جبل البابا... جريمة التطهير العرقي والتصفية والحاجة للوحدة الوطنية

نشر في 26-11-2017
آخر تحديث 26-11-2017 | 00:13
 مصطفى البرغوثي تمثل منطقة جبل البابا والمناطق المجاورة لها أخطر المناطق المهددة استراتيجياً من حكومة نتنياهو العنصرية، فالاستيلاء عليها وتطهيرها عرقياً كما تخطط إسرائيل سيعني إغلاق الحلقة الاستعمارية الاستيطانية حول مدينة القدس العربية وعزلها تماما عن محيطها، كما سيعني شطر الضفة الغربية نهائيا إلى جزأين معزولين عن بعضهما لتعميق حالة التجزئة التي وصلت إلى تقطيع أوصال الضفة الغربية بالمستوطنات والجدار والحواجز إلى 225 جزيرة.

وقد كان صمود أهالي هذه المناطق، وأنشطة المقاومة الشعبية الداعمة لهم، والأنشطة الصحية والتعليمية والاجتماعية المساندة لبقائهم، عاملاً حاسماً في إفشال المخططات الإسرائيلية طوال السنوات الماضية، وهو عامل يجب أن يستمر ويتعزز.

المهم في هذا الوقت إدراك أن هناك ترابطا بين استعار حملة الاستعمار الاستيطاني وجرائم التطهير العرقي، وبين المخططات السياسية المشبوهة التي يجري الإعداد والترويج لها، من خلال ما يشاع عن "صفقة القرن"، وما يتسرب عن مقترحات سيقدمها الفريق الأميركي، ومن ضمنها الحديث عن كارثة اتفاق انتقالي جديد، يكرر خطايا اتفاق أوسلو وبشكل أسوأ مما سبق، من حيث استبدال الحل الحقيقي باتفاق جزئي انتقالي وإغفال كل القضايا الجوهرية.

ورغم أن أحداً لم يسمع أو يرى مقترحات رسمية بشأن ما يسمى "صفقة القرن"، فان التسريبات المتتالية يجب ألا تثير قلقاً فلسطينياً فقط بل استنفارا وطنياً تجاه خطورة هذه المقترحات. فالتسريبات تتحدث عن ترتيبات لإبقاء الجيش الإسرائيلي مسيطراً على الأغوار بكاملها، وعن إبقاء السيطرة الأمنية الإسرائيلية الشاملة على كل الضفة الغربية، وعن رفض أي احتمال لتكون القدس العربية جزءاً من دولة فلسطينية أو عاصمة لها، بل إن الحديث يدور في الواقع عن عدم وجود دولة فلسطينية واستبدالها بحكم ذاتي هزيل محكوم بالسيطرة العسكرية الاحتلالية، بالتزامن مع أخطر الاقتراحات، وهو ضم الكتل الاستعمارية الاستيطانية وأجزاء كبيرة مما يسمى منطقة "C" إلى إسرائيل، ومن ثم استخدام هذه الترتيبات الهزيلة غطاء لتطبيع إسرائيلي كامل مع المحيط العربي والإسلامي على حساب القضية الفلسطينية ودون حلها.

إن ما يجري في جبل البابا، وفي منطقة الأغوار، وفي نشاطات الاستيطان الاستعماري وعمليات هدم البيوت والممتلكات الفلسطينية، لا يمكن فصله عن المخططات والمشاريع المشبوهة التي أشرنا لها.

والاستنتاج المنطقي من كل ذلك، هو أننا لا نعيش في مرحلة "حل"، ولا أمل في المراهنة على "المفاوضات وما يسمى عملية السلام"، بل نحن نعيش في مرحلة نضال وكفاح لحماية حقوقنا الوطنية ولتعزيز نضالنا من أجل الحرية والتحرر والعدالة.

وأن جُل الحوار الوطني الفلسطيني يجب أن يتجاوز الانتقال من حيز "صراع وخلاف على سلطة تحت الاحتلال" إلى حيز "الاتفاق على آليات عمل وتمكين السلطة تحت الاحتلال"، وإلى إطار أوسع مضمونه كيفية التوافق على استراتيجية وطنية موحدة ومتكاملة لخوض النضال من أجل حقوقنا الوطنية، وكيفية خلق قيادة وطنية موحدة تقود النضال الوطني الفلسطيني، وهي أمور لامسها حوار القاهرة ولكنه لم يعالجها حتى الآن.

وإذا أريد لذلك الحوار أن يتقدم فعلاً وأن يخلق لدى الناس شعوراً حقيقياً بالأمل، فلا بد من تطبيق أمرين فوراً:

أولا– إلغاء كل الإجراءات التي اتخذت تجاه قطاع غزة والتي لم يعد هناك أي مبرر لاستمرارها.

ثانيا– التنفيذ الفعلي والفوري لما اتفق عليه فيما يخص الحريات العامة ولجنة الحريات والمصالحة المجتمعية وانعقاد المجلس التشريعي، ودعوة إطار تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية.

هناك مخاطر ومخططات تصفية، ويجب أن تقابل بردود فلسطينية حازمة وموحدة، ولا مجال بعد اليوم للتسويف أو الانتظار.

* الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية

back to top