مركّب في الصويا يحسّن علاج سرطان الثدي

نشر في 24-11-2017
آخر تحديث 24-11-2017 | 00:00
No Image Caption
طالما رُبطت مركبات الصويا بعدد من الفوائد الصحية، من بينها التخفيف من أعراض الدورة الشهرية الحادة، كنوبات الحر. الجديد في هذا المجال أن عدداً من البحوث الراهنة يشير إلى أن الجينيستين، مركب في الصويا، يحمي جينة تكبح نمو الأورام السرطانية.
تعود فوائد الصويا الكثيرة إلى الآيسوفلافونات، وهي مركبات مستخرجة من النباتات تشبه الإستروجين وتؤثر في مستقبلات الإستروجين عند تناولها. كذلك أظهرت تقارير عدة وجود رابط بين الآيسوفلافونات المستخرجة من الصويا وبين تراجع ظهور سرطان الثدي مجدداً، مع أن فوائدها الفعلية ما زالت قيد الدراسة والتقييم.

تناول بحث جديد أجراه أخيراً مركز توسان للسرطان في جامعة أريزونا دور الجينيستين (أحد آيسوفلافونات الصويا) المحتمل في وقف نمو أورام سرطان الثدي.

يذكر الدكتوران دوناتو ف. رومانيولو وأورنيلا إ. سيلمين، اللذان قادا الدراسة، أن الجينيستين يؤدي دوراً حامياً في علاقته مع BRCA1، وهي جينة تكبح نمو الأورام.

(إسكات) BRCA1 يعزِّز نمو السرطان

التاموكسيفين، أحد محرضات الإستروجين (أي أنه يعمل بالاتحاد مع مستقبلات الإستروجين)، دواء يُستخدم غالباً لعلاج السرطان أو تفاديه. لكن عدداً كبيراً من أورام سرطان الثدي يكون سلبي مستقبلات الإستروجين، ما يجعل هذا العلاج الهرموني غير فاعل بما أن هذه الأورام تفتقر إلى تعبير مستقبلات الإستروجين.

عندما لا يفتقر سرطان الثدي إلى مستقبل الإستروجين فحسب، بل إلى مستقبل البروجستيرون أيضاً، فضلاً عن تعبير جينة ترتبط بدورها بنمو السرطان، يُدعى (ثلاثياً سلبياً).

يوضح د. رومانيولو: (في حالة سرطان الثدي الثلاثي السلبي، لا تتوافر علاجات كيماوية مستهدفة). لذلك يؤدي هذا النوع من السرطان غالباً إلى نتائج سيئة، بما أنه عدائي جداً ويقاوم معظم العلاجات المتوافرة. نتيجة لذلك، ربما يقدّم التوصل إلى طريقة جديدة لعلاج نقص غياب مستقبل الإستروجين للباحثين وسائل مبتكرة تتيح لهم مواجهة هذا المرض.

تؤدي جينة BRCA1 دوراً رئيساً في نمو سرطان الثدي. في الجسم السليم، تقوم بدور كابح، فتحمي من نمو الأورام السرطانية. ولكن عندما (تختل) هذه الجينة، يضعف أول خط دفاع في وجه السرطان.

في حالات أخرى، تؤثر المثيلة الجينية (عملية تتصل فيها جزيئات الكربون الفائضة بالجينات) في نشاط BRCA1، ما يجعلها (تسكت). نتيجة لذلك، تصبح هذه الجينة عاجزة عن كبح الأورام.

(إخراج BRCA1 عن صمتها)

في الدراسة، ركّز الباحثون على العلاقة بين مستقبل الهيدروكربون العطري (بروتين تنشطه عوامل مسرطنة بيئية مثل دخان التبغ) وجينة BRCA1.

لاحظوا أن مستقبل الهيدروكربون العطري النشيط (يسكت) BRCA1 ويبطل تأثيرها في الخلايا السرطانية، ما يتيح بالتالي للأورام فرصة النمو والانتشار بحرية.

يوضح د. رومانيولو أن BRCA1 تتفاعل في الأحوال الطبيعية مع مستقبل الإستروجين-ألفا. ولكن عندما تُرغم هذه الجينة على (السكوت)، يختل أيضاً رابطها مع مستقبل الإستروجين-ألفا. لذلك تصبح الأدوية التي تعتمد عادةً على التفاعل بين BRCA1 وبين مستقبل الإستروجين-ألفا (والتاموكسيفين أحدها) غير فاعلة.

لذلك أراد د. رومانيولو وفريقه معرفة ما إذا كانوا يستطيعون تعطيل تأثير مستقبل الهيدروكربون العطري النشيط بغية السماح لجينة BRCA1 باستعادة وظائفها الطبيعية.

استهلاك الصويا طوال الحياة وتراجع السرطان

هنا يأتي دور الجينيستين المستخرج من الصويا. يؤكد د. رومانيولو أن استهلاك الأطعمة التي تحتوي على الصويا بانتظام يرتبط بتراجع خطر سرطان الثدي. وشكّل هذا العنصر الذي زوّد الباحثين بدليلهم الرئيس.

(يرتبط استهلاك الصويا طوال الحياة في حالة النساء الآسيويات بتراجع خطر سرطان الثدي. ويشكّل الجينيستين الآيسوفلافون الأبرز في الصويا، فضلاً عن أنه يعوق بفاعلية مثيلة الحمض النووي)، وفق د. رومانيولو.

أجرى الفريق تجارب في المختبر مستخدماً خلايا سرطانية من أورام ثدي بشرية، ما دفعهم إلى الاعتقاد أن الجينيستين ربما يكون فاعلاً في (إخراج جينة BRCA1 عن صمتها)، كما هو متوقع.

تؤكد هذه الجهود الأولية إمكان استعمال الجينيستين في علاج سرطان الثدي بغية السماح لجينة BRCA1 بمواصلة عملها ككابح للأورام وتجديد التفاعل بينها وبين مستقبل الإستروجين-ألفا. ويتيح هذا الإطار أيضاً للتاموكسيفين بالتأثير بفاعلية في الأورام السرطانية.

ينوي د. رومانيولو وفريقه بعد ذلك اكتشاف ما إذا كانوا يستطيعون محاكاة هذه النتائج في تجارب يُجرونها على الفئران، آملين (في حال حققت التجارب الإضافية النجاح المرجو) بأن يتمكنوا من الانتقال بعد ذلك إلى تجارب سريرية على البشر.

يرغب الباحثون أيضاً في التوصل إلى فهم أعمق لقدرة الأطعمة التي تحتوي على الصويا على كبح سرطان الثدي. فمن الضروري تحديد أطعمة الصويا التي تحمي من السرطان، والكميات التي يجب استهلاكها، وفي أية مرحلة من الحياة يلزم تناولها.

أما السؤال الآخر الذي يطرحه الباحثون، فهو: هل يحصل الطفل على فوائد طويلة الأمد إذا تعرّض للجينيستين عندما يكون جنيناً في الرحم؟

* ماريا كوهوت

back to top