأقلية في تلك الشركة لم يكن لها حماية فعالة وجوهرية كالاستحواذ الإلزامي، فكأن الباعث من الطلب هو الهروب من رقابة الهيئة، وليس الرغبة في الاستفادة من نظام الانسحاب، وهنا أحسنت الهيئة برفض طلب تلك الشركة، والدليل ما حدث لاحقا من ارتفاع أسهمها بشكل كبير في غضون سنة فقط.

وفي الولايات المتحدة الأميركية، نظَّم المشرِّع الأميركي عملية الانسحاب الاختياري من البورصة (voluntary delisting)، حيث تتطلب أن يصدر القرار من مجلس إدارة الشركة، وليس من الجمعية العامة، كالقانون الكويتي، تطبيقا لمبدأ الفصل بين الملكية والإدارة في الشركات المساهمة، ويخضع مجلس الإدارة أثناء إصداره القرار لواجباته الائتمانية (fiduciary duties :duty of care & duty of loyalty).

وقد عُرض على القضاء الأميركي عدة قضايا من مساهمين يطالبون بتقرير مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة، لأنهم خرقوا واجباتهم تجاه الشركة، وقد تقررت مسؤولية أحد أعضاء مجلس الإدارة في قضية واحدة، وهي «Berger vs. Scharf , N.Y.S. 2006»،

لوجود تعارض للمصالح لأحد الأعضاء من قرار الانسحاب، وليس لحماية أقلية المساهمين من الانسحاب الاختياري.

back to top