6/6 : مواجهة حرب الشوارع

نشر في 24-11-2017
آخر تحديث 24-11-2017 | 00:27
 يوسف الجاسم انشغلنا جميعاً في الكويت بمسألتين مثَّلتا هاجساً مجتمعياً كبيراً، مع الفارق بينهما في النوع والأهمية والمضمون، هما: البصل المصري، والعقوبات المرورية.

ولعل مبعث ذلك الانشغال الصاخب يرجع إلى الطبيعة التي تميَّزنا بها بين الشعوب، وهي علم كل منا بكل شيء، وفتواه في كل أمر، فغدونا في كل يوم نبحث عن أمر نتجادل فيه ونشبعه بحثاً واجتهاداً في مجالسنا وديوانياتنا ومواقعنا الاجتماعية، لأن الكثيرين منا يعتقدون أنهم الخبراء في كل أمر، ومن حقهم الإفتاء، بل الجزم في قضايا السياسة والاقتصاد والمال والأعمال والقانون والاجتماع والطب والصناعة والطيران والمرور والبناء والتكنولوجيا الرقمية والزراعة، حتى وصلنا إلى الخبرات الناجزة بأنواع البصل! فغدت وجهات نظر بعضنا هي المرجعية، وعداهم لا يفقهون بمجالاتهم شيئاً، وقراراتهم دائماً محل اعتراض، وليس مهماً أن نتفق معهم على شيء، بل المهم أن نختلف معهم في كل شيء!

ما يهمني في الجدل غير المثمر خلال الأسبوع الماضي، تلك الهجمة غير المبررة على الحزم في تطبيق قوانين المرور على عدد من المخالفات، أهمها استخدام الهاتف أثناء القيادة، والكل تحوَّل إلى خبير مروري وإداري وتنظيمي واجتماعي وقانوني، مدعياً عدم صوابية تطبيق العقوبات، دون أن ينظر أحدٌ إلى جسامة آثار المخالفات، وخاصة المتعلقة بالهاتف النقال أثناء القيادة، وما سبَّبته وتسببه من فواجع مرورية أُزهقت فيها أرواح بريئة، وحُصدت أُسر بأكملها في حوادث تسبب فيها مستهتر هنا، أو مستهترة هناك، لم يشاؤوا تفويت ثوانٍ من وقتهم لإرسال رسالة من الهاتف النقال، أو استقبال أخرى، أو تسجيل "سناب شات" سخيف، وكانت تلك الثواني كافية للقضاء على أرواح الآخرين، وتقديمها قرباناً للاستهتار، الذي لا يأبه بقانون، أو نظام، ولا بأرواح البشر، أو إعاقة أجسادهم.

الإحصائيات تضع الكويت في مقدِّمة أعداد ضحايا الطرق نسبة إلى أعداد السكان، وكل ما يهم دعاة الفوضى هو تجميد القانون، وحصر المخالفات بالغرامات المقدور عليها، في سبيل إطلاق أيديهم للعبث بالشوارع، كما يريدون، في حرب لا هوادة فيها ضد الأبرياء.

حسناً فعل وزير الداخلية ومعاونوه، وفي مقدمتهم اللواء فهد الشويع وكيل الداخلية المساعد للمرور، في مواجهتهم لحرب الشوارع، بإعادة الهيبة للقانون، الذي كادت تطيح به الحملة المضادة من بعض المغرِّدين و"البلوقرز" وبعض الكُتاب أو النواب، والذين مع موضوعية بعض ملاحظاتهم، إلا أن ضغوطهم باتجاه تعليق تطبيق العقوبات تُعد في الواقع ترسيخاً لحرب الشوارع المرورية، التي تساوى بارتكابها الوافد مع المواطن، حيث تحسَّس الجميع أنهم في دولة لا يهاب فيها أحدٌ القانون والنظام العام، وبالتالي مَن أمِن العقوبة "أساء قيادة السيارة"، وعرَّض حياة الآخرين للمخاطر المميتة!

نأمل المزيد من المواجهة مع مشاريع الموت في الشوارع التي يرتكبها المستهترون، مثل: السرعة الجنونية، وتجاوز الإشارات الحمراء، واستعراضات الطرق! وستثبت الأيام مدى استقامة الكثير من العابثين، بسبب التشدد في تطبيق العقوبات، وأن دعاة الفوضى ليسوا إلا هواة للجدل العبثي، وبعيدون عن مبدأ "لا تبوق لا تخاف"، وإلا فلماذا يعترض الملتزم على عقوبات لن يرتكب المخالفات المؤدية إليها؟!

***

ملحوظة:

نأمل لمسؤول متميز مثل اللواء فهد الشويع ألا يكون مصيره الإحالة للتقاعد المعجّل، مثل مَن سبقه من المسؤولين الأمنيين المتميزين!

back to top