التاريخ السياسي للتشكيل الحكومي 6

نشر في 22-11-2017
آخر تحديث 22-11-2017 | 00:20
 أ.د. غانم النجار كم هي المدة التي يفترض أن يستغرقها تشكيل الحكومة؟ إن كان ذلك التشكيل بعد الانتخابات العامة فالمدة هي أسبوعان لا ثالث لهما، أما في حالة أزمتنا الراهنة، وهي استقالة بوجود مجلس الأمة، ومن ثم إعادة التشكيل، فالإجابة لا أحد يعلم. فالمسألة خاضعة للترتيبات السياسية وأمواجها الباهتة. وكما ذكرت في بداية الأزمة بأنها ستطول لأقصى درجة ممكنة.

كشفت أزمة التشكيل الحكومي في ديسمبر 1964 مبكراً عن اختلال واضح في البناء الديمقراطي، وخلفت جروحاً صعب أن تندمل، كاستقالة رئيس مجلس الأمة، ومطالبة رئيس الوزراء بحل المجلس، وبروز توجه قادر على حرف المسيرة خارج الجادة، واستفحال صراع الشيوخ، مستخدمين المجلس وأعضاءه أدوات لحسم الصراع بينهم. كما أحدثت تلك الأزمة فراغات لاختراق مراكز القوى للنظام الدستوري، وإفراغه من محتواه، وتحويله من نظام واعد للتطور مستقبلاً إلى ملكية دستورية حقيقية، كما كان المتفائلون يظنون، إلى الكثير من الرتوش الشكلية، والقليل من الدسم. الأزمة ذاتها كان بالإمكان أن تكون عادية، كأي أزمة سياسية، لكن توقيتها والتحالفات التي ضمتها، أوجعت البناء وأكثرت الهدم، وصعبت من عملية إعادة التركيب. تسبب زخم تلك الأزمة ونجاح معسكر التفكيك في التفكير بالمزيد من الإجراءات المعوقة للتطور السياسي. وبالطبع، كان رحيل الشيخ العود عبدالله السالم بعد أقل من سنة من تلك الأزمة إيذاناً بفتح الشهية للمزيد من الإجراءات، وهكذا صدرت عدة قوانين مناقضة للدستور، فاستقال على أثرها ثمانية أعضاء احتجاجاً، والعمل على توعية الناس بالعمل الشعبي المباشر. ولم يطل بنا الأمر حتى تم حل المجلس البلدي مباشرة بعد تخصيص ميزانية 200 مليون دينار، ليتم فتح باب التثمين على مصراعيه، على الرغم من توصيات البعثات الدولية بضرر تلك السياسة، وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير، هي التدخل السريع والمكشوف بنتائج انتخابات 25 يناير 1967 . ويبدو أن الديمقراطية الكويتية لم تستعد ذاتها منذ ذلك الحين، حتى بوجود الكثير من النوايا الصادقة، ما ظهر منها وما بطن، على كل المستويات. وعلى الرغم من أن أزمة 1964 كانت كاشفة لاختلالات هيكلية، وتكررت تدخلات وإرباكات أشد منها لاحقاً، فإنها وكونها حدثت في بداية المسيرة، كان لها أثر بالغ. ومع ذلك ظلت عملية تشكيل الحكومات عنصراً أساسياً في إبراز حالة الوهن السياسي الذي عانت منه البلاد ومازالت، كما سنرى لاحقاً.
back to top